متابعات

بناء العقول.. الاستثمار في ذكاء المواطن

البلاد – مها العواودة – أبها – مرعي عسيري

قطعت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله خطوات جبارة في كافة المجالات وكان المواطن السعودي هو المحور والاساس في جهود الدولة ايدها الله، ليتمكن المواطن السعودي من تبوء مكانته بين دول العالم الاول، وقد اكد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في مناسبات عديدة ان المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة وان الاستثمار في المواطن السعودي وتنمية قدراته هو هدف رئيسي من اهداف رؤية المملكة 2030.

لقد حرص خادم الحرمين الشريفين وهو المعروف بحبه للتحليل والقراءة العميقة والنقاش المستفيض مع المختصين على إيلاء التعليم بكافة مراحلة وكذلك البحث العلمي الاهتمام الكبير.

فقد وضع نصب عينيه أيده الله من بداية تسلمه دإمارة الر ياض الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي وتوفير المكتبات، والمتاحف، وجعل مدينة الرياض مدينة عالمية ووجهة لطلبة العلم ونموذجًا لمدن المملكة، نعم فهو مهندس مدينة الرياض، قلب المملكة النابض، ففي مجال التعليم حرص ــ يحفظه الله ـــ على توفير التعليم بجميع مراحله للمواطن السعودي وتقديم كافة اشكال الدعم للمدارس والجامعات والمراكز البحثية والمكتبات، بدءاً من توفير الاراضي وبمساحات مناسبة وكبيرة والحرص على متابعة مشاريعها وإنجازها في أسرع وقت وفق اخر واحدث ما تم التوصل اليه في الدول المتقدمة، تبع ذلك زياراته التفقدية المستمرة وما يتخللها من دعم وتوجيه.

وبعد تقلده رعاه الله مقاليد الحكم في المملكة ازداد التركيز على بناء الانسان السعودي وتمكين المرأة، وليس ادل على ذلك من رؤية المملكة الطموحة والتي من اهم اهدافها بناء الانسان السعودي وزيادة قدراته بحيث يصبح منافسًا قويًا على المستوى العالمي. فتم التركيز على تطوير التعليم العام والجامعي، وتوجيه الجامعات بالحرص على جودة المخرجات والعمل على تحقيق مراكز تصنيف متقدمة وتطوير منظومة البحث والابتكار على مستوى المملكة.

كما تم العمل على توجيه الابتعاث في تخصصات نوعية و حصره في الجامعات العالمية المرموقة وذات التصنيف المتقدم. اما ما تحقق للمرأة السعودية من إنجازات وخلال فترة وجيزة بفضل الدعم اللامحدود منه حفظه الله والذي كان محط اهتمام واشادة كبيرة على المستوى الدولي، حيث حرص على دعم المرأة وإزالة العقبات التي تقف امام تمكينها وتحد من مشاركتها الفاعلة في التنمية مما انعكس على زيادة اعداد العاملات على مختلف المستويات وانخفاض نسبة البطالة بين المواطنات وتحسين دخل الأسرة. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء.

أمضت المملكة سبع سنوات من الجهد الخلاق لبناء العقل السعودي، انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- على الاستثمار في بناء المواطن، باعتباره ثروة من ثورات المملكة، فتنمية العقول القادرة على الإبداع والابتكار، أصبح هدفاً أساسياً لإتاحة الفرصة أمام شباب الوطن للمشاركة في بناء وطن مثالي تتعدى طموحاته كل سقف، لذلك ظهر النبوغ العلمي والإبداع المعرفي، والذكاء الشبابي بعد تأهيل وتدريب وابتعاث في أفضل الجامعات العالمية، وتوفير معينات التميز في الجامعات السعودية التي خرجت كوادر يشار إليه بالبنان لتساهم في نهضة الوطن وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

