مفهوم الإدارة التقليدي وصل إلى منتهاه أو نهايته .. أي بدأت طلائع أفول المديرين بشكلها الحالي ..
منذ 35 عاما تقريبا .. وفي عام 1987 .. تقدم إلي الأستاذ شوقي مشتاق .. مدير عام تدريب التسويق في الخطوط السعودية آن ذاك .. ورفيق الدرب .. تقدم إلي باقتراح لإعادة هيكلة الإدارة وفق رؤية ريادية تحاكي المستقبل ..
وكان أحد هذه التوجهات هو إلغاء مسميات الوظائف الإدارية .. مدير .. ومشرف ..الخ وأن يحل مكانها وظائف بمسمى .. إختصاصي خدمات العملاء .. أو اختصاصي تسويق أو إعلان الخ .. وبعد نقاش مسهب ودراسة تبعات هكذا خطوة .. وبعد تأكدي من وجاهة الفكرة والتوجه ..لم يكن أمامي إلا أن أعتمد التغيير موضوع الإقتراح نظرا لجدارة الفكرة وجدواها ..
وثارت حفيظة مديري الإدارة .. واستنكروا القرار لأن الاعتقاد السائد في تلك الفترة ولا زال .. أن ترقية الموظف إلى وظيفة مدير ومافوق .. يعتبر غاية المنى والرضى والطموح .. الكل كان يسعى إلى ذلك وأنا كنت أحدهم عندما بدأت حياتي الوظيفية ..
إلا أن الملفت .. كان هناك استغراب واستنكار ومقاومة شديدة من إدارات التنظيم في المؤسسة .. وأخيرا تمكنا من إقناعهم بحتمية التغيير وجدواه .. حيث أن المستقبل للخبراء والاختصاصيين والفنانين والمبدعين والرسامين والمهندسين .. ومن يعملون في الورش وعمليات التشغيل والجدولة ومراقبة العمليات الخ ..
هذا وأزعم إن إدارة تدريب التسويق كان لها قصب السبق وأصبحت الإدارة الوحيدة التي لا يرؤسها مدراء بل إختصاصيين لسنوات طويلة. واليوم يعيد التاريخ نفسه .. ويدور الحديث عن طفرة إدارية إنتقالية قادمة تتساءل .. هل نحن في حاجة إلى مديرين؟.
يرى جمهور الموظفين والعاملين في المنظمات ويعتقدون أنهم بإمكانهم أن يؤدوا أعمالهم دون تواجد المديرين أو مراقبتهم .. وهذا ما أثبتته أزمة كورونا الشرسة ألتي أجبرت الموظفين على العمل عن بعد ..
وفي دراسة نشرت ملخصها .. شركة فاست .. أجريت في نيويورك على 3000 موظف .. أن 83 % من الموظفين أجابوا أنهم يستطيعون أداء أعمالهم دون حاجتهم إلى مراقبة أو وجود المدراء ..
وأن النسبة إرتفعت إلى 87 % في صناعة السياحة والضيافة .. حيث أن التكنولوجيا وتطبيقاتها تستطيع أن تضبط أداء الموظفين وتراقب إنتاجيتهم .. بل وترشدهم إلى الإجراءات الصحيحة لخدمة العملاء ..
وتشير نتائج الإستبيان أيضا .. إلى أن 82 % من الموظفين يؤدون الإستقالة بسبب سوء تعاملات مديريهم وعنتهم وعدم العدالة في تقييم الأداء .
وأخيرا .. أرى أن موظفي اليوم من الشباب .. هم قادرون على تعليم وإدارة أنفسهم بأنفسهم .. ولا يحتاجون إلى رقابة أو متابعة وملاحقة من مديريهم .. وأنهم متعاونون في استشارة وتعليم بعضهم البعض .. وأن الذي يحفزهم هو الإنجاز وليس رضى الرؤساء وعبقرية المدراء.