الخرطوم – البلاد
عقب توقيعه الاتفاق السياسي مع قائد الجيش لإنهاء الأزمة السياسية، قطع رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، أن أبرز أولوياته بعد العودة إلى منصبه تتمثل في الحفاظ على السلام وإكمال اتفاق جوبا مع الأطراف التي لم توقع خلال الفترة المقبلة، مشددا على التزامه بالمسار الديمقراطي وحرية التعبير والتجمع السلمي.
وقال حمدوك، إن الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال العامين الماضيين كان من بين الأسباب التي دفعته للعودة إلى منصبه بعد نحو شهر على عزله عقب إجراءات استثنائية فرضتها القوات المسلحة في 25 من أكتوبر، متوقعا أن يكون لأداء حكومة التكنوقراط أثر إيجابي على الأداء الاقتصادي ومعيشة المواطنين، كما أن الموازنة الجديدة ستمضي في نهج الإصلاح الاقتصادي وفتح الاستثمار.
ويترقب الشارع السوداني إعلان حكومة جديدة من الكفاءات المستقلة (تكنوقراط)، بعيدا عن المحاصصات الحزبية، وفقا للاتفاق السياسي الجديد، الذي يقضي بإطلاق سراح المعتقلين، وتكوين حكومة لإدارة الفترة الانتقالية، يختارها الدكتور عبدالله حمدوك دون تدخل من المجلس السيادي، ليمضي في طريق الإصلاح الذي بدأه منذ توليه منصب رئيس الوزراء، ساعيا لتحسين الوضع الاقتصادي وتهيأة المناخ الديمقراطي لإجراء الانتخابات منتصف عام 2023م.
ويرى نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن الاتفاق السياسي الذي وقع مؤخراً بين رئيس الحكومة عبد الله حمدوك وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يضمن بقاء البلاد على المسار الديمقراطي السليم، كما يحافظ على إرادة وطموحات الشعب، موجها رسالة إلى شركاء السودان حول العالم عبر تغريدات على “تويتر” أمس، قائلا: “نؤكد لشركائنا في جميع أنحاء العالم أننا سنظل ملتزمين بمبادئ ثورة ديسمبر”، مشددا على استعداده للعمل مع حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لتحقيق تطلعات الشعب في الحرية والسلام والعدالة، كما دعا شركاء السودان إلى مواصلة دعم البلاد من أجل الوصول إلى التحول الديمقراطي بإجراء انتخابات حرة تنهي الفترة الانتقالية.
وأرخى الاتفاق السياسي بظلاله على الساحة السياسية في البلاد، وتجلت أولى مفاعيله فجر أمس، بإطلاق سراح 4 سياسيين بارزين وهم كلٌ من رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، ورئيس حزب البعث العربي، علي الريح السنهوري، ومستشار رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان، والقيادي في حزب الأمة صديق المهدي، غير أن السلطات الأمنية لا تزال تتحفظ على فيصل محمد صالح، مستشار رئيس الحكومة عبد الله حمدوك الإعلامي، فضلا عن مستشاره الأسبق فائز السليك، وعضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان والوزيرين خالد عمر وإبراهيم الشيخ، كما يقبع عدد آخر من أعضاء الأحزاب السياسية في مراكز توقيف.
إلى ذلك، تواصل ترحيب الجهات الدولية والإقليمية والعربية بالاتفاق السياسي في السودان، القاضي بإعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه، إذ جاء الترحيب بالاتفاق من دول الترويكا التي تضم النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وكذلك سويسرا وكندا، مؤكدة في بيان مشترك دعم عملية انتقال ديمقراطي ناجحة في السودان، وضرورة أن تلبي الخطوات التالية طموحات الشعب السوداني، كما طالب البيان بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين في جميع انحاء البلاد، فيما عبر وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن عن ترحيبه بالتقارير التي تفيد بأن محادثات الخرطوم ستؤدي إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين وعودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه ورفع حالة الطوارئ، حاثا جميع الأطراف على إجراء مزيد من المحادثات ومضاعفة الجهود لإكمال المهام الانتقالية الرئيسية تجاه إرساء قيادة ديمقراطية مدنية في السودان.
وعبر الاتحاد الأفريقي عن ارتياحه حيال الاتفاق السياسي بين أطراف المرحلة الانتقالية في السودان، مشجعا كافة الشركاء السياسيين والاجتماعيين من عسكريين ومدنيين على تعميق هذا المسار بصورة جامعة وفعالة في مناخ من السلم والمصالحة الوطنية، مجددا تضامنه مع السودان لتعزيز السلم والتحضير الديمقراطي الجامع لانتخابات حرة وسليمة، بينما أعربت المملكة المتحدة عن ترحيبها بالاتفاق مؤكدة أنه يلزم الوفاء بشراكة حقيقية مع المدنيين وضرورة إجراء تحقيق شفاف بكل حالات القتل والانتهاكات، في وقت اعتبر البرلمان العربي، الاتفاق السياسي بالسودان خطوة نحو تحقيق الأمن والوحدة والاستقرار.