الصداقة علاقة اجتماعية تربط بين شخصين أو أكثر على أساس من الثقة والمودة ، والحب في الله هو أعلى مراتب الصداقة بين أي شخصين، ومن أوضح صور الصداقة المتينة وأعلاها مرتبة على مر التاريخ هي الصحبة المباركة فيما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، والتي سطرت أعظم حدث في تاريخ البشرية وهو الهجرة النبوية المباركة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، وقيل وقتها إن الصديق هو الذي طلب الصحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثم بكى حينما وافق النبي صلى الله عليه وسلم على صحبته كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: «فَوَاَللَّهِ مَا شَعُرْتُ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَحَدًا يَبْكِي مِنْ الْفَرَحِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكِي يَوْمئِذٍ».
والصداقة الحقيقية مريحة للنفس والروح وتقوم على الثقة والحب والاحترام المتبادل، وهي سبيل لتحقيق السعادة والبهجة فوجود أشخاص إيجابيين في حياتنا تشعرنا بالسعادة، والدعم، والامتنان، ويُقلّل شعورنا بالوحدة، ويجعلنا أكثر قدرةً على العطاء ومساعدة الآخرين فالكثير من المواقف تختبر الصديق الحقيقي من الصاحب العابر ، وصديق المنفعة وهذه الصداقة تنتهي بانتهاء الغرض منها ، وأخرى تتأسس على الفضيلة والحب الصادق والعشرة الحسنة والتعاون، والإخلاص، والتفاهم ، وهذه تدوم مادامت الحياة فليس هناك ما يمكن أن يقوي من الروابط الاجتماعية أكثر من مشاعر الصداقة ، وهي من أسمى المعاني، وأعلى العلاقات الإنسانية بين البشر، ونظرا لأهميتها وتأثيرها العظيم أصبح لها يوم عالمي يتم الاحتفال به في الـ ٣٠ من شهر يوليو من كل عام .
وإذا تعمقنا في شرح ماهية الصداقة الحقة وأثرها الواضح في حياتنا فنجد أنها تحسن نوعية الحياة والشعور بالسرور والسعادة من خلال المشاركة في الأنشطة مع الأصدقاء ، وذلك لأن الصداقة تشعرنا بمزيد من الراحة والطمأنينة مع تحقيق هويتنا الشخصية وتسهم بشكل مباشرة في تقدير الذات، والثقة بالنفس، والتنمية الاجتماعية ، فالصداقة علاقة اجتماعية وثيقة تقوم على مشاعر الحب ، ويميزها الاستقرار ، والتقارب العمري ، مع توافر قدر من التماثل فيما يتعلق بتيسير اكتساب عدد من المهارات والقدرات والسمات الشخصية المرغوب فيها اجتماعيا ، لذلك قالوا عن الصديق الحقيقي أنه وطن صغير وأخ لم تلده أمك، ونعمة عظيمة لن يشعر بها إلا من عاشها وقدرها ، وهنا يحضرني قول الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه عن الصديق والأخ الوفي :
أُحِبُّ مِنَ الإِخوان كُلَّ مُواتي ، وَكُلَّ غَضيضِ الطَرفِ عَن عَثَراتي
يُوافِقُني في كُلِّ أَمرٍ أريدُهُ ، وَيَحفَظُني حَيّاً وَبَعدَ مَماتي
فَمَن لي بِهَذا لَيتَ أَنّي أَصَبتُهُ ، لَقاسَمتُهُ ما لي مِنَ الحَسَناتِ
sarrys @