البلاد ـ عبد الهادي المالكي
تعد منطقة جازان من أكثر المناطق التي توجد فيها أشجار الأراك المنتجة للسواك، وعدت مصدرا ممولًا لجميع الأسواق المحلية من عود السواك، وتتميز شجرة الأراك المعمرة التي تُسمى علمياً باسم “سالفادورا بيرسيكا” أو شجرة الأسنان بأنها دائمة الخضرة وتنتمي إلى الفصيلة الآراكية، وطيبة الرائحة، ولا يزيد ارتفاعها عن أربعة أمتار، وأوراقها خضراء بيضاويّة الشكل تخلو من الشّوك، بينما أزهارها صفراء مخضرّة، وأغصانها غضّة تتدلّى للأسفل، وجذورها تكون عميقة وممتدة لمسافات كبيرة تحت الأرض.
ويتم استخراج السّواك من جذور شجر الأراك التي يبلغ عمرها السّنتين أو الثّلاث، وهي عبارة عن ألياف كثيفة وناعمة، وتشبه الفرشاة ويتم استخدامها عن طريق قطع رأس المسواك، وإزالة القشرة الخارجيّة للجزء المراد استخدامه منه باستخدام المقصّ أو السّكّين وترطيبه قليلاً لاستخدامه في السواك.
وتشهد أسعار المساويك ازديادا ملحوظا واقبالا متزايدا من تجار هذه السلعة استعدادا لتوفير الكميات الكافية منها في رمضان المبارك في جميع المناطق خاصة المدن الرئيسة مثل: الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، وغيرها من المدن، وترتفع ربطة السواك في شهر رمضان من ١٠٠ريال في الأوقات العادية من العام إلى ٣٠٠ ريال للنوعيات الممتازة من سواك الأراك التي تستخرج من بعض المحافظات التي عرفت بجوده السواك بها .
ولا يتوقف عطاء شجرة الأراك على تقديم عود السواك فحسب بل إنها تعد مصدراً أساسياً لرعي الماشية بالمنطقة خاصة الإبل التي تعرف بـ “الأركية” و” العادية ” حيث تعتمد الإبل الأراكية على الأراك بشكل أساسي في رعيها فيما يعتبر الأراك غذاءً ثانويًا للإبل العادية التي تفضل شجر السلم والسمر.
الغيلة والكباث
ويستخرج من شجرة الأراك نوعان من الثمار يحرص أهالي جازان على تناولهما خلال الموسم الذي يتوافر فيه ويعرف النوع الأول بـ”الغيلة” وهو عبارة عن حبات صغيرة الحجم ذات اللون الأحمر والثاني يعرف بـ “الكباث” وهو يتخذ نفس اللون لكنها أكبر قليلا من الغيلة في الحجم حيث يقترب من حجم العنب إضافة إلى بعض الثمار مثل “الحدل” الذي استخدم في السابق بديلا عن الرغيف أوقات قلة المطر وتأخر الموسم الزراعي و” الحدر ” الذي يقدمه مربي الأغنام لماشيتهم ويعد مدراً للحليب و يطفى نكهة عليه وكذلك ” العكش ” و” الدغابيس ” التي تعد بمثابة الفاكهة التي ارتبطت بهذه الشجرة .
وتوجد هناك علاقة بين الإنسان بمنطقة جازان وهذه الشجرة منذ قديم الزمن فمنذ القدم يعتمد الإنسان اعتماداً كلياً على ما تنتجه الطبيعة من خيرات أشجارها ونباتاتها البرية، في حين أن شجرة الأراك أو السواك واحدة من هذه الأشجار ذات الاستخدامات الطبية والجمالية.
أودية الصحاري
كان الانسان قبل العصر الحديث يتخذ من بعض أعواد الشجر سواكا لتنظيف اسنانه وكان أفضل وأحسن الاشجار التي يتخذ منها السواك هي شجرة الاراك . ورغم التطور والتقدم في عصرنا الحديث الذي ظهرت فيه الفرشاة وأنواع المعجون الخاصة بتنظيف الاسنان ظل للسواك المتخذ من عود الاراك أهميته الخاصة حتى سميت شجرة الاراك باللغة الانجليزية شجرة فرشاة الاسنان، وتنمو شجرة الاراك في الاماكن الحارة والاستوائية وتكثر في أودية الصحارى وتكون قليلة في الجبال. وتشبه شجرة الاراك في شكلها شجرة الرمان فأوراقها بيضاوية وفروعها شائكة وتكون أوراقها ملساء متقابلة يبلغ طول الورقة من 2 سم الى 6 سم وهى دائمة الخضرة طوال فصول السنة وتنتشر لمسافات كبيرة على سطح الارض والشجرة الواحدة تشبه الغابة في شكلها وازهارها صفراء مخضرة.
مصدر للغذاء
في الماضي كانت شجرة الاراك مصدرًا لجزء من الأخشاب التي تبنى بها منازلهم ” العشاش ” ومصدرًا للغذاء في أوقات قلة المطر بما تقدمه من ثمار ومصدر دواء حيث تستخدم أوراقها بعد طحنها لعلاج الإسهال من خلال وضعها على رأس المريض ومصدراً للطيب والزينة حيث تطرح شجرة الأراك بعد هطول الأمطار ما يعرف بـ ” الكدة ” التي تمتاز برائحتها الطيبة وتستخدم من قبل نساء جازان بوضعها في خزنات الملابس، ورشها على الملابس والجسم، وتطييب الشعر كنوع من أنواع العطور والبخور التي عرفها أهالي جازان.
استصلاح التربة
أصبحت هذه الشجرة في الوقت الحاضر من الأشجار التجارية التي تعمل الدول على تكثيرها لبيع السواك الذي يُستخرج منها، كما يُزرع لغايات استصلاح التربة حيث يعمل على تثبيت التربة الرملية.
وتتمتع مكونات وأغصان شجرة الأراك بالعديد من الخصائص الفعالة التي أجمع عليها الكير من الأخصائيين في طب الأسنان, حيث تحتوي أغصانه على مركبات طبيعية تقضي على الجراثيم والبكتيريا الموجودة في الفم وتُحافظ على صحة الأسنان وتمنع تسوسها، كما تُسهم الأغصان المأخوذة من شجرة الأراك في إعطاء الفم أنفاس منعشة، وتُساعد في شد أنسجة اللثة المرتخية وعلاج التقرحات الفموية وتقرحات اللثة، كما تتميز ألياف أغصان الأراك بأنها ألياف ناعمة ولينة وعطرة الرائحة ولا تُسبب أية خدوش أو أذى للثة مثلما تفعل ألياف فرشاة الأسنان الصناعية. وفي الطريق الرابط بين صامطة والطوال، يكثر الباعة الواقفون على قارعة الطريق ليبيعوا الكباث في علب الحليب حيث يأتون بهذه الثمار من قرية الحقلة التي يكثر بها أشجار الأراك والتي تنتج ثمار الكباث.