الخرطوم – البلاد
انفرجت الأزمة السياسية السودانية، بعد شد وجذب بين مكونات الحكم الانتقالي، وتظاهرات استمرت منذ إعلان قائد الجيش حل مجلسي السيادة والوزراء في 25 أكتوبر الماضي، ما جعل الشارع يغلي، رفضا للحكم والعسكري، مطالباً بعودة الحكم المدني وإطلاق سراح حمدوك، وهو ما تم أمس (الأحد)، إذ وقع الفريق أول عبد الفتاح البرهان والدكتور عبدالله حمدوك على اتفاق سياسي، نص على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وبدء حوار بين كافة القوى السياسية لتأسيس المؤتمر الدستوري، فضلاً عن إلغاء قرار قائد الجيش إعفاء رئيس الحكومة، والإسراع في استكمال جميع مؤسسات الحكم الانتقالي، وتنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال استحقاقاته، فضلاً عن ضمان انتقال السلطة لحكومة مدنية في موعدها، مع العمل على بناء جيش قومي موحد، وإعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام البشير مع مراجعة أدائها.
وأعربت وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في جمهورية السودان الشقيقة من اتفاق حول مهام المرحلة المقبلة واستعادة المؤسسات الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات في موعدها المحدد، وتشكيل حكومة كفاءات لدفع العملية الانتقالية للأمام، والإسهام في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق، وبما يحافظ على المكتسبات السياسية والاقتصادية المتحققة، ويحمي وحدة الصف بين جميع المكونات السياسية السودانية. وأكدت الوزارة في هذا الشأن على ثبات واستمرار موقف المملكة الداعم لكل ما من شأنه تحقيق السلام وصون الأمن والاستقرار والنماء في جمهورية السودان الشقيقة.
وشدد قائد الجيش عبد الفتاح على أن هذا الاتفاق، سيضع الأسس الصحيحة لإكمال الفترة الانتقالية بصورة توافقية، مؤكدا أن القوات المسلحة لا تريد إقصاء أحد، بل تسعى لشراكة حقيقية مع كافة الفرقاء، معتبرا أن موقف جميع الأطراف اليوم موحد لجهة وجوب الدفاع عن ثورة ديسمبر. وقال إن حمدوك سيظل محل ثقة القوات المسلحة في البلاد، موضحا أن الاتصال خلال الأزمة لم ينقطع مع رئيس الحكومة، لافتا إلى أن القوى المسلحة ستعمل بالشراكة مع المكون المدني على استكمال المسار الديمقراطي الانتقالي من أجل الوصول إلى انتخابات حرة نزيهة.
وأوضح البرهان أن الانسداد حتم على القوات الأمنية ضرورة التوقف في مسيرة الانتقال الديمقراطي وإعادة النظر في ما تم وسيتم في المستقبل. وأضاف “نعلم حجم التضحيات والتنازلات التي قدمت من كل الأطراف لحقن دماء الشعب السوداني”.
من جهته، أكد رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، أنه وقع على الاتفاق السياسي، مع قادة الجيش، لعدة أسباب أساسية، أبرزها حقن دماء الشباب السوداني. وأضاف: “أعرف أن لدى الشباب القدرة على التضحية والعزيمة وتقديم كل ما هو نفيس لكن الدم السوداني غالٍ”، مشددا على أن الاتفاق يهدف لإعادة البلاد إلى الانتقال الديمقراطي، والحفاظ على مكتسبات العامين الماضيين.
وقطع حمدوك بأنه سيحصن التحول المدني الديمقراطي، مضيفا: “لا مجال للذهاب إلى نقطة اللاعودة. عندما قبلت تكليف رئيس مجلس الانتقالي عرفت أن الطريق محفوف بالمخاطر، لكننا نستطيع العبور ببلدنا من المستحيل”، مشيرا إلى وجوب “العمل على توحيد كل القوى السودانية بنظام ديمقراطي راسخ”، وتابع: “مصلحة السودان أولوية”، محذرا من أن التحديات لا تزال كبيرة، على الرغم من الإنجازات التي تحققت خلال العامين الماضيين.
وبينما أفاد رئيس حزب الأمة السوداني، المكلف فضل الله بورما ناصر، أن حمدوك سيشكل حكومة كفاءات من التكنوقراط، رفض تجمع المهنيين السودانيين الاتفاق السياسي بين الجيش وحمدوك، على الرغ من ترحيب الكيانات السياسية بالاتفاق.
إلى ذلك، أجمعت عدد من دول العالم على الترحيب بالاتفاق السياسي السوداني، مؤكدة تقديم الدعم اللازم للعملية الانتقالية، إذ قالت البعثة الأممية إن شركاء الانتقال يحتاجون لمعالجة القضايا العالقة بسرعة، مشددة على ضم أصوات الشباب للعملية الانتقالية، مبدية استعدادها لتقديم الدعم اللازم للانتقال، كما شددت على ضرورة حماية النظام الدستوري للحفاظ على الحريات الأساسية للعمل السياسي وحرية التعبير والتجمع السلمي، بينما رحبت الجامعة العربية بالاتفاق، مؤكدة العمل بشكل حثيث مع الحكومة التي سيشكلها حمدوك.