متابعات

التسول الإلكتروني.. استجداء بمنصات التواصل

البلاد ـ مها العواوده

انتشرت ظاهرة التسول الإلكتروني عالميا ، مع تطور استخدام الوسائل التقنية، وزيادة أعداد المستخدمين لمواقع التواصل في مختلف البلدان، وأصبح المتسولون يبتكرون طرائق جديدة، بحسابات وهمية وأرقام هواتف غير حقيقية، للوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص، حيث أنه يمكن أن يقتحم هاتفك الجوال رقم من خارج الحدود يطلب مساعدة منك فبعد أن كانوا يتسولون من قبل، بالدعاء، لاستجداء المحسنين، وحثهم على إخراج الأموال، حيث يتزاحمون عند إشارات المرور، وداخل محطات الوقود، وفي الأماكن العامة، والمساجد، ويتخفون خلف شخصيات وأشكال مختلفة، بملابس رثة وعاهات مختلفة ، ففي الراهن استخدموا أساليب جديدة وسيناريو تتكرر تفاصيله، وتتغير أبطاله كل ثم وصلوا إلى التقنية الحديثة وامتلاك جهاز متقدم، واشتراك بـ”الإنترنت”. “البلاد” تحاول الكشف عن بعض قضايا التسول الإلكتروني، وكيفية استدراج الضحايا، وطرائق محاربة ألاعيب النصابين.

بداية أوضح أستاذ القانون الجنائي المساعد بمعهد الادارة العامة بالرياض الدكتور أصيل الجعيد أن قانون مكافحة التسول الجديد الذي صدر مؤخرا جاء في أهم نقاطه تعريف التسول حتى في وسائل التواصل الاجتماعي فقد عرف المتسول في المادة الأولى الفقرة الخامسة “مَن يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت”.

منصة إحسان
وتابع الجعيد: بهذا التعريف الجامع المانع نتصدى لحالات التسول الالكتروني وعصاباتها التي تستجدي عواطف الناس وتستغلهم استغلالا بشعا فمن يريد التبرع فلديه مبادرة فرجت عن طريق تطبيق أبشر ولديه منصة إحسان بل أن منصة إحسان منحت إمكانية أن تتصدق عن إنسان عزيز لك وترسل له المنصة رسالة بذلك فقد وفرت دولتنا الغالية كل سبل التبرعات وبطرق نظامية ومن منبركم الرصين أدعو الجميع لعدم التبرع إلا عن طريق منصات حكومية معتمدة وجمعيات مرخصة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتبذل الوزارة جهوداً جبارة في حوكمة الجمعيات بل لديها مؤشرات خاصة بذلك وفرق حوكمة تزور الجمعيات بشكل منتظم. مؤكدا أنه يمكن التبليغ عن المتسولين الكترونيا عن طريق أقسام الشرطة أو في تطبيق كلنا أمن. وأن العقوبات التي حددها قانون مكافحة التسول صارمة، حيث حددت المادة الخامسة العقوبات من السجن لمدة لا تزيد عن ٦ أشهر وغرامة لا تزيد عن ٥٠ ألف ريال أو بالعقوبتين معا حسب حثيثات القضية فهناك ظروف مشددة كمن يستغل طبيعة عمله أو ظرف مخفف كأول سابقة جنائية له بل حسب المادة الخامسة الفقرة الثالثة.


يبعد عن المملكة كل مَن عوقب من غير السعوديين -عدا زوجة السعودي أو زوج السعودية أو أولادها- وفقاً لأحكام الفقرتين (1) و(2) من هذه المادة بعد انتهاء عقوبته وفق الإجراءات النظامية المتبعة، ويمنع من العودة للمملكة؛ باستثناء أداء الحج أو العمرة.
كما أوضح أن قانون مكافحة التسول لم يغفل الجوانب الإنسانية حيث تدرس وزارة الداخلية مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر مختصيها الحالات الإنسانية الفعلية التي تحتاج تدخلا عاجلا حسب المادة الرابعة ويكون هناك قائمة بيانات لدى وزارة الداخلية عن من يمتهن التسول.


ظاهرة مزعجة
إمام وخطيب أحد المساجد بالرياض الشيخ محمد السبر قال إن «التسول الإلكتروني» عبر وسائل التواصل، يجعل من يتستجدي منتقلا من عالم الواقع إلى العالم الافتراضي لسهولته وتنوع طرقه.
مؤكدا أن حالات التسول كثرت في منصات التواصل بصورة لافتة، حيث اصبحت ظاهرة مزعجة للكثير برسائل واتصالات واستعطاف بادعاء الحاجة والفقر على أنه مواطن أو مواطنة او في احدى المخيمات أوممثلا لجمعية خيرية ومعظمهم وأغلبهم محتالون وكذابون.

