جدة ـ ياسر بن يوسف
توقع اقتصاديون ومختصون أن تقود القفزة الكبيرة التي تعيشها السعودية في التحول الرقمي إلى قائمة الصدارة العالمية في الاتصالات، على خلفية التقارير العالمية المحايدة الأخيرة التي وضعت المملكة في المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في “التنافسية الرقمية”، والأولى عالمياً في سرعة الجيل الخامس بالانترنت، وتقدمها اللافت في مؤشر الحكومات الإلكترونية.
وأكدوا أن التحول الكبير الذي تشهده المملكة في السنوات الثلاث الأخيرة، يترجم أهداف رؤيتها 2030، وطموحات القيادة في الدفع بالسعودية للمكانة التي تستحقها على مختلف الأصعدة، والتفاعل مع استحقاقات الثورة الصناعية الرابعة.
بداية يؤكد المستشار الاقتصادي والقانوني هاني الجفري أن الأرقام توثق إنجازات المملكة، مشيرا إلى أن التصنيف الأخير في تقرير التنافسية الرقمية لعام 2021 الصادر عن المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، يشير إلى أن السعودية قفزت إلى المرتبة الثانية عالميا بين دول مجموعة العشرين، وقد بنى التقرير بياناته، وفقا لمؤشر التنافسية العالمي ومن البيانات الداعمة المقدمة من البنك الدولي والاتحاد الدولي للاتصالات، وهو يمثل أهم اعتراف دولي في هذا المجال، حيث تقدمت المملكة 20 درجة في المؤشر العام، مقارنة بالعام السابق، كما تقدمت 86 درجة في محور النظام البيئي الرقمي متصدرة دول العشرين، وحققت المركز الثالث في محور القدرات الرقمية بين المجموعة، وهو ما يبرهن على الريادة الرقمية، ومحافظتها على مراكز الصدارة في مختلف المؤشرات.
ولفت إلى أن هذا التميز لم يأت من فراغ، بل نتيجة البراعة الكاملة في تنفيذ استراتيجية قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات التي اعتمدها مجلس الوزراء في عام 2019، لتحقيق أهداف رؤية الوطن في القطاع، وانعكاساً للقفزات النوعية التي حققتها المملكة على مستوى البنية التحتية للاتصالات، وتنمية القدرات الرقمية، والمشاريع الرقمية الضخمة، إضافة إلى تطور التنظيمات والتشريعات لهذا القطاع.
خارطة طريق
من جانبه أرجع الاقتصادي سعيد علي البسامي الطفرة الكبيرة التي تعيشها السعودية في مجال التحول الرقمي، إلى خريطة الطريق الواضحة التي وضعتها القيادة عبر رؤية المملكة 2030، حيث ضخت السعودية استثمارات هائلة في هذا القطاع تزيد على 55 مليار ريال، وهو ما أسفر عن رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت في البلاد، وأصبحت الدولة الأولى عالمياً في سرعات الجيل الخامس، ومن ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في سرعة الإنترنت المتنقل، كما دفعت الرؤية إلى وضع إستراتيجية شاملة لمواكبة المتغيرات المعاصرة، ومواجهة أيّ تحديات مقبلة، استندت إلى تطوير شامل وواسع في التعامل مع المعطيات التكنولوجية الخاصة بثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصال الحديثة، ما يسهم في دفع اقتصاد المعرفة، وأسفر عن رفع مستوى متوسط سرعة الإنترنت في السعودية، في ظل امتلاك كوادر مؤهلة وبنية تحتية قوية مكّنتها من الصعود لطموحاتها الاقتصادية في عصر التطور الرقمي.
وشدد على أن المعدل الكبير للتحول الرقمي الذي تعيشه السعودية في جميع القطاعات يؤهلها إلى الصدارة في هذا المجال، فهي الدولة الاكثر نموا في قطاع الاتصالات وفقاً للمؤشرات العالمية، حيث باتت مؤهلة لقيادة المستقبل الرقمي بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة مع تفعيل التقنية والتكنولوجيا الحديثة عبر إطلاقها تقنية الجيل الخامس، قبل كثير من دول العالم، مما سيوفر بحلول 2030 أكثر من 20 ألف وظيفة جديدة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ويسهم في دعم الاقتصاد المحلي بأكثر من 19 مليار دولار، ويرفع نسبة توطين الوظائف في القطاع إلى 50 %.
الصدارة قريبة
ويرى الاقتصادي أحمد الرويلي أن المملكة قريبة جداً من تحقيق المرتبة الأولى في التنافسية الرقمية على مستوى دول مجموعة العشرين خلال السنوات الثلاث الماضية، وتقدمها 40 مركزاً في مؤشر البنية التحتية الرقمية، بعدما حققت المركز الثاني في عام 2021، ويشير إلى أن جائحة كورونا عملت على تسريع وتيرة التحول بشكل هائل في فترة وجيزة، حيث أسهمت في إحداث تغيير كبير في جميع القطاعات، ولعبت التقنية دوراً محورياً متنامياً في المملكة، لافتا إلى أن تقارير الاقتصاد الرقمي حققت نمواً مذهلا في الفترة الماضية، وحققت المدفوعات عبر الإنترنت نمواً بنسبة 95 % في العامين الماضيين.
ويعتبر الاقتصادي سعيد خياط أن أكبر إنجاز حققته المملكة في السنوات الماضية هو التحول الرقمي، ويقول: “لقد ارتقى تصنيفنا بين الحكومات الإلكترونية 15 مركزا في مؤشر القدرات ورأس المال البشري، وتقدمنا للمركز 35 عالميا، وباتت الرياض في المركز 31 في التنافسية بين مدن العالم، ونشعر بالبهجة نظير ما تحقق من قفزة كبيرة للمملكة بين الحكومات الإلكترونية، والمؤشرات التي تصدر من المنظمات الدولية تؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح، فقد قفزت المملكة قفزات نوعية للوصول إلى مجتمع معلوماتي واقتصاد رقمي، إلى جانب تحقيق معدلات عالية من الرفاهية للمواطن والمقيم وتسهيل أمور حياتهم المعيشية، وقد ساهمت رؤية المملكة 2030 في تسريع عجلة التحول الرقمي، وقادت إلى نقلة نوعية على صعيد “الرقمنة” في جميع الوزارات والجهات الحكومية”.