جدة – عبدالهادي المالكي – ياسر بن يوسف
تحولت المملكة إلى نموذج عالمي فريد في رعاية الموهوبين وتنمية طاقاتهم الخلاقة، ومهاراتهم وقدراتهم ليكونوا عماد المستقبل، محقيين مستهدفات رؤية 2030، خصوصاً أنهم يملكون الذكاء اللازم ليدفعوا مسيرة التنمية في جميع المجالات، بعد أن حصلوا على الدعم الكامل من قبل القيادة الرشيدة -أيدها الله-، بتوفير الحواضن مثل مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، لاكتشاف ورعاية الموهوبين في كافة التخصصات ذات الأولوية التنموية، للمساهمة في بناء منظومة وأنموذج للموهبة والإبداع محلياً وإقليمياً وعالمياً، كون المبدعين رافداً أساسياً لازدهار البشرية، فضلاً عن مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز الخيرية (مسك الخيرية)، للتشجيع على التعلم وتنمية المهارات القياية لدى الشباب، من أجل مستقبل أفضل، عبر توفير الوسائل المختلفة لرعاية المواهب والطاقات الإبداعية.
وتعمل “موهبة” على إيجاد بيئة محفزة للموهبة والابداع وتعزيز الشغف بالعلوم والمعرفة لبناء قادة المستقبل وخدمة الإنسانية عبر قيّم الشغف، التميز، الإبداع، التعاون والثقة، ومن خلال أهدافها وتطوير خططها الإستراتيجية في رعاية الموهبة والإبداع ودعم الابتكار؛ استرشاداً بأفضل التجارب العالمية وبمساهمة خبراء دوليين ومحليين، وذلك سعياً إلى المساهمة الفاعلة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م، وبناء الإنسان أينما كان والاستثمار في قدرته وامكاناته وما يزخر به من طاقات موهوبة ومبدعة في شتى المجالات. وتحظى “موهبة”، بدعٍم كبيٍر ومتواصٍل من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –يحفظه الله- منذ تأسيسها، إيمانًا منه بأهمية رعاية الموهبة والإبداع، فكان وبنظرته الثاقبة وقراءته الحكيمة للمستقبل أن قدم للوطن “مقترحاً” بفكرة تأسيس كيان يُعنى برعاية الموهوبين إبان إمارته لمدينة “الرياض” ورئاسته لمجلس منطقة الرياض، والذي كان بفضل الله ثم بفضل مبادرة مقامه الكريم انطلاق “نواة” التأسيس، وصولاً إلى تشرفها بحمل اسم الملك المؤسس للسعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ورجاله؛ ليكون تأسيسها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله-، وكان أول من ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ تأسيسها حتى وفاته – رحمه الله-؛ لتثبت هذه النظرة الثاقبة والبعيدة المدى أن قيادة المملكة الرشيدة تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين كونهم الرافد الأهم لازدهار الأوطان، والقادرين على تشكيل آفاق مستقبلية جديدة لخدمة البشرية جمعاء.
تميز إبداعي
تتميز خطة “موهبة” بالشمولية، والتتابع والتركيز في رعاية الموهوبين والمبدعين في المجالات العلمية والتقنية، وتضمنت الخطة تطوير منهجية علمية لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم، حيث يتم اكتشاف أكثر من 13 ألف طالب وطالبة موهوبين سنويا من بين عشرات الألوف الذين يخضعون كل عام وبالتعاون مع وزارة التعليم للبرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين في أكثر من 100 مدينة وقرية في المملكة وتقدم موهبة 20 مبادرة مختلفة لرعاية الموهوبين يستفيد منها ألوف الموهوبين سنويا. وتمثل هذه قاعدة بيانات وطنية متكاملة تحوي معلومات مفصلة عن أفضل العقول في الوطن من الموهوبين والموهوبات من كافة أنحاء المملكة حيث تتم متابعتهم حتى بعد تخرجهم من الجامعات، بينما أتت مشاركات موهبة ورعايتها لأكثر من 54000 طالب وطالبة ثمارها من خلال تحقيق المملكة إنجازات على المستوى الدولي في المسابقات العلمية الدولية، حيث حصل طلاب المملكة على 397 ميدالية وجائزة في المسابقات العلمية الدولية، كما طور الطلاب أكثر من 16.000 فكرة، وحصلوا على 15 براءة اختراع، وقبل أكثر من 1000 طالب وطالبة في أفضل 50 جامعة دولية مرموقة، في تخصصات نوعية تتوافق مع احتياجات خطط التنمية الوطنية.
برامج هادفة
تنظم مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، برامج متنوعة للكشف عن الموهوبين من بينها البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين، الذي ينفذ سنويا منذ 2011، بشراكة استراتيجية مع وزارة التعليم وهيئة تقويم التعليم، إذ بلغ عدد من تم الكشف عنهم بالمملكة حتى 2020، أكثر من 133 ألف طالب وطالبة، من أصل ما يزيد على 440 ألف متقدم للاختبار، فضلا عن برنامج موهبة المتقدم في العلوم والرياضيات، الذي يهدف إلى تعريض الطلبة الموهوبين إلى خبرات تعلمية متقدمة أكثر اتساعاً وعمقاً من الخبرات التي تقدم في مدارسهم الاعتيادية من أجل تحفيزهم على اكتشاف المزيد من مفاهيم الرياضيات والعلوم وتطبيقاتها، وإطلاقص طاقاتهم الكامنة، بينما البرنامج الثالث هو: سفراء موهبة، الذي يقام بالتعاون مع أعرق الجامعات العالمية، وتدعم المؤسسة الطلاب مادياً ومعنوياً في جميع مراحل البرنامج ابتداء من التسجيل وحتى إتمام البرنامج.
وهناك برنامج موهبة الإثرائي العالمي، الهادف إلى نقل الخبرات الدولية للمؤسسات التعليمية الوطنية، بحيث يتم استضافة الجهات الدولية في الجامعات الوطنية داخل المملكة، ويتضمن البرنامج العديد من الوحدات الإثرائية العلمية والتقنية في مجالات STEM مقدمة من نخبة من المختصين في مجال التعليم. يضاف إلى ذلك، برنامج موهبة للالتحاق بالجامعات المرموقة (التميز)، لتأهيل ودعم المواهب السعودية الواعدة بأفضل الجامعات العالمية، وبلغ عدد طلبة برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي 34405 طالبا، كما تنظم موهبة، الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع)، الذي يعد أكبر مسابقة علمية في المملكة لمرحلة ما قبل الجامعة، وهي مسابقة سنوية للتنافس عبر مشاريع بحثية علمية فردية، بينما هناك برنامج موهبة للأولمبيادات الدولية للتنافس في 22 مجالاً علمياً، من خلال تقديم مشاريع علمية بحثية تجاوز عددها أكثر من 60 ألف مشروع بحثي.
نماذج مشرفة
استحدثت موهبة مركز التميز في يوليو 2019، لتلبية احتياجات الخطة الخمسية الثالثة ودعم خطة التمكين وتجويد الأعمال لموهبة، إذ يتولى المركز قيادة عمليات الكشف عن الطلبة الموهوبين وتصميم البرامج والدورات التدريبية للمستفيدين، ومواءمتها مع احتياجات الموهوبين وفق معايير جودة عالمية، بالإضافة إلى إعداد البحوث والدراسات المتخصصة التي تهدف إلى تطوير وتحسين الأداء في البرامج والخدمات التي توفرها موهبة للموهوبين ومن يتعامل معهم من أولياء أمور ومعلمين ومختصين وباحثين. ويعمل المركز كمحرك أساسي لإدارة مجموعة من العمليات.
وقد استطاع طلاب موهبة من الحصول على 453 جائزة دولية، منها 53 خلال العام الجاري 2021 (40 ميدالية و13 شهادة تقدير)، كما طوّر طلبة موهبة أكثر من 16 ألف فكرة، وحصلوا على 15 براءة اختراع، وتم قبول أكثر من 1000 طالب وطالبة من أبناء المؤسسة في أفضل 50 جامعة مرموقة على مستوى العالم، فيما حقق أبناء موهبة منذ 2007 وحتى 2021، 83 جائزة سعودية، منها 53 جائزة كبرى و30 جائزة خاصة، عقب المشاركة في معرض ريجينيرن الدولي للعلوم والهندسة “آيسف”. ومع الإنجازات التي حققها أبناء الوطن في آيسف” تم إطلاق أسماء عدد منهم على كويكبات اعترافاً بجهودهم وتميز مشاريعهم، ففي عام 2016 أطلق اسم الطالب السعودي عبد الجبار الحمود وهو أحد طلبة الذين رعتهم موهبة من خلال برامج متعددة- على أحد الكويكبات، بعد تحقيقه المركز الأول في بحوث علم النبات في المعرض الدولي للعلوم والهندسة -إنتل آيسف 2015م، بالإضافة إلى تكريمه من قبل جائزة “نوبل” في حفلها المقام في السويد الذي حضره العديد من العلماء والباحثين الفائزين بجوائز “نوبل العالمية”. وفي عام 2017م أطلق اسم الطالبة السعودية فاطمة الشيخ على أحد الكويكبات، لحصولها على المركز الثاني في معرض إنتل آيسف 2016- في مجال علوم النبات. وفي عام 2019م أطلقت وكالة NASA اسم الطالب فيصل الدوسري على أحد الكويكبات، بعد تحقيقه بحثاً عن تصنيع هرمونات نباتية للاستخدامات الزراعية في معرض إنتل آيسف 2018، وحقق عدة إنجازات بحصوله على المركز الثاني في مجال علوم النبات، وجائزة خاصة من جمعية الصين للعلوم والتقنية، وجائزة أخرى خاصة من Shanghai STEM Cloud Center. ولتعزيز التواجد الدولي للمملكة قدمت موهبة جائزة خاصة في مجالات بحثية نوعية في معرض (ISEF)، فاز بها 97 طالباً من 20 دولة. وعلى هامش عام الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين، وضمن برنامج المؤتمرات الدولية المقامة ضمن الفعاليات نظمت مؤسسة موهبة المؤتمر العالمي الأول للموهبة والإبداع “تخيل المستقبل”، لتعزيز التوجه العالمي في تنمية القدرات الشابة الموهوبة والمبدعة لتشكيل آفاق مستقبلية جديدة، وتوسيع نطاق التعاون الدولي عبر شراكات فاعلة لتنمية رأس المال البشري من الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة والمبتكرة لمواجهة المستجدات والتحديات العالمية.
بعد دولي
وسعت مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، منذ إنشائها دائرة ثقافة الموهبة والابداع وترسيخِها في المنطقة والعالم لتعزيز بعدها الدولي ونقل تجربتها إلى دولة الإمارات الشقيقة، لتمكين الأجيال في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتحقيق تعليم ريادي ابتكاري لأجيال مهارية تستشرف المستقبل، كذلك هناك مذكرة مع مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع في دولة الكويت الشقيقة لتبادل الخبرات والاستشارات المعرفية والأكاديمية، كما وقعت “موهبة” ومنظمة “اليونسكو” خطاب نوايا لبناء شراكة قوية وتعزيز التعاون العلمي الدولي بينهما، وتبادل المعرفة لدعم الدول الأعضاء ورعاية النخبة من المتعلمين في العلوم والتكنولوجيا، وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات العالمية الحالية. ونظمت “موهبة” ملتقى علمياً عالميا في مقر اليونسكو في باريس لتسليط الضوء على دور الموهوبين في مواجهة التحديات العالمية، وشاركت بخمسة من طلابها في مشاورة اليونسكو الإلكترونية مع الشباب الفاعلين في مجال التصدي لتغير المناخ في المنطقة العربية لتي اقيمت في يونيو 2020. وأيضا نظمت “موهبة” بالتعاون مع (اليونسكو) الوبينار الأول المخصص لدولة الكونغو لتقديم الدعم والاستشارة إلى 53 من الشباب العلماء في مدينة برازافيل، لتمكينهم من تحويل أفكارهم العلمية الى منتجات وتأسيس شركات ناشئة، في عطاء سعودي يمتد لخارج الحدود، وتجسيد للأثر العالمي لطلبة موهبة بعد ان باتت صاحبة النهج الاكثر شمولا في العالم في اكتشاف ورعاية وتمكين الموهوبين.
دعم في مجالين
من جهتها، تدعم مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز الخيرية (مسك الخيرية)، تمكين الشباب السعودي في مجالين، هما: التعليم وريادة الأعمال كمجال أساسي، والعلوم والتقنية كمجال مساند، من خلال تصميم البرامج وبناء الشراكات مع المنظمات المحلية والعالمية، بما يدعم جهود بناء مجتمع متقدم قائم على المعرفة، بينما تشجع على التعلم وتنمية المهارات القيادية لدى الشباب؛ من أجل مستقبل أفضل في المملكة، كما تعمل المؤسسة على الأخذ بيد الشباب في أنحاء البلاد، وتوفير الوسائل المختلفة لرعاية المواهب والطاقات الإبداعية وتمكينها، وخلق البيئة الصحية لنموها والدفع بها لترى النور، إذ أطلقت مبادرة “ديوان الابتكار”، لتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار لدى الشباب السعودي، من خلال منحهم الفرصة للمشاركة في تقديم حلول فعالة للتحديات التي تواجه مجتمعهم. وتسعى المبادرة لتقديم أثر مستدام يحقق الفائدة للمجتمع ويسهم بشكل مباشر في تفعيل دور الشباب. وتتكون المبادرة من أربع مراحل أساسية تبدأ من اختيار التحديات المجتمعية وبناءً عليها يتم التقديم على الأفكار والمبادرات والحلول المناسبة، حيث يخوض الشباب خلال هذه المراحل تجربة فريدة تصقل مهاراتهم وتنمّي قدراتهم في تطوير الأفكار وتطبيقها على أرض الواقع ومن ثم سيتم تنقيح الأفكار واختيار الحلول والمبادرات المتميزة والفريدة من نوعها والقابلة للتطبيق والتنفيذ من قبل شركاء وجهات معنيّة داعمة للمساهمة في المسؤولية المجتمعية. وصُمم هذا البرنامج لإشراك الشباب السعودي في المساهمة المجتمعية من خلال تطوير الجهود الفرديّة والابتكارات الاجتماعية وتحويلها إلى مبادرة مكتملة الأركان لتحقيق الأثر المأمول، سوف يساهم المشاركون في البرنامج بتقييم وتحليل تحديات مجتمعية، ومن ثم تتاح لهم الفرصة لتقديم الحلول بآليات وممكنات مختلفة.