جدة – البلاد
جودة الحياة إحدى المستهدفات الرئيسية لرؤية المملكة 2030، ولأجلها تم إطلاق برنامج طموح في مايو 2018م، لتحسين جودة حياة الفرد والأسرة والمجتمع، من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركة المواطن والمقيم والزائر في الأنشطة السياحية والترفيهية والرياضية والثقافية، وغيرها من مقومات ومناشط ملائمة تساهم في تعزيز جودة الحياة، وتوليد الوظائف للمواطنين والمواطنات، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.
اعتمد وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل مؤخرا، إستراتيجية المدن الذكية، التي تهدف إلى تحويل خدمات القطاع البلدي والسكني إلى “خدمات ذكية”، من خلال استخدام التقنيات الرقمية وتقنيات إنترنت الأشياء؛ لتوفير الخدمات المعزّزة للازدهار الاقتصادي، والاستدامة البيئية، والإشراف الحكومي الفاعل، وفق خارطة طريق حتى 2030 .
وطبقا لبيان الوزارة سيتم إطلاق أكثر من 50 مبادرة في 9 قطاعات، منها: (المواقف الذكية، الأنظمة الذكية للمحافظة على البيئة والتخلص من النفايات، الإسكان والإدارة المجتمعية الذكية، الأنظمة الذكية لإدارة الأراضي والأصول، وتحسين المشهد الحضري، والتخطيط العمراني)، وتستهدف إستراتيجية المدن الذكية ، تحسين جودة حياة المواطنين، تحقيق الاستدامة المالية، وتحسين جودة الخدمات المقدّمة.
ومع انطلاقة برنامج جودة الحياة تمكن البرنامج من فتح آفاق جديدة نحو هذا الهدف ، وخلال أقل من أربع سنوات من الانجاز ، تبلورت الخارطة الجغرافية لمعالم الجودة الحياتية من خلال القطاعات القائمة والمستجدة في مختلف مناطق المملكة والقادم على أرض الواقع من مشروعات ومدن المستقبل ، تعلو اليوم شواهد مراحلها في نيوم والبحر الأحمر والقدية، ومشروع تطوير وسط جدة ، والمشاريع الكبرى في الرياض وغيرها من مشروعات بمدن المملكة في الاتجاهات الأربع.
ويعمل برنامج جودة الحياة على تنويع الفرص الترفيهية، ومنها إطلاق قطاع السينما، وتنظيم الفعاليات الترفيهية والرياضية والثقافية المحلية والعالمية، مثل استضافة رالي دكار الدولي، وافتتاح عدد من المتاحف والمعارض الثقافية والفنية والمهرجانات الموسيقية.
بالتوازي مع ذلك استثمر البرنامج في تأهيل وتطوير الكوادر البشرية في قطاعات جودة الحياة المختلفة، من خلال العديد من الأكاديميات والمعاهد والبرامج التي تُعنى بتطوير المواهب مثل برنامج تطوير صنّاع الأفلام، وأكاديمية مهد الرياضية، وتقديم المنح الدراسية للطلاب والطالبات للدراسة في المعاهد العالمية لدراسة فنون الطهي.
المملكة وجهة سياحية
كما عُني البرنامج بتطوير القطاع السياحي في المملكة، والإسهام بتعزيز مكانة المملكة وجهةً سياحية عالمية. إذ حقق إنجازات ملموسة على هذا الصعيد، منها إطلاق التأشيرة السياحية، وزيادة المواقع التراثية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتوطين المهن القيادية في قطاع الإيواء. كما نجح البرنامج في تفعيل وتمكين دور القطاع الخاص من خلال أتمتة عملية التراخيص لتسهيل أعمال المستثمرين ودعمهم من خلال إنشاء صناديق تنموية مثل صندوق «نمو» الثقافي، وبرنامج «كفالة» لتمويل المشاريع السياحية.
ويواصل برنامج جودة الحياة جهوده في تمكين قطاعات الثقافة والتراث، والرياضة، والترفيه، والسياحة، إضافة إلى قطاع الهوايات. فعلى سبيل المثال، يعمل البرنامج على تمكين مجموعات الهوايات، ودعمهم، وتسهيل إجراءات إصدار تراخيص أندية الهواة، وضمان استدامة هذا القطاع وازدهاره، وكذلك تطوير القطاع البلدي، بما يحقق أفضل مستويات الأنسنة للمدن، وتحسين المشهد الحضري، والارتقاء بالخدمات المقدمة وذلك بهدف تأمين حياة راقية لسكان وزوّار المملكة.
استثمر في السعودية
في هذا السياق وقبل أيام اختتمت وزارة الاستثمار أعمال منتدى «استثمر في السعودية»، تحت شعار «الاستثمار في جودة الحياة»، والذي أقيم في «معرض إكسبو 2020 دبي»، بهدف تعزيز الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين الحكومي والخاص واستعراض جهود المملكة في جذب الاستثمارات النوعية. شهدت أعمال المنتدى جلسات عمل متعددة، سلطت الضوء على الفرص الاستثمارية في قطاع جودة الحياة، ومجالات التعليم وتطوير القدرات وتنميتها، والاتصالات وتقنية المعلومات، والسياحة، والترفيه، والرياضة، والثقافة، وذلك بمشاركة ممثلي عدد من الجهات الحكومية، ضمت كلاً من: وزارة الثقافة، ووزارة السياحة، ووزارة التعليم، ووزارة الموارد البشرية، وصندوق الموارد البشرية، والهيئة الملكية للعلا، وهيئة الحكومة الرقمية، وغيرها من الجهات الأخرى. فقد ناقشت الجلسات، الإمكانات الاستثمارية الكبيرة في عدد من القطاعات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المملكة خلال السنوات الماضية، وذلك في ظل ما تمتلكه المملكة من إرث حضاري، وثقافي، وموارد بشرية ماهرة، وبنية رقمية متطورة، وبيئة أعمال محفزة للريادة والابتكار، وفق رؤية المملكة 2030.
قطاعات حيوية
جلسات المنتدى تناولت النمو المتزايد على قطاع السياحة محلياً وعالمياً، ودور القطاع الخاص في تطوير الفرص الاستثمارية والمشاركة في مشاريع البنية التحتية، وكذلك جهود المملكة في التحول إلى مقصد سياحي عالمي بحلول 2030م ، حيث شهد منتدى «استثمر في السعودية» وبحضور رجال أعمال ومستثمرين وممثلين عن جهات حكومية من مختلف الدول ، عرضاً موسعاً للفرص الاستثمارية في قطاعات حيوية كالسياحة والترفيه والرياضة والتعليم والثقافة ، إلى جانب الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد كشف حسين حنبظاظة، المفوض العام لجناح المملكة في (إكسبو 2020 دبي) عن خطط لتنظيم فعالية خلال الحدث العالمي في شهر مارس المقبل للتعريف بملف استضافة المملكة (معرض إكسبو الدولي 2030 الرياض) والذي يحمل شعار «حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل».
الجناح السعودي في المعرض ، كان بالفعل مرآة حقيقية للنهضة التنموية التي تشهدها المملكة ونافذة تدعو الزوار إلى اكتشافها ، خاصة وأن عدد زوار الجناح بلغ نحو ثلاثة ملايين زائر تعرفوا على قصة المملكة وإنجازاتها وطموحاتها ، وهو ما أكد عليه أحمد العتيبي مدير عام الاستراتيجية والأداء في وزارة الاستثمار، بأن منتدى «استثمر في السعودية» أتاح الفرصة للقاء جميع الدول المشاركة والمستثمرين في مكان واحد، حيث تناولوا الفرص الاستثمارية المتنوعة في المملكة ، خاصة وأن توقعات صندوق النقد الدولي أشارت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في عام 2022 ، بفضل الإصلاحات التشريعية وثقة المستثمرين بالاقتصاد السعودي وما تحققه برامج رؤية 2030 الطموحة من نتائج متقدمة.
وتستهدف المملكة نحو 388 مليار ريال تدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر ، واستثمارات محلية بقيمة 5 تريليونات ريال من برنامج «شريك»، الذي يستهدف الاستثمار في القطاعات الجديدة والواعدة، إلى جانب 3 تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة، متمثلة باستثمارات مباشرة في قطاعات تستهدف التنمية الشاملة عنوانها «جودة الحياة».