كنت في محفل مع مجموعة من الأصدقاء .. ودار حديث عن مفهوم جودة الحياة .. وتجارب الأصدقاء أثناء زياراتهم إلى بعض دول العالم.
يقول أحدهم .. كنت أسكن في شقة مفروشة في مجمع سكني .. سكان المجمع أصدقاء أكثر منهم جيران يحافظون على سلامة بعضهم البعض .. ويتعاونون .. ويعملون على نظافة وترتيب المكان .. ويحرصون على عدم مخالفة أنظمة المجمع .. إنها الرقابة والنظام والقانون.
ويقول آخر .. كنت أحمل مجموعة أكياس تحتوي على مشترياتي من بقالة خارج المجمع .. وأنا أسير سقط أحد الأكياس من يدي وتمزق وانتثرت حبات البرتقال والتفاح دخلت أحد المحلات وطلبت مساعدتهم وأنا مضطرب فهدأ من روعي أحد العاملين وقال لي: أنا سأرافقك وأساعدك الى سكنك وهكذا كان .. ورفض أن يأخذ مني قرشا واحدا.
وقال ثالث .. ذهبت إلى مركز الشرطة لخلاف مع أحد سكان المجمع والذي قام بتأجيري مكان سكني من الباطن وهذا مخالف للنظام .. وأنا لا أعلم ذلك .. وعندما دخلت مركز الشرطة .. نهض أحد العاملين من كرسيه مرحبا بي .. وعلى وجهه إبتسامة مطمئنة .. تم اختياره بعناية من أجل ابتسامته .. وأرشدني لمن أتحدث إليه .. وهناك أصر أحد الضباط بأن أجلس على كرسي مريح .. وأنا مضطرب حكيت له القصة .. وفوجئت بمن يقاطعني ويقدم لي زجاجة ماء باردة .. ويصر علي أن أختار كوبا من الشاي أو القهوة .. وأخترت القهوة .. وغاب لحظات وأحضر القهوة مع بعض التمر.
وانتهت الزيارة .. وسألني الضابط المسؤول .. هل أنت راض .. هل حللنا مشكلتك .. هل فهمناك جيدا .. وأخيرا قال لي: لايهم هذا كله هل أنت سعيد بزيارتك لنا وببلدك الثاني؟.
وهذه قصة آخر يقول .. كنت أقود سيارتي .. وشاهدت حادثا مروريا أمامي .. أحدهما اصطدم بسيارة أخرى من الخلف .. توقفت السياراتان جانبا دون عرقلة مسارات السيارات .. لأن جميع الطرقات مراقبة بالكاميرات .. وخرج السائقان أحدهما مقيم والآخر مواطن وتصافحا وابتسامة اطمئنان على وجهيهما .. وسأل كل منهما الآخر .. هل أنت بخير .. هل تحتاج إلى مساعدة طبية .. وحضرت الجهة المختصة بالحوادث وشركتا التأمين خلال دقائق معدودات .. ومعهم سيارة بديلة للمتضرر الأكثر .. وتصافحا مرة أخرى دون شجار أو زعيق أو سباب أو تعنيف أو اتهامات موجهة بأسباب الحادث.
هذا البعد المناخي من جودة الحياة يمكن تحقيقه من خلال إيجاد البيئة والمناخ الحيوي والتفاعلي في مفهوم جودة الحياة والسعادة .. وذلك بالاختيار الدقيق للعاملين وتدريبهم وإعطائهم حقوقهم المجزية .. ووضوح المسؤليات والواجبات .. وأن جوهر الحياة والخدمة هو السعادة وليس الرضا والقبول بأنصاف الحلول.
كما أن مفهوم المجمعات السكنية يساعد على إيجاد مناخ ونظام وسلوك محابٍ لجودة الحياة .. وأن الشرطة صديقة للمجتمع .. وأن التعاملات الإلكترونية والرقمية .. ما هي إلا تقنيات ووسائل وأدوات إجرائية دقيقة .. تعضدها وتدعمها تجارب إنسانية .. بكل أبعادها المرسومة للوصول للرسالة والهدف والغاية التي مقياسها تجربة السعادة التي لا مساومة عليها.