لافتا إلى أن هذه الطرق الاحتيالية لجمع التبرعات، وتحويلها لجهات داخلية أو خارجية، مخالف للأنظمة والتعليمات، وقد يكون مصدرًا لتمويل شبكات الإرهاب وغسيل الأموال فهي تعرض أمن الوطن والمجتمع للخطر، مؤكدا أن محاربة «التسول الإلكتروني» عبر وسائل التواصل مطلب مهم حتى لو ثبتت حاجة المرسل فهناك جمعيات خيرية بكافة تخصصاتها وهي المخولة بدراسة الحالات ودعمهما وفق اطر نظامية ومشروعة وعن طريقها يتم التحقق من دعوى هؤلاء.والواجب الحذر وبيان خطورة هذه الطرق الاحتيالية وعدم الاستجابة لمن يناشدون لسداد الفواتير والايجار او أو الدعم المادي والعيني خاصة تلك الحسابات والشبكات المجهولة التي تستتر باسماء وهمية.
وتابع: لذا لا أرى التعاطف مع أية حالة مهما كان مبررها، ومصدرها ، ويمكن للمحتاجين طرق الأبواب النظامية والرسمية والابلاغ عن تلك الممارسات للجهات المعنية.


تجارة سهلة
من جانبه يقول الدكتور أسعد صبر استشاري الطب النفسي في إحدى العيادات بالرياض إن ظاهرة التسول الإلكتروني انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير في العالم أجمع ، ولا شك أن التسول يعتبر إهداراً لكرامة الإنسان، كما أنه بداية طريق الانحراف، والتسول سلوك يدفع الشخص إلى جرائم كالسرقة وارتكاب جرائم أخرى.مشيرا إلى وجود عدة أسباب لانتشار ظاهرة التسول في المجتمع أبرزها : ضعف القلوب وعدم الإيمان بأن الرزق بيد الله وحده واعتبار البعض التسول تجارة سهلة الربح، فهم يحصلون على المال بلا عمل أو تعب، وتتوارث مهنة التسول عبر الأجيال، حيث اتخذها البعض مهنة من آبائهم، ومثل هؤلاء لا يشعرون أن التسول فيه إهدار للكرامة أو أنه عيب.
وكذلك الإدمان على المخدرات، فالمدمن عندما لا يجد المال يدفعه ذلك للتسول للحصول على ما يريد، ويصل به الأمر لارتكاب الجرائم أيضاً وأحيانا يكون المرض سببًا في التسول بسبب التكلفة المرتفعة للعلاج يضاف إلى ذلك قد يكون سبب التسول مرضًا نفسيًا يعاني منه المتسول.

وتابع: لأننا الآن في عصر السوشيال ميديا، ظهر لنا ما يعرف بالتسول الإلكتروني أو الاستعطاف بالسوشيال ميديا، فلم تعد عبارة “لله يا محسنين” أو ” أي حاجة لله” تقتصر على جملة شفهية يلقيها المتسول على مسامع المارة في الشوارع أو الطرقات، بل تخطتها مستعينة بالتقنية الحديثة لينتشر التسول عبر منصات التواصل الاجتماعي عن طريق ارسال رسائل مجهولة المصدر لبعض الأشخاص، وتتخذ هذه الرسائل أشكال مختلفة منها، الادعاء بطلب التبرعات من أجل عمل خيري، أو طلب تسديد فواتير الماء والكهرباء أو وصفات الدواء، ومعظم الرسائل من خارج المملكة.


واستطرد أن أسباب انتشار التسول الالكتروني متعددة أبرزها الفضاء الالكتروني وهو سبب رئيسي لسهولة التسول بالمراسلة عن طريق الواتس اب أو تويتر أو انستجرام وسهولة التحويل الدولي أو المحلي فضلا عن ثقة المحسنين في بعض القضايا والمساهمة في حل المشكلات خاصة وأن التسول الالكتروني يغيب هوية المتسول.
وعن تحليل نفسية المتسول الكترونيا يقول: يستخدم المتسول الاستمالات العاطفية بذكاء شديد بإثارة المشاعر الانسانية فهو أقرب للنصب منه للتسول، باستخدام النصوص الدينية التي تحث على العطاء والتضامن والصدقة، وهنا يركز المتسول باللعب علـى وتر العاطفة والغريزة الإنسانية وصولاً إلى الهدف الاحتيالي.
مؤكدا أن الاعلام يلعب دورا مهما في التغلب على مثل هذه الظاهرة من خلال زيادة الحملات الاعلامية التوعوية التي تهدف لإرشاد المواطنين بالمؤسسات الحكومية والقنوات الشرعية الموثوقة المعنية بتقديم المساعدة والدعم ، فضلا عن تثقيـف المجتمع السعودي بعدم الانسياق عاطفيًا وراء هـذه الظاهـرة الاحتياليـة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *