البلاد ـ مها العواودة
حذر مختصون من متلازمة ” فومو ” التي تم وصفها بأنها إدمان سلوكي لمواقع التواصل الاجتماعي يتسبّب في إهمال رواد مواقع التواصل الاجتماعي لأعمالهم وأنشطتهم ما يجعلهم يتابعون ما يتم نشره في مواقع التواصل بلهفة ويشعرون بالخيبة إذا فاتهم مشهد أو حادثة في هذه المواقع، لافتين إلى أن “متلازمة فومو” تعني رغبة الشخص ليكون في كل مكان بمنصّات التواصل، بالمشاركة في الهاشتاقات والتفاعل مع المنشورات والتعليق عليها وغيرها ومتابعة الجميع لمعرفة تفاصيل حياتهم. واستطردوا أن النموذج الآخر من مصابي هذه المتلازمة على منصات التواصل، هم متابعو أخبار كل المشاهير، ومحور حياتهم الأحداث القائمة، وربما تقليد المشاهير والالتصاق الشديد بمنصات التواصل ما يجعل الفرد يهمل عمله والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، موضحين خطورة المقارنة بالجميع على منصّات التواصل وتأثيرها السلبي على هؤلاء الأشخاص.
بداية أوضحت بثينة باعباد مستشارة تربوية تقول إن الفومو تعني “الخوف من أن يفوتنا شيء” على منصات التواصل الاجتماعي وترى أن غالبية مستخدمي التواصل الاجتماعي يعانون من هذه المتلازمة وخوفهم من فوات أي أمر في السوشيل ميديا وخصوصا المراهقين لانهم يعتبرون هذه المواقع مكان تفريغ لهم وبكل سهولة دون ضغط من أي أحد ولا مراقبة لهم لذلك يحرصون على وجود هواتفم ومتابعة هذه المواقع بكل حرص التي تعطيهم كل المعلومات بكل يسر وسهولة وايضا متنوعة من شتى بقاع العالم.
وايضا يعاني من هذه المتلازمة بعض كبار السن حيث تعتبر لبعضهم نوعا من الهروب عن الواقع والخروج لعالم افتراضي يسعدهم فيكون لديهم الشغف لمتابعة كل جديد بغض النظر عن صحته وفائدته ويكون نومهم على آخر اخبار هذه المواقع الافتراضيه وصباحهم بأول الأخبار من هذه المواقع.مؤكدة أن كل ذلك يؤثر سلبا ويلقي بظلال قاتمة على الأسرة وكل فرد فيها.
إدمان سلوكي
كما أوضحت باعباد أن هذه حالة إدمان سلوكي تفصل صاحبها عن الواقع ليعيش في واقع افتراضي موازٍ له،وهي مسأله ترجع لقناعاتهم في انه امر سيء يخرجهم من الحياة الحقيقية للعالم الافتراضي المجهول تبعاته.
وتابعت: لا ننسى دور الوالدين في التربية والتي تبدأ منذ السنوات الاولى في حياة ابنائهم بتقنين استخدام الجوال حتى يتعود الطفل على هذا السلوك ويصبح استخدامه شيئا بسيطا، وفي المقابل يكون وقته مفيدا ببرامج وانشطة حركية وذهنية تشغله عن استخدام الهاتف ومواقع التواصل التي يعرض فيها الغث والسمين للاسف”.
وعن مدى تأثير الاندماج في الواقع الافتراضي على الحياة الأسرية قالت:” عندما ينشغل الزوجان عن حياتهم الاساسية في تكوين اسرة واعية وتربية ابناء متزنين واستبدالها بعالم افتراضي يؤدي لمضيعة الوقت والجهد بالاضافة لاكتساب معلومات قد تكون غير صحيحة وتكون مؤثرة في حال تم تطبيقها.
هنا يكون تأثير هذا العالم الافتراضي مدمراً وتصبح الحياة صعبة وخصوصا اذا عاشوا لحظات مقارنة حياتهم بالحياة الافتراضية التي تشعرهم دونا باليأس وعدم مقدرتهم لتحقيق هذه الحياة والعيش في رفاهيتها التي يتمتع بها غيرهم.
كل ذلك يؤثر في نفسياتهم التي تؤثر على سير حياتهم وايضا على تماسك اسرتهم.
وتابعت: اذا لم يتم عمل كونترول للعالم الافتراضي والقناعة بان ليس كل ما يعرض فيه صحيح يصل الشخص فيه للادمان ويصبح شغله الشاغل في معرفة كل شيء من خلاله وتقيم حياته وتعاملاته وسعادته من خلال هذا العالم الافتراضي”.
عزلة الفرد
الاخصائية النفسية الدكتورة سوزان سنبل تؤكد أن هذه الظاهرة تترتب على التعلق الشديد للأشخاص وادمانهم على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لإشباع رغبتهم في تواجدهم الدائم في مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار أنهم اشخاص مهمون ورأيهم مسموع ومتابع.
وترى أن هذه الظاهرة زاد انتشارها فترة أزمة كورونا حيث كانت معظم حياة الأشخاص وتواصلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبالقناعة التي يرغب بها الشخص وتشبع رغباته ومن هنا خطورتها حسب قولها.
لافتة إلى أن هذا الإدمان يدفع بصاحبه للعزلة وعدم الرغبة في المشاركات والحوارات والحديث المباشر حيث يجد صعوبة في التكيف مع الظروف المحيطة به يصاحبه قلق واكتئاب وأعراض فيزيائية مثل التعرق وسرعة نبضات القلب وشهية زائدة أو فقدان الشهية.
وتضيف “من أبرز الاضطرابات النفسية المصاحبة لهذه الظاهرة القلق المزمن والتأتأة والميل للعنف والعدوان وهذا من شأنه أن يفقدهم الكثير من العلاقات الاجتماعية”.
وحول طريقة العلاج .. تؤكد أن العلاج يكون سلوكيا معرفيا وفي حال كان هذا الإدمان ظرفيا “بسبب ظروف مثلا أزمة كورونا” فهنا يكون الأمر أسهل ويكون التعافي أسرع ولكن في حال كانت الشخصية غير قادرة على التخلص من المشكلة لابد من اللجوء لمختص للبدء بعلاج علمي ونظري.
هوس الاشخاص
وافقتها الرأي عبير خياط أستاذ مساعد قسم علم النفس كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز والتي أكدت أن هذا الإدمان يعني هوس الأشخاص بمواقع التواصل الاجتماعي خاصةً عن حالة تدفعهم في أن يكونوا على اتصال دائم فيهل خوفاً من فوات اية مناسبة والتأخر عن المشاركة فيها، ينتج عن هذه الحالة الشعور بالقلق والخوف من فقدان علاقات نشأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
خسائر صحية
المستشار التربوي والاجتماعي الدكتور أحمد المسند حذر من خطورة أضرار هذا الإدمان السلوكي وتسببه بخسائر صحية ونفسية واجتماعية.
مشيرا إلى أن من يقعون ضحية هذه المتلازمة غالبا هم بعمر ١٨ إلى ٣٠ والمراهقين الأكثر تأثرا و كذلك بعض كبار السن الذين يفتقدون غالبا للرعاية والاهتمام من قبل أسرهم. لافتا إلى وجود فرق بين المصاب بهذا الإدمان السلوكي ومن يستخدم الأجهزة للاتصال وتقوية العلاقات الاجتماعية والبحث عن المعلومات.
وفي حديثه عن إحدى الحالات.. قال إن أحد الطلاب المبتعثين أصيب بهذه الملازمة ما أثر على بعثته ودراسته وبسبب هذا الإدمان أصيب بعزلة فقطعت بعثته.
وحول إصابة المراهقين بهذه الملازمة، أكد أن انعكاسها يعود عليهم بالسمنة أو النحول وضعف البصر والشحوب وبشكل عام إصابة صاحبها بآلام الرقبة والأعصاب.
كما أوضح أن المشاكل الاجتماعية قد تكون سببا عند بعض الحالات للإصابة بمتلازمة فومو.
وفي هذا الموضوع أشار إلى وجود دراسة كشفت عن أن نصف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعانون من متلازمة فومو.
في حين بينت دراسة أخرى أجريت على ادمغة عدد من الطلاب الجامعيين المدمنين لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك تشابها بين المدمنين للمخدرات ومدمني مواقع التواصل الاجتماعي.
مشكلة نفسية وعقلية ” كادر ”
الفومو – بحسب دراسة أمريكية-، هي مشكلة نفسية وعقلية، تعني الإجهاد العقلي الناجم عن الخوف من فقد الأشياء أو الأشخاص، فإدمان السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي تشعر الكثيرون بالخوف.
يجعل هذا المرض الشخص يمسك بهاتفه كل 3 دقائق على الأقل، لتفحص مواقع التواصل الاجتماعي، والمنشورات الخاصة به، والتعرف على أحدث المستجدات.
وفقًا للدراسة، يتسبب مرض الفومو أو التعلق بالسوشيال ميديا، في إحداث اضطراب نفسي وجسدي لمستخدمي مواقع التواصل، إذ يدفعهم إلى الغضب الشديد والعصبية.
كشفت دراسة أن أكثر من نصف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعانون من متلازمة «الفومو»، وحوالي 27 % يقومون بتفقد حساباتهم بمجرد أن يستيقظوا من نومهم.
كما أن 56 % من مستخدمي مواقع الوشيال ميديا- وفقًا للدراسة أيضًا-، يشعرون بأن شيئا ما ينقصهم عند الابتعاد عن حساباتهم على مواقع التواصل، ما يجعلهم حريصين على الاستمرار في متابعة تلك الحسابات.