احترام العقود والوفاء بها واجب ديني دلت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، فهي من الأمانات والمواثيق التي يجب صيانتها والعمل على استقرارها، فبالعقود تحفظ الحقوق وتوأد النزاعات ويصل الأفراد بها إلى أعلى درجات الأمان التعاملي، وهذا ليس على نطاق تعامل الأفراد فحسب، بل حتى على مستوى تعامل المؤسسات والهيئات العامة، ولا أقصد العقود هاهنا بمعناها الضيق الذي يكمن في العقود المكتوبة أو الشكلية التي تحتاج إلى تسجيل أو إشهار ليظهر أثرها القانوني، وإنما بالمعنى الواسع الذي يشمل كل عقد، ومنها العقود الرضائية التي يشترط فيها فقط تقابل إرادتي المتعاقدين لثبوتها، فمتى حصل التعاقد بين الطرفين بأي شكل وجب عليهما الوفاء به شرعاً، أما من الناحية القانونية فكل عقد له شروطه وقواعده التي تميزه عن غيره والتي يترتب عليها حقوق والتزامات لكل طرف، كما تطرقت الأنظمة إلى جزاء مخالفة العقود أو الالتفاف عليها وعدم تنفيذها.
الأمر الذي دعاني إلى الحديث عن هذا الموضوع القضية الرياضية القانونية التي بدأت خلال الأيام الماضية بين ناديي الهلال والنصر في عقد اللاعب محمد كنو، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن المصيب في هذه القضية والمخطئ، وإنما عن أبعادها ونتائجها بشكل عام، فالمطلّع على القوانين الرياضية لدينا يجد أنها أجابت عن كل صغيرة وكبيرة فيما يخص احترام العقود والوفاء بها وعدم الاخلال بها أو الالتفاف على موادها، وبالتالي فإننا في قضايانا الرياضية عموماً وهذه القضية بوجه خاص نحتاج إلى تطبيق النظام على المخطئ، وأن يكون مبدأ اللجان المختصة سيادة القانون، فاللجان لن يحميها إعلام هذا النادي أو ذاك، وإنما تطبيقها للقانون هو من سيحميها، والجميل في هذه القضية أنها حدثت بين ناديي الهلال والنصر، وبالتالي فتطبيق النظام على أحدهما حال ثبوت تجاوزه من شأنه أن يصنع جداراً عازلاً للجنة في مستقبل قراراتها، فلن يجرؤ أحد على مخالفة الأنظمة واللوائح إذا رأى أحد الأندية الكبيرة تمت معاقبته بغض النظر عن إعلامه وجمهوره، حالياً أهل الاختصاص الرياضي والإعلامي والقانوني على موعد مع وجبة دسمة، ومساحة رياضية إعلامية قانونية ستأخذ حيزاً في الفضاء ووسائل التواصل، وسيتكلم فيها الجميع المختص وغيره، ونحن كغيرنا ننتظر ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات وبعدها لكل حادث حديث.
dralsaadlaw@gmail.com