الدبلوماسية الإنسانية تلتقي مع الدبلوماسية بوجه عام في الإطار العام، وكذا يلتقي عمل الدبلوماسي الإنساني مع عمل الدبلوماسي في مناطق مشتركة، لكنهما يختلفان في السمات المحددة لمعالمهما، المؤطرة لغاياتهما المنشودة، فمصطلح الدبلوماسية بمعناه التقليدي عادة ما يعكس التعامل السياسي الرسمي بين الدول، وهي بهذا أداة سياسية مهمة تعتمد عليها كل دولة في تسيير علاقاتها مع الدول الأخرى، ومصطلح الدبلوماسي يشير إلى الشخص المنوط به أداء مهام سياسية محددة بين دولتين أو أكثر، ويطلق عليه لقب سفير، أو مفوض، أو قائم بأعمال…إلخ.
أما الدبلوماسية الإنسانية فتدور في هذا الفلك، أقصد فلك إنجاز مهمات معينة على المستوى الدولي والمحلي، لكنها تتميز عن الدبلوماسية بوجه عام بخمس سمات تتلخص في التالي:
– مستقلة عن الدبلوماسية الإنسانية للدولة، فهي تتسم بالعالمية، تعبر الحواجز، وتتجاوز الحدود الدولية والإقليمية والقاريَّة؛ وهذا يمنحها عنصر التحرر من قيود الإطار المكاني.
– تتكون من علاقات مع مجموعة واسعة من الاتصالات مع عدة أطراف تصب في مصلحة المهام الموكلة إليها، وعلى قدر اتساع هذه العلاقات يتوافر لها عنصر الانتشارية والتوسع، مما يمكنها من توفير بدائل غير محدودة في قضاء مهامها، والقيام بما أخذته على عاتقها من مسؤوليات.
– تتمحور في معظم الأحيان في شكل سلسلة من العروض التي تستدعي شبكة من النفوذ اعتمادًا على الأحداث المتلاحقة المتسارعة، وكلما تلاحقت الأحداث وتسارعت وتيرتها وتشعبت حلقاتها كان على الدبلوماسية الإنسانية توسعة شبكة النفوذ هذه حتى تتمكن من نشر ظلالها على المناطق التي تشهد هذه الأحداث.
– غاياتها تنصب على المجال الإنساني بكل ما يشمله من جوانب على المستويين الفردي والجماعي، وهدفها الرئيس تعزيز الأمن والسلام العالميين، بما يضمد الجراح الإنسانية، ويحقق الأمن الداخلي والخارجي للفرد والمجتمع على السواء.
– خلو أهدافها من تحقيق الربح المادي، وعدم السعي إليه، بل تهدف إلى مناصرة المستضعفين والمحتاجين، والوقوف إلى جانبهم والعمل من أجل الأشخاص المتأثرين في النزاعات، وقد جمعت بذلك أصحاب الأيادي البيضاء الفاعلين في المجال الإنساني بهدف تعزيز الالتزام لرفع المعاناة، وتعزيز العلاقات الإنسانية بين المجتمعات.
تلك كانت أهم السمات والغايات التي تميز الدبلوماسية الإنسانية عن الدبلوماسية بوجه عام، وتؤطر عمل الدبلوماسي الإنساني حتى يوصف بأنه من أصحاب الأيادي البيضاء، ويكون له حضوره الإنساني ميدانيًّا في كل أقطاب الأرض.
رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر – عضو المركز الدولي للدبلوماسية الإنسانية.