جدة – رانيا الوجيه – نجود النهدي
تشغل مواقع التواصل الاجتماعي في الراهن حيزاً كبيراً من حياة الكثيرين، وكانت البداية من موقع الفيسبوك، وأعقب ظهوره العديد من المواقع، والتي اختص كل منها بميزة عن الآخر،أدى هذا الانتشار الكبير لمواقع السوشيال ميديا – خصوصا مع ظهور أجيال من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب اللوحية – إلى سهولة الدخول على هذه المواقع، كما أن هذه الأجهزة سهلة الحمل والتنقل مع صاحبها بصورة متواصلة وبشكل شبه دائم ، ما أدى هذا المشهد إلى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي حيث اصبحت هذه المواقع تسجن المستخدمين ما يجعلهم مدمنين وبحاجة إلى العلاج ، حيث يفضل الكثيرون قضاء جزء من الوقت على هذه المواقع، إلا أن الأمر تجاوز لدى البعض إلى استخدام مفرط لها والبقاء لأوقات طويلة عليها، مما أثر في حياتهم وسلوكياتهم الاجتماعية، كما دفع البعض إلى إطلاق مسمى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي على هذه الحالة ، واتساقا مع ذلك ظهرت أجيال من الأطفال والشباب تقضي معظم اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، لدرجة أنهم لا يستطيعون البعد والتخلي عن هذه المواقع لبضع دقائق، مما كان له مردود سيئ للغاية على هذه الأجيال، بل يصل الأمر إلى تدمير الحياة الواقعية للكثير من هؤلاء المدمنين.
نتناول في هذا التحقيق إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب، وأعراض هذا الإدمان، وطرق الوقاية والعلاج من هذه الظاهرة المدمرة للأجيال ، ثمة قصص كثيرة أدمن اصحابها مواقع التواصل الاجتماعي تقول احدى الزوجات كان زوجي يخصص بعض الوقت للجلوس على مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة آخر الأحداث وبعد ذّلك أصبح أغلب الوقت أو وقته كله على مواقع التواصل الاجتماعي ، مما تسبب في الكثير من المشاكل بيننا، وبات الموضوع يهدد استقرار حياتنا الزوجية، كونه لا يشاركني حتى ما يطلع عليه وما ينشره على تلك المواقع ، والمحزن في الأمر أنه لايشعر بأنه وصل لمرحلة الإدمان ويرى اعتراضي على ذلك قلة عقل مني فهل ذلك صحيح؟! فأنا أشعر أن زوجي قد ارتبط ارتباطا شديدا بجواله ومواقع التواصل ونسى أن لديه زوجه لها حق من وقته واهتمامه.
وبدورها تقول الدكتورة فاطمة محمد كعكي استشاري اول طب نفسي وعلاج الإدمان: الادمان الالكتروني هو نوع من أنواع الاضطرابات التي يعاني منها بعض الأشخاص، كما صنفها بعض الأطباء النفسيين، والذي يوحي بالاستخدام القهري لـ «الانترنت» وتصفح المواقع بشكل متواصل والاعتماد عليه في كافة الأمور الحياتية، سواء تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو التسوق عبر الانترنت، ويؤثر إدمان التكنولوجيا بشكل سلبي على الصحة النفسية والعقلية للفرد، كما تتعدد انواع الادمان على الانترنت منها إدمان الإنترنت وإدمان التكنولوجيا للاطفال، حيث يرى بعض الأشخاص تحسين حالتهم المزاجية بالالعاب الإلكترونية ، ووسائل التواصل الاجتماعي ويعد هذا النوع من الإدمان الإلكتروني اكثر انتشاراً، بعد تعدد وسائل التواصل الاجتماعي من «فيس بوك وتويتر وانستجرام، وسناب شات»، والتي يقضي عليها الأشخاص العديد من الساعات لمتابعة كل ماهو جديد، ومشاركة لحظاته أول بأول، وعدم الاهتمام بأي أمور حياتية.
فضلا عن الرسائل النصية حيث تتمثل في الرغبة الملحة في التواصل مع الآخرين عبر الرسائل النصية، وإرسال الرسائل وتبادلها مع الآخرين. إضافة إلى هوس الشراء والبيع عبر الانترنت الذي يصيب البعض، حيث يفضل بعض الأشخاص يومياً لساعات تصفح مواقع البيع الأونلاين، وعدم الرغبة في شرائها من المتجر الالكتروني.
هروب من الواقع
واستطردت الدكتورة فاطمة كعكي أن أسباب إدمان مواقع التواصل الاجتماعي يأتي بسبب الفراغ والملل الذي يدفع الأشخاص في البحث عن ملاذ يلجأون إليه للتخلص من أوقات الفراغ، وتوجه البعض ممن يعانون من بعض الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب، وافتقارها إلى الدعم العاطفي، واللجوء إلى الإنترنت لسد هذه الحاجة فضلا عن الهروب من الواقع إلى عالم التكنولوجيا والانترنت أو ما يسمى بالعالم الافتراضي، ممن يعانون من اليأس أو الملل والانزعاج.
كما أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية والشعور بالخجل في التواصل مع الآخرين، هم أكثر عرضة للإصابة بالهوس الإلكتروني إلى جانب انتشار الالعاب الإلكترونية الحديثة، وقضاء البعض العديد من الساعات المتواصلة على الإنترنت.
إدمان الأطفال
كما أن إهمال الأب والأم وعدم الاهتمام بواجباتهم يجعل الاطفال يتواصلون بكثرة مع الأصدقاء والحديث عن التكنولوجيا والألعاب الحديثة مما يولد الشغف لدى الطفل.
وفيما يتعلق بعلامات ادمان مواقع التواصل قالت كعكي: علامات ادمان الالكترونيات الجسدية تتمثل في ألم في الظهر، الصداع المتواصل ، زيادة الوزن أو فقدانه،الاضطرابات في النوم،التشويش في الرؤية.
سلوكيات خاطئة
واستطردت الدكتورة فاطمة كعكي بقولها: لاشك أن آثار إدمان الانترنت يشكل خطرا كبيرا على كافة أشكال المجتمع، وتؤدي إلى الانحراف والسلوكيات الخاطئة، خاصة فئة الأطفال والمراهقين وسيطرة الانترنت على النواحي الحياتية حتى أصبحت امر واقع، وتسببت في العديد من الأضرار منها آثار إدمان التكنولوجيا على المراهقين ، الإنحراف الأخلاقي، العزلة الاجتماعية وعدم المشاركة مع الآخرين، وإهمال الدروس والواجبات والرسوب في الدراسة.
أنماط الحياة
وحول كيفية علاج الادمان الالكتروني قالت الدكتورة كعكي: علاج الادمان الالكتروني يعتبر بمثابة تغيير أنماط وسلوكيات استخدام الانترنت، والتخلص من الإدمان السلبي للانترنت عند المراهقين والأطفال، ويتم عن طريق العلاج المعرفي السلوكي ويتمثل في الخضوع لجلسات تأهيلية سلوكية داخل احد عيادت علاج الادمان او غيرها تهدف إلى تغيير أنماط الحياة، والتحدث مع الطبيب النفسي في إدارة وقتك والسيطرة على استخدامك للانترنت، كما تستطيع التعبير عن مخاوفك بشأن الاستخدام السيئ للإنترنت دون خوف أو تردد، حتى تصبح قادر على إعادة تدوير نمط حياتك والتخلص من الإدمان التكنولوجي.
ونادراً ما يتم استخدام العلاج الدوائي في حالات الإدمان الالكتروني، ولكن يلجأ الطبيب النفسي إلى العقاقير الطبية، إذا كان المدمن يعاني من بعض الاضطرابات العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والوسواس القهري، والتي تحتاج إلى مثبطات حتى تحد من الإدمان السلبي للإنترنت.
ارتباط بالتقنيات
ويؤكد شجاع القحطاني الاخصائي النفسي والاجتماعي بقوله: أصبحت التقنية جزءاً مهما في حياة الإنسان فهناك أشخاص يعملون عن بعد وهم في حاجة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية في عمله، واستخدام وسائل التواصل خلال ساعتين لا يتعدى حالة الإدمان ، ويعتبر إدمانا إذا كان الشخص اصبح غير قادر على العيش بحياة طبيعية بسبب سوء الاستخدام لتلك التقنيات، ويتضح ذلك من خلال بعض العلامات مثل ألا ينام بشكل جيد ولا يتناول وجبات غذائه بشكل صحي وسليم واصبح منفصلا عن المحيطين به ومرتبطا بتلك التقنيات بشكل دائم مما أثر على نفسيته وحياته الاجتماعية، ولترويض الانسان لنفسه للبعد عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، أرى من وجهة نظري بداية يجب أن يؤمن الشخص أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل سيؤدي الى مشاكل نفسية واجتماعية وسلوكية وصحية أيضا، ولذك من الضروري جدا أن يتم التقليل من عدد الساعات المتاحه للإستخدام واستبدالها بممارسة الرياضة، أو مشاهدة التلفاز والاستماع الى الإذاعة الذهاب للسينما التأمل في الطبيعة وقراءة الكتب والحديث مع الأصدقاء والأهل والدخول في علاقات حقيقية بعيدا عن وسائل التواصل والعالم الافتراضي فجميع تلك الممارسات ستقلل بشأن استخدام وسائل التواصل، وتقليل تأثيراتها على المستخدم.
ومن جانب آخر الإفراط في استخدام وسائل التواصل والإدمان عليها تؤدي إلى عزلة اكتئاب، ويفقده الكثير من المهارات ويجعله غير قادر على التواصل مع الاخرين ويشعر بالتالي بالغربة والعزلة. والمراهقون والأطفال هم الأكثر عرضه للانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي والإدمان عليها.
ترويض النفس
وفي السياق نفسه أوضح الأخصائي الاجتماعي بدر سعيد الحماد أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من ساعتين يعتبر إدمانا بحاجة إلى العلاج حيث أن الاستخدام ٦ ـساعات في اليوم يعتبر إدمانا وبحاجه الي علاج لافتا إلى أن الانسان يمكنه الخروج من دائرة ادمان مواقع التواصل الاجتماعي بالتدرج لأنه صعب عليه فجأة تركه وممارسة أشياء مفيدة كالرياضة بأنواعها وقراءة الكتب ممارسة اي نشاط يرى الشخص نفسه مستمعة فيه بدون اي ملل.
وبالفعل إن هذه المواقع تصيب الإنسان بالعزلة والاكتئاب فقد عرضت علي عدة مشاكل زوجية بهذا الخصوص حيث يكون أحد الأزواج منعزلا لساعات طويلة بعيدا عن أسرته بسبب تعلقه وانشغاله في مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص إذا منع الجوال عنه لو فترة بسيطة يصاب بهذه الحالة ويدخل في اكتئاب وعزلة، بالإضافة إلى أن التوازن مطلوب في الحياة اليومية بشكل عام وفي جميع الجوانب وليس فقط في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.