متابعات

تطوير جدة التاريخية ورفع برامج جودة الحياة

البلاد ـ مها العواودة

انطلاقا من أهداف رؤية المملكة الطموحة 2030 والتي من أبرزها رفع مؤشرات جودة الحياة في مدن المملكة وإحياء وتطوير المناطق التاريخية، وحيث انه تم ضم المنطقة التاريخية بمدينة جدة ضمن قائمة التراث العالمي لدى اليونيسكو في عام 2014م، مما أدى إلى زيادة اهتمام المعنيين بتطوير المنطقة، يعكف قسم التخطيط الحضري والإقليمي بكلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك عبد العزيز في عمل الدراسات البحثية للمناطق التاريخية والدراسات التنموية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، حيث بادر القسم بتكوين فريق بحثي مكون من عدد من الطلاب الخريجين يضم كلا من عمرو القاضي، بسام صنبي، عبد الله الشهري، محمد بانافع، محمد الغامدي، وبإشراف كل من الدكتور جمال عبد المحسن عبد العال والمهندس جمال حسين قدح، لدراسة تطوير المنطقة التاريخية واثراء العملية التعليمية والفكرية والمنهجية للطلاب. وذلك توافقا مع أهمية التخطيط الحضري والإقليمي في معرفة مشاكل وفرص وإمكانات المناطق الحضرية واستغلالها وتنميتها بالشكل الأمثل مستقبلا.

حيث تهدف الدراسة إلى تطوير المنطقة التاريخية بمدينة جدة وجعلها ذات قيمة مضافة للمملكة ومنطقة مكة المكرمة ومدينة جدة من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، والتاريخية وذلك من خلال المحافظة على المنطقة التاريخية ومكوناتها، جعل المنطقة التاريخية مستدامة عمرانيا، وبيئيا، واقتصاديا، واجتماعيا ،رفع جودة الحياة في المنطقة التاريخية ، تطوير وتنظيم المنطقة التاريخية.

آليات التطوير
لتحقيق هدف الدراسة فقد تم تقسيم الدراسة إلى مرحلتين. المرحلة الأولى تهدف إلى التعرف على المنطقة وعمل المسوحات اللازمة للدراسة وتحديد المشاكل والمعوقات ودراسة الحالات المشابهة وأفضل الممارسات للوصول إلى الموجهات الرئيسة للتطوير. أما المرحلة الثانية فتهدف إلى وضع الحلول والبدائل وتطوير الموجهات وعمل التصاميم للوصول إلى أفضل الحلول لتطوير المنطقة التاريخية.

وفي سبيل انجاز المرحلة الأولى من الدراسة، قام الفريق بعدة زيارات ميدانية لمنطقة الدراسة لعمل المسوحات الميدانية اللازمة لتكوين قاعدة بيانات للمنطقة التاريخية حيث شملت تلك المسوحات ، مسوحات عمرانية ومنها: استعمالات الأراضي – ارتفاعات المباني – حالات المباني – مواد الإنشاء – الطراز العمراني، مسوحات للطرق وممرات المشاة وتضمنت: الكثافات المرورية للمركبات والمشاة – حالات الطرق والممرات – مواقف السيارات ،مسوحات اجتماعية واحتوت على: ديموغرافية الزوار – رضا الزوار عن المنطقة – فضلا عن إجراء مسوحات اقتصادية وتركزت على: الأسواق والمناطق التجارية الجاذبة، فضلا عن التمركز النوعي للأنشطة التجارية أما المسوحات البيئية فقد شملت توزيع الغطاء النباتي بالمنطقة إلى جانب توزيع الساحات.


الحركة والمشاة
لتنظيم المرحلة الأولى من الدراسة فقد تم تقسيمها إلى المحاور التالية محور الحركة والمشاة وهو يهتم بدراسة الوصولية إلى المنطقة والحركة داخل المنطقة وتطوير شبكة المشاة ومواقف السيارات المحور الاجتماعي حيث يتم التركيز فيه على رفع مستوى السلامة ، وتعزيز حياة زوار المنطقة وتحسين الخدمات العامة وتوفير الأنشطة الجاذبة سياحيا أما المحور الاقتصادي فيشمل مواضيع تنوع الأنشطة التجارية وعلاقتها باستعمالات الأراضي وفيما يتعلق بالمحور العمراني فهو يتضمن المحافظة على البنية العمرانية وتحسين المشهد الحضري وبالنسبة للمحور البيئي فهو يحتوي على دراسة الراحة الحرارية بالمنطقة وإدارة النفايات وتحسين البنية التحتية.
أما محور الغطاء النباتي فإنه يهتم بأنسنة المنطقة والساحات المفتوحة والتشجير.

الغطاء النباتي
توصل الفريق البحثي إلى أن أبرز المشاكل التي تعاني منها المنطقة التاريخية بمدينة جدة تتمثل في عدم تجانس المباني الحديثة مع الطابع العمراني التاريخي والمتمثلة في تدهور حالة المباني التاريخية. التشوه البصري، خلو المباني التاريخية وعدم توظيفها ثقافياً أو تجارياً، ضعف الطاقة الاستيعابية لمواقف السيارات ،تدني جودة مسارات المشاة ، ضعف الأنشطة الجاذبة للسياح مثل المطاعم والمقاهي، التلوث البيئي، قلة الغطاء النباتي ، خلو المنطقة من عناصر الفرش الحضري.


حلول ناجعة
وخلال المرحلة الأولى قام الفريق بالاطلاع ودراسة التجارب والأمثلة المشابهة وأفضل الممارسات محليا وعالميا وتحليلها بهدف الاستفادة من تلك الممارسات للوصول إلى الحلول الناجعة التي تواكب التطورات المستقبلية للمشروع، وقد شملت دراسة التجارب المحلية مشروع تطوير منطقة الدرعية ومنطقة قصر الحكم بمدينة الرياض ومشروع تطوير العلا ومشروع تطوير جادة قباء بالمدينة المنورة، أما التجارب العالمية فقد تم دراسة وتحليل مشروع تطوير المنطقة التاريخية بمكالا بدولة ماليزيا، ومشروع تطوير سوق واقف بدولة قطر، ومشروع تطوير منطقة غرينجر تاون بنيوكاسل بالمملكة المتحدة، ومشروع تطوير منطقة داشيلان بمدينة بيجينغ بدولة الصين، ومشروع تطوير قرية هانوك بدولة كوريا الجنوبية.

وقد توصل الفريق البحثي في المرحلة الأولى إلى أهم الموجهات لتطوير المنطقة، ومن أمثلة تلك الموجهات فيما يتعلق بالمحور العمراني تحسين واجهات المباني الحديثة والمباني التقليدية لكي تتجانس مع الطابع العمراني التاريخي للمنطقة، فضلا عن إعادة إعادة توظيف المباني التاريخية بأنشطة تدعم استدامتها وترفع من قيمتها، زيادة الطاقة الاستيعابية لمواقف السيارات، إزالة المعوقات الحركية من طرق المشاة.

 

تسهيل الاستدلال للزوار والمشاة

أما فيما يتعلق بالمحور الاقتصادي فقد اوصى الفريق بضرورة تنشيط الحركة الاقتصادية بزيادة الفعاليات الترفيهية والثقافية وتنويعها، تكوين هوية مميزة للمسارات السياحية، تقليل التلوث البيئي وزيادة الغطاء النباتي
هذا وسيتم استكمال المرحلة الثانية من الدراسة عبر تطوير المحاور الستة ووضع الحلول والبدائل والتصاميم لتحقيق أهداف وغايات الدراسة التي تتمثل في تطوير المنطقة التاريخية وجعلها ذات قيمة مضافة من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، والتاريخية، لتتماشى مع مشروع سمو ولي العهد ــ حفظه الله ــ وتطلعات رؤية المملكة 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *