البلاد – مها العواودة
يشهد سوق المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية انتشاراً واسعاً على مستوى العالم، جاذباً وراءه المستثمرين المفتقدين إلى إطار تنظيمي ودراية بخطورة المغامرة بأموالهم والنتائج العكسية التي قد تسببها منصات “الفوركس” غير المرخصة في مجال تبادل العملات الأجنبية والاستثمار فيها؛ إلى جانب عدم وجود ضمانات كافية للحفاظ وحماية أموال العملاء؛ وفقد رأس المال بالكامل نتيجة مثل هذه المجازفة.
وأطلقت هيئة السوق المالية، والبنك المركزي السعودي، ووزارة التجارة مع بداية ظهور هذه الاستثمارات، حملة توعوية لحماية المجتمع من خطورة التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تسوّق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات الاختصاص، والتعريف بالوسائل المبتكرة التي تنتهجها الشركات غير المرخصة أو الأشخاص المحتالين للإيقاع بضحاياهم في أنشطة الفوركس أو العملات الرقمية غير المرخصين.
وفي هذا السياق أكد عدد من المختصين أن الفوركس غير المرخصة تجارة وهمية ، لافتين إلى أنه يجب على المواطنين والمقيمين عدم افشاء البيانات الخاصة بحساباتهم البنكية، كما أن المملكة العربية السعودية تواكب التحول الرقمي ومواجهة الهجمات الالكترونية.
الدكتور أصيل الجعيد أستاذ القانون الجنائي المساعد بمعهد الإدارة العامة بالرياض قال :إن نشاط الفوركس غير مرخص في المملكة العربية السعودية ومع أزمة كورونا تنشط هذه التشكيلات العصابية التي تستهدف أموال المواطنين والمقيمين بشكل الكتروني موهمة إياهم بالثراء السريع.
لافتا إلى أن أي وعد بالثراء السريع في العادة يكون مشكوكا فيه جنائيا وقد نبهت اللجنة الدائمة للتوعية والتحذير من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية “الفوركس” غير المرخص بالبنك المركزي السعودي، عموم المواطنين والمقيمين من الأساليب التي تستخدمها شركات وأشخاص غير مرخصين للإيقاع بضحاياهم والترويج عن استثمارات وهمية في الفوركس غير المرخصة في المملكة.
طرق التحايل
وتابع الدكتور أصيل الجعيد بقوله دائما ما تحذر اللجنة المواطنين والمقيمين من إفشاء البيانات الخاصة بحساباتهم البنكية لأي جهة كانت سواء بداعي الاستثمار أو غيره دون التأكد من موثوقية هذه الجهات من خلال الرجوع إلى المواقع الإلكترونية الرسمية وغيرها من الوسائل الرسمية المعتمدة”.
كما أشار إلى وجود طرق عديدة للتحايل على الناس وقد نبهت اللجنة المعنية بالبنك المركزي السعودي بها وهي على سبيل المثال، الادعاء أنهم أحد منسوبي الجهات الحكومية ويقومون بتزويد الضحية بنماذج استثمار مزيفة ويوهمون الضحية بأن الأمر له علاقة بأرباح أو استثمارات أو شراء أسهم للاكتتاب في إحدى الشركات، وطلبهم من الشخص الضحية تحويل مبلغ مالي للبدء في الاستثمار، ومن ثم يقطعون التواصل مع الشخص بعد الحصول على أمواله ومن صور الاحتيال أيضاً قيام تلك الجهات غير المرخصة بالادعاء أنهم من شركة استثمارية مرخصة في المملكة، حيث يطلبون فتح حساب جارٍ جديد في أحد البنوك المحلية مدعين أنه لغرض استقبال الأرباح ويطلبون مشاركتهم الأرقام السرية للحساب البنكي، ومن ثم يتم استقبال أموال في هذا الحساب من ضحايا آخرين ليقوم بعدها الأشخاص أو الشركات غير المرخصين بالاستيلاء على هذه الأموال وتحويلها خارج المملكة، ويكون الضحية صاحب الحساب البنكي مسؤولا أمام الجهات المختصة بسبب استخدام حسابه في أعمال إجرامية وتسهيله ذلك.
مؤكدا أن اللجنة تحذر في أكثر من مناسبة من الانجراف خلف هذه الإعلانات التي يقع ضحيتها العديد من الموطنين والمقيمين، وتؤكد أن من يقوم بالإعلان والترويج لهذا النوع من الاستثمار غير المرخص يضعه تحت طائلة المسؤولية وسيتم اتخاذ الإجراءات النظامية الرادعة حيال الإعلانات المضللة بل يجب الإبلاغ عن ذلك للجهات المختصة ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
احتيال مالي
وتابع الدكتور أصيل الجعيد “إن موضوع الفوركس والاحتيال المالي مهم ولولا أهميتها ما صدر مؤخرا قانون مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة وشكلت قبل صدور القانون اللجنة الدائمة للتوعية والتحذير من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية “الفوركس” غير المرخص حيث وجه المقام السامي الكريم بتشكيلها وترأسها هيئة السوق المالية وتضم في عضويتها وزارة الداخلية، ووزارة الإعلام، ووزارة التجارة، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وتعمل على التنسيق الدائم مع الجهات الحكومية ذات العلاقة للحد من ظاهرة التسويق للاستثمار والتداول في نشاطات الفوركس غير المرخص وكذلك التعامل في العملات الرقمية الافتراضية غير المرخصة ومواجهتها”.
اختراق البيانات
من جانبه قال الدكتور عبدالله الذوادي خبير الاتصالات وأمن المعلومات الإلكترونية إن المملكة العربية السعودية تواكب التسارع الكبير في عمليات التحول الرقمي ومواجهة الهجمات الالكترونية ومخاطر اختراق البيانات مما يعكس دورها في توفير بيئة آمنة للبيانات والعمليات الرقمية من خلال نظام أمني متين يؤكد دور الأمن السيبراني الذي يلقى اهتماماً كبيراً من خلال استراتيجيات متقدمة، ونظام لمكافحة الجرائم المعلوماتية لتحقيق أمن المعلومات وحماية المصلحة والآداب العامة وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية وحماية الاقتصاد الوطني.
مواقع التواصل
وحول انتشار عمليات الاحتيال من خلال الترويج للتداول بـ”الفوركس” والعملات الرقمية، أشار الدكتور الذوادي إلى إن السعودية تمكنت من كشف أساليب الشركات غير المرخصة والأشخاص المحتالين غير المرخصين الذين يعملون للإيقاع بضحاياهم في أنشطة الفوركس والإغراء بالربح السريع وتركيزهم بشكل كبير على الأساليب الاحتيالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر وكأنها نشرات إخبارية تذيع أخبار رسمية بفتح قنوات استثمارية جديدة للمواطنين والمقيمين، ودعوتهم لتسجيل أسمائهم وبياناتهم، وذلك بهدف خداع المواطنين والمقيمين في المملكة بتحويل أموالهم لهم، وكذلك تشمل إنشاء منصات إلكترونية وهمية أو تواصل هاتفي منتحلين صفة كيانات حكومية، وإيهام ضحاياهم بانتمائهم لتلك الكيانات لكسب ثقتهم وإغرائهم بفرص ربحية عن طريق التداول في العملات الأجنبية، ومن ضمن الأساليب التي ينتهجها المحتالون أيضاً إنشاء منصات إلكترونية وهمية تنتحل أسماء وعلامات تجارية والتسويق لها عبر حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي.
توعية وتحذير
وقال الدكتور عبدالله الذوادي إن تخصيص لجنة دائمة للتوعية والتحذير من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية خلقت وعيا كبيرا لدى المواطنين والمقيمين بالطرق السليمة للاستثمار في القطاع المالي ضمن تشريعات وأنظمة محددة، وقامت بحصر جميع الجهات المرخصة قبل اتخاذ أي فرد أو شركة قرار الاستثمار وسط حملات توعوية وإعلامية مستمرة للحد من ظاهرة ظاهرة التسويق للاستثمار والتداول في نشاطات الفوركس غير المرخص وكذلك الاستثمار والتعامل بالعملات الرقمية غير المرخصة ومواجهتها.
قضية عالمية
ومن الجانب الاقتصادي حذر الخبير الاقتصادي الدكتور علي الحازمي من التعامل مع الفوركس معتبرا اياها بالمعضلة التي تواجه دول الخليج خاصة، لافتا إلى أن الفوركس والتعامل مع العملات الوهمية قضية عالمية وتجارة وهمية.
وأضاف “المملكة العربية السعودية الان ممثلة بالبنك المركزي وهيئة سوق المال ووزارة التجارة تصدر بين فترة وأخرى توعيات من مخاطر مثل هذه التعاملات فضلا عن وحدة خاصة بالاحتيال المالي أنشأت حيث يعتبر الفوركس واحد من الجرائم المالية.
معتبرا أن هذه الخطوة تؤكد أن المملكة العربية السعودية حذرة ومنتبهة جيدا لكل انواع الاحتيال المالي وهو أمر مهم حيث توجد ارقام كبيرة جعلت المملكة تتنبأ بمثل هذه الاحتيالات الأمر الذي دفعها لإنشاء وحدة خاصة ومنفصلة تقوم بمعالجة مثل هذه القضايا الخطيرة.
كما أوضح أن حلم الثراء السريع هو من يوقع الضحايا في هذه الشباك ويرى الاحتيال المالي في المجمل والفوركس على وجه الخصوص هو أشبه بالفيروس الذي يتشكل بين كل وقت وآخر بحيل مختلفة واشكال جديدة لايقاع مزيد من الضحايا.
كما أكد على أن البنية التحية والتوسع الرقمي ساهم بشكل كبير في زيادة مثل هذه العمليات عن طريق الإعلانات سواء برسالة الجوال أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي توهم الأفراد بالربح السريع.
مشيرا أن ضحايا هذه العمليات غالبا لايملكون أدنى مقومات التجارة.محذرا من خطورة هذه الجريمة التي يحاسب عليها القانون بشكل كبير وربما تندرج تحت جريمة التلاعب باقتصاد البلد.
وتابع “هذه العمليات باتت مكشوفة بشكل كبير عن السنوات السابقة بسبب الوعي والقنوات التوعوية التي عملت عليها المملكة”.