تدوين الأحكام القضائية ونشرها من أهم الوسائل المعينة على نشر الوعي القانوني، ليس هذا وحسب، بل إنها تعطي لمحة نظرية كافية لإجراءات سير الدعوى وسماعها وإجراءات الإثبات وتسبيب الأحكام والنطق بها، كما أن بها ثروة هائلة من الأسانيد الشرعية والنظامية في كل فرع من فروع القانون،
وهي بالتالي تشكل مخزوناً لكل مطلع ومهتم بالشأن القضائي، والجميل في هذه المدونات أنها راعت كثيراً اختلاف التخصصات وتنوعها، فكانت غالبية الأحكام تختلف تسبيباتها وأحكامها عن بعضها حتى تكون مرجعاً يجمع كل ما يحتاجه المحامي والمستشار وكل من له صلة بالجانب القانوني، وفي الحقيقة أني اطلعت على كثير من الأحكام المدونة والمنشورة فوجدتها رصينة في تسبيباتها، ثابتة في بنيانها، عميقة في تفاصيلها، تشبع نَهَم كل مطّلع، وترضي ذائقة كل طالب منتفع، وفائدتها ليس قاصرة على من يترافعون في المحاكم أو يقدمون الاستشارات القانونية، بل إنها تمتد حتى لأعضاء السلك القضائي، فمن القضاة من يلجأ في بعض أحكامه إلى الاستنارة ببعض هذه المدونات والرجوع إليها حال الحاجة، وقد أحسنت الجهات العدلية ممثلة بوزارة العدل وديوان المظالم في الاعتناء بهذه المدونات ونشر الوعي والثقافة القانونية من خلالها، كما أن حسابات المغردين المهتمين بهذه المدونات على منصة تويتر تحوي عدداً من الأحكام البديعة والتسبيبات المتقنة التي تعكس مدى قوة قضائنا وعلم قضاتنا، كما أني في هذا الجانب أنصح طلاب وطالبات القانون سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا بمداومة الاطلاع على هذه المدونات وقراءتها قراءة واعية، فهي تتضمن بالإضافة إلى المعلومات القيمة، أساليب الترافع وصياغة المذكرات والرد عليها، وبالتالي فهي تفيد الجانب النظري والجانب التطبيقي في آن واحد، كما أني وقفت على بعض الرسائل العلمية في بعض الجامعات السعودية فوجدتها قد تناولت هذه المدونات بالدارسة العلمية والنقدية، وهذا أمر محمود كونه يبين أوجه القوة في الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم السعودية من حيث سلامة الصياغة وبراعة التسبيب والقدرة على تنزيل الوقائع على المواد النظامية، ولذا فإن هذه المدونات تختصر الكثير من الوقت والجهد لمن أراد الرجوع لها دون التعمق في تفاصيل كتب القانون التي قد لا يحتاج إليها القارئ.
dralsaadlaw@gmail.com