لكل ميدان أبطال، على أكتافهم يقوم، وبسواعدهم ينهض، وبعقولهم ينمو ويتطور، وبجهودهم يصل إلى غاياته المنشودة.
وميدان الدبلوماسية الإنسانية بسماته التي يتسم بها من عالمية، واستقلالية، وعلاقات متسعة ومتشعبة، والعمل في ظروف استثنائية وطارئة، وخلو أهدافه من تحقيق الربح المادي، إن هذا الميدان بهذه السمات لا يصلح أن يقوم بمهماته نوع تقليدي من البشر، بل يتطلب نوعية فريدة من الكوادر البشرية، لها سماتها المختلفة، وخصائصها المميزة التي تؤهلها للقيام بما يوكل إليها من مهام في مجال العمل الإنساني.
وأول هذه السمات التي يتميز بها الدبلوماسي الإنساني الناجح (الاستعداد النفسي)، فهو حجر الزاوية الذي يمد العامل في هذا الميدان بالزاد والماء والهواء الذي يؤهله لمواصلة المسيرة، والتميز بالنفس الطويل، والاستمرارية.
ثم بعد ذلك يأتي دور (الإيمان بالقضية) التي يعمل من أجلها، فالعامل في المجال الإنساني لا ينتظر ربحًا، ولا يهدف إليه، بل إن خوضه لهذا المجال ينبع من إيمان عميق بضرورته، وأهميته للبشرية.
وثالثة هذه السمات (الاستعداد للبذل والتضحية من أجلها)، وهذه السمة مترتبة على السمتين السابقتين.
تليها السمات التي يمكن تنميتها أو زرعها في العاملين في مجال الدبلوماسية الإنسانية، ويمكن تلخيصها في تأهيل جيل من الدبلوماسيين الإنسانيين يتميزون بثلاث خصال: (القدرة المهنيَّة، والتأثير الاجتماعي، والالتزام الأخلاقي).
أما عن الأولى فإنها تعني الإتقان الكامل للمهارات التي تمكنهم من العمل في هذا الميدان، كتعلم اللغات، والتفاوض، والتعارف، وإقامة العلاقات، وإدارة الأزمات، وتقديم الخدمات بكافة أنواعها، وكذا اكتساب المهارات الضرورية للقرن الحادي والعشرين، ومنها استخدام وسائل تقنية المعلومات وإدارة العلاقات المُمَيَّزة، واستخدام وسائط التواصل الاجتماعي، وكذلك التحلي بالفِطْنَة وحسن التدبير في مختلف المواقف، ووعي ودراية بما يحدث في كل جنبات العالم.
أما عن الثانية، فلا بد أن يكون العاملون في مجال الدبلوماسية الإنسانية مُؤَثِّرين فيمن حولهم، إنهم قادة يستطيعون أن يصيغوا رؤية، ويقيموا ويحشدوا العلاقات والتحالفات لتحقيق أهداف محددة في المنظمة الإنسانية التي يعملون تحت مظلتها، كما أنهم بارعون في التواصل، يستمعون بكل إنصات، ويستطيعون إقناع الآخرين عند الكتابة أو التحدث في مختلف وسائل الإعلام.
وتأتي السمة الثالثة (الالتزام الأخلاقي) ليجعلهم يتسمون بالشجاعة، ولديهم القدرة على مواكبة الضغوط، والاستعداد لنقل الحقائق المُرَّة، إنهم يتميزون بالانضباط، ملتزمون بالمواعيد دائمًا، يتحلون بقدر عالٍ من النزاهة، ويتفانون في العمل، ولديهم شغف لتعزيز التعاون الدولي.
ونحن نشير إلى كل هذا لنطمئن إلى أن ميدان العمل الإنساني لم يدخل فيه من ليس منه، وبذا نضمن ارتقاءه، وحصد ثماره يانعة حلوة المذاق، لا نيئة لا ريح فيها ولا طعم.
رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر – عضو المركز الدولي للدبلوماسية الإنسانية.