البلاد – مها العواودة
تنفذ مليشيا الحوثي الإرهابية حملة اعتقالات واسعة للمدنيين في مختلف المناطق، من بينها مأرب وتعرضهم لأسوأ أنواع التعذيب، بينما تزرع الألغام في طرق المحافظات التي تسيطر عليها ما يجعل الأجساد عرضة للخطر، إذ تمزقت أجساد أطفال ونساء، وعانى أهاليهم الأمرين بعد رؤيتهم يتقطعون جراء انفجار الألغام.
وأكدت نائب رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات مسؤول وحدة التدريب والتأهيل بمؤسسة تمكين المرأة، أمة الرحمن ناصر المطري لـ”البلاد”، فظاعة جرائم الحوثي المتواصلة بحق اليمنيين والتي تقوض استقرار اليمن، كاشفة عن جملة من الجرائم التي ارتكبتها المليشيا الحوثي بحق المختطفين في سجونها، مشيرة إلى وجود الآلاف من المختطفين منذ سنوات والمخفيين قسرياً، وهي جريمة دولية يجرمها القانون الدولي الإنساني، وجميع المواثيق الدولية. وأضافت: “الحوثيون يستخدمون أبشع أنواع التعذيب، في سجونهم السرية، وغير السرية، فبالإضافة إلى السجون التي كانت تابعة للدولة وأصبحت تابعة للحوثي استحدثت المليشيا سجونا جديدة في المنازل التي احتلتها وصادرتها، وهي منازل لمسؤولين في الدولة ولمعارضين للمليشيا”، مبينة أن أساليب الالتعذيب تشمل وضع ما يقارب 20 حجر بناء على ظهر المختطف، وخنقه وضربه بالعصي الغليظة، بما في ذلك المرضى وكبار السن، الذين يتم تقييدهم بالسلاسل.
وأشارت المطري إلى أن من بين أساليب التعذيب الحوثية المكوث في زنزانة انفرادية ضيقة متر في متر، لفترات طويلة مما يسبب حالة نفسية للمختطفين، والمنع من دخول دورة المياه سوى مرة واحدة في اليوم الأمر الذي أدى إلى إصابة الكثير من المختطفين بأمراض الكلى والمسالك البولية، مؤكدة أن الحوثيين استخدموا كلّ طرق التعذيب، بدءا من الإهانة والضرب التي تصل مع بعضهم حدّ التعذيب الذي يفقدهم حياتهم، إلى التصفية، كما حدث مع عدد من المختطفين الذين قتلوا تحت التعذيب وآخرين بضرب الرصاص أثناء التحقيق معهم في سجون الحوثي، فضلا عن الإهمال الطبي لأصحاب الأمراض المزمنة، ورفض الكشف عنهم والفحص الطبي لحالاتهم المرضية ما جعل كثير من المختطفين يفقدون صحتهم، بعضهم أتلف كبده، أو أصيب بالشلل، أو فقد السمع أو إصابات في البصر، ومنهم من تعرّض جزء من جسمه للشلل الكلي والجزئي، وبعض المختطفين تعرضوا لإحراق أعضائهم التناسلية، والضرب بالحجارة في منطقة الكلى، بعد علم عناصر المليشيا بأن بعض المختطفين مصابين بمرض الكلى، مع سكب الماء عليهم، وطرحهم في العراء حتى تتجمد أطرافهم من شدة البرد.
وتابعت “تستخدم مليشيا الحوثي في زنازينها الصعق الكهربائي، والضرب حتى فقدان الوعي أو الموت، وتعليق المعتقل من اليدين أو الأرجل، في سقف الغرفة، ومنع الطعام والشراب لفترة تصل إلى يومين وثلاثة أيام، مع الإبقاء في تقييد بالسلاسل طيلة فترة الاختطاف. فضلا عن ذلك عمدت جماعة الحوثي على نهب أموال المعارضين لها ومصادرة ممتلكاتهم واستثماراتهم مما أدى إلى تعطل الكثير منها وإغلاقها والذي تسبب في مآسي لمئات الأسر نتيجة تعطل المئات من العاملين في هذه المؤسسات التجارية، ولا تزال حتى اللحظة تنهب أموال وممتلكات الخصوم السياسيين، ووضع ما يسمى بالحارس القضائي الذي يتسلم كل تلك الأموال والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، والاستحواذ عليها من قبل قيادات الجماعة، ومؤخراً ألحق مجموعة من هؤلاء الذين ينهبون الأموال بلائحة العقوبات في مجلس الأمن بسبب هذه الجرائم”.
وبينت المطري، أن مكتب حقوق الإنسان عبر وحدة الرصد والتوثيق، رصد ما يقارب 5400 انتهاك بحق أموال وممتلكات المعارضين لجماعة الحوثي شملت قيادات سياسية وحزبية وأكاديميين وقيادات عسكرية وناشطين وسياسيين لقمع وإرهاب المجتمع وتخويفهم من حقهم في حرية الرأي والتعبير ونقد سلوك المليشيات في نهب مقدرات الدولة ونهب الأموال.
وحول موقف المجتمع الدولي من تلك المآسي قالت المطري: إن المجتمع الدولي للأسف الشديد موقفه مخجل للغاية، والمنظمات الأممية لم تتجاوز مربع الصمت، بل تعد داعمة لجماعة الحوثي عبر مختلف الأنشطة، والفعاليات منها دعم طباعة المنهج المدرسي، الذي تم تحريفه وتغييره بما يتوافق مع معتقدات وأفكار جماعة الحوثي، والتي تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتدعو إلى الفرقة والعنف والقتل وسفك الدماء، ودعم الكثير من مناشط الحوثيين عبر لافتات متعددة، وهو الأمر الذي يتطلب حزماً، تجاه هذه المنظمات المتواطئة مع الحوثيين، مؤكدة تواصل معاناة النازحين في اليمن بسبب الحرب الدائرة، وأضافت: النزوح كارثة إنسانية عظمى حيث تفاقمت موجات النزوح في اليمن بسبب الجرائم والاعتداءات الغاشمة التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الإرهابية على مدار سنوات حربها العبثية القائمة منذ صيف 2014 لذلك لجأ الكثير من اليمنيين للهروب من الموت. وروت المطري لـ”البلاد”، بعض القصص الإنسانية التي تظهر عمق المأساة لأسر في خيام في صحراء قاحلة وتحديدا في مخيمات: الخير، الميل، الخراشي، والسويدا، التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة من خدمات كالماء والكهرباء والصحة والتعليم، وغيرها من نقص في الغذاء والكساء والفراش متحملين حرارة الصيف وبرد الشتاء في ظروف قاسية جدا. وقالت إن هناك أماً فقدت زوجها في اشتباكات عنيفة بإحدى المحافظات ولجأت إلى المخيمات العشوائية في محافظة مأرب، تشتكي من الجوع أطفالها ليلا ونهارا، معبرة بحزن عن عجزها في تأمين”اللقمة” لهم، فيما يطمح أحد أطفالها في الحصول على دراجة، للتجول فيها داخل المخيم. مضيفة: تعيش الأم وأطفالها في خيمة مهترئة، مؤكدة أن الحياة صعبة جدا والأصعب رؤية أطفالها يعانون من فقد الأب والمنزل والطعام.
وأشارت المطري، أن المخيمات تعاني من شح شديد في الغذاء والماء والدواء والفرش والأغطية ومستلزمات الحياة الأساسية الأخرى التي باتت شبه منعدمة، ما يزيد معاناة النازحين الذين هربوا من جحيم الحرب إلى مأساة المخيم، فعلى عتبات المخيم ترى أطفال في حالة رثة وملابس ممزقة متسخة، فيما يترقب آخرون نارا يوقدها ذويهم بالحطب ونفايات البلاستيك أحيانًا نظرًا لانعدام الحطب، لعل القدور المتهالكة التي تحفها الأحجار، تجود بالقليل مما يسد رمق صغار أجسادهم نحيلة، داعية المنظمات المانحة إلى ضرورة الالتفات لهم وبذل دور حقيقي لتغيير واقع نازحي المخيمات، الذين يعانون جراء انعدام الغذاء والملابس والفراش والأغطية وتوفير احتياجاتهم الضرورية من الخيام ودورات المياه والمواد الغذائية.
ولفتت المطري إلى أن هناك قصة أخرى لثلاثة أطفال قتل الحوثي والديهم بالصواريخ يعيشون داخل المخيم مع أقربائهم، ما ترك جرحا عميقا في دواخلهم بفقدهم للوالدين والمأوى، رواية قصة إحدى المهجرات قسريا في محافظة الجوف، مبينة انها تذرف الدموع على طفليها اللذان ذهبا لرعي الأغنام وتأخرا في العودة وهي لم تكن عادتهما، مضيفة على لسانها: شعرت بشيء داخلي أن طفلي قد حصل لهما مكروه، ذهبت لأبحث عنهما فوجدتهما أجزاء مقطعة فقد مزقتهم ألغام الحوثي.. أخذت بقية أطفالي ونزحت إلى مأرب لأعيش في خيمة.