أكد المدير العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج الدكتور علي بن عبدالخالق القرني، أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وضع منذ توليه سدة الحكم في المملكة العربية السعودية، تنمية الإنسان في أعلى سلم الأولويات إيمانا منه، بأن إحداث التطور الملموس في البلاد مرهون بقدرة الإنسان السعودي على التأثير القوي والإيجابي في مسيرة التنمية، فكان أن تم التركيز بصفة خاصة على الشباب باستحداث الوسائل الممكنة لهم لاكتساب مهارات العصر، ومن ذلك التركيز على التعليم ورفع سقف التوقعات منه، واستمرار الابتعاث إلى الجامعات القوية في كل دول العالم، لافتا إلى أن إعلان رؤية المملكة 2030 تشكل منعطفاً تاريخياً عماده الشباب، وأساسه الجودة، وامتلاك ناصية المهارات التي تتطلبها الثورة الصناعية الرابعة، فتم استحداث العديد من البرامج الهادفة إلى تغيير العقلية السعودية من الاعتماد التام على القطاع العام واعتبار الوظيفة الحكومية الملاذ الآمن مدى الحياة إلى الانعتاق من هذا الهاجس نحو الالتحاق بالقطاع الخاص والدخول في غمار التنافس بثقة وإصرار على الترقي والحصول على الوظائف ذات الدخل المرتفع واعتبار تطوير الذات مهمة مستمرة غير منتهية.

وأضاف «لقد أدرك الشباب السعودي اليوم أن جودة حياتهم تعتمد بشكل أساسي على جودة أدائهم في أعمالهم، وأن إسهامهم في تنمية وطنهم بصفة خاصة وخدمة الإنسانية بصفة عامة يحتم عليهم الاستعداد الدائم لخوض غمار التنافس ليس فقط على المستوى المحلي وإنما على المستوى العالمي. ولعل من أهم الأمثلة لبرامج تغيير عقلية الشباب برنامج تنمية القدرات البشرية الذي أعلنه قبل أسابيع ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله -، فقد غدا هذا البرنامج بمثابة الاستراتيجية لتمكين الشباب وتطوير اتجاهاتهم ورفع مستوى قدراتهم وذلك بتوفير التعليم المتين وتوسيع النظرة إلى التعليم بالتأسيس للتعلم مدى الحياة ليكون الشاب السعودي مهيأ على الدوام لتغيير مجال عمله تبعا لمستجدات مجالات العمل التي أصبحت تتسم بالتغير السريع فوظائف اليوم لن تكون هي وظائف المستقبل»، موضحاً أن التغير الذي حدث في السنوات القليلة الماضية في طريقة التفكير وفي نمط الحياة في المملكة مدهش بكل المقاييس ومبشر بجيل ديناميكي مغامر قادر على إعادة التموضع ومجابهة متطلبات المستقبل.

 

سباق معلوماتي
قال مدير جامعة أم القرى سابقا الدكتور بكري عساس، إن السباق المعلوماتي اليوم هو المعركة الحقيقية للتنافس والشهود الحضاري بين الأمم، فمن كان يملك التوابل في القرن التاسع عشر ملك العالم، ومن ملك النفط في القرن العشرين ملك العالم، ومن يملك المعرفة في القرن الحادي والعشرين سيملك العالم ومن هنا تحولت المعرفة إلى سلعة اقتصادية مهمة، ونشأ ما يسمى اليوم باقتصاد المعرفة وتعتبر المملكة العربية السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، وبغض النظر عن الجدل الشديد الذي دار حول صحة توقيت (نضوب النفط)، إلا أن عاقلاً لا يشك في أن النفط – كسائر المعادن والثروات- سلعة ناضبة بالنهاية، وسيصحو العالم ذات يوم قريب أو بعيد وليس في الدنيا نفط. واستشعارا لهذا التحول المعرفي الكاسح والسريع، عمدت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- إلى وضع رؤية مستقبلية (2030) وإعداد خطة إستراتيجية للتحول إلى الاقتصاد المعرفي والمجتمع القائم على المعرفة.

وأردف قائلاً: «بالنظر إلى المجتمع السعودي نجد أن نسبة الشباب والشابات فيه 79 % تقريباً من الذين أعمارهم ما بين (19 و21) سنة، وهذه ميزة تفتقدها أغلب الدول المتقدمة اقتصادياً مما يعني أن هذا المجتمع يحتاج إلى اقتصاد معرفي يحقق مخرجات متميزة لخطط التنمية في البلاد إضافة إلى إيجاد الحلول الإبداعية للكثير من المشاكل التي تواجه متخذي القرار في المملكة».

أوضح الدكتور عساس أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- أدرك أن الاستثمار الحقيقي إنما هو في الإنسان السعودي؛ فاعتمد ميزانيات هائلة لتطوير التعليم والتعليم العالي والفني مما أدى إلى حصول الشباب السعودي على الكثير من الجوائز في المشاركات الدولية التي تهتم بالابتكارات وبراءات الاختراع التي يمكن تسويقها على شكل منتجات تجارية إضافةً إلى الموافقة الكريمة على دعم مراكز البحث العلمي المنتج وإنشاء أودية للتقنية في الجامعات السعودية التي ساعدت على تخريج شباب من المبتكرين والمبدعين ورواد الأعمال، فأصبحت المخرجات السعودية -ولله الحمد- في تناسق شبه تام مع متطلبات السوق المحلي والعالمي فضلا عن إرساء برنامج لابتعاث الشباب السعودي لأرقى الجامعات العالمية المرموقة وفي أدق التخصصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل، كل ذلك لينتقل باقتصاد المملكة من اقتصاد ريعي يعتمد على مصدر واحد سريع النضوب هو ما ينتجه باطن الأرض وهو النفط إلى اقتصاد معرفي يقوم على ما ينتجه العقل السعودي، النبع الذي لا ينضب، لافتا إلى أن ذلك سيجعل من المملكة العربية السعودية -بعون الله- مجتمعاً معرفياً ومنافساً دولياً.

 

تنمية الإنسان
يرى الكاتب السعودي حسين شبكشي، أن السنوات السبع الماضية قدمت خلالها المملكة العربية السعودية العديد من المبادرات لأجل تنمية الإنسان السعودي عل النطاق التعليمي والصحي والاقتصادي والاجتماعي وكلها تصب في مصلحة توسيع الآفاق وتحسين التواصل مع العالم في كافة المجالات ليصبح الناتج إنسان سعودي أكثر إنتاجا وثقافة وتألقا وتميزا في ظل عالم به تنافسية شرسة جدا لابد أن يكون فيها الميزة النوعية للمواطن السعودي ميزة ثقافية تعليمية توعوية وأن يكون هناك العديد من وسائل التنمية المقدمة له والإحساس بالانتماء والولاء عن طريق تقديم كافة عناصر التفوق والتميز والإبداع المعرفي والاقتصادي والاجتماعي بشكل عام.

فيما قال مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وعضو مجلس الشورى السابق عبد العزيز بن عبد الله الدخيل: إن مشوار الملك عبدالعزيز وأبنائه في مجالات التنمية عمومًا والتعليم خصوصًا أتت ثمارها، كما نرى من بروز العديد من المواطنين المتخصصين في مختلف المجالات وفي عصر الملك سلمان بدأت المملكة تشهد التركيز على الجودة في التعليم حيث نرى تتابع الإشادات المحلية والدولية بجهود أبناء الوطن في العديد من التخصصات.

وأكد المدير العام لمنظمة الإيسيسكو الدكتو سالم بن محمد المالك لـ»البلاد»، أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز –حفظه الله- ببناء العقل السعودي، من شخصيته ذات الأبعاد الإنسانية المتعددة، تلك الشخصية التي تأثرت منذ بواكيرها بالأجواء المتفردة التي نشأ فيها تحت رعاية والده الملك المؤسس عبد العزيز –طيب الله ثراه- حيث كان قريباً جداً من كنف أبيه وظل يصحبه في أسفاره المتعددة، فتشرب قيم الاهتمام بالمواطنين وقضاياهم، وعلم باكراً أن مهمة المسؤول هي إيجاد الحلول العملية لما يواجهه المواطن من مشاكل وعقبات، وإضافةً إلى ذلك، تشرب خادم الحرمين الشريفين في تلك السن الباكرة قيم العدالة والانتصاف للمظلومين ورد الحقوق عاجلاً، وقد ترعرعت معه هذه القيم وظلت لصيقةً به، فبرزت كأحسن ما تكون خلال توليه إمارة الرياض لأكثر من خمسين عاماً، كان يتصدى فيها شخصياً لقضايا المواطنين ويباشر البت العملي فيها، كما كان يصد أية محاولات للتدخل في سير العدالة حيال القضايا التي يكون المتنفذون أطرافاً فيها.

ولفت إلى أن خادم الحرمين في سبيل نشأة عقول سعودية متميزة، كان يسعى إلى تهيئة البيئة المثالية لها البيئة الخالية من إحساس الظلم، والمتسمة بالمبادرة والسرعة في الإنجاز والمجسدة للروح العملي الذي لا يركن إلى التنظير كثيراً، ويرى أن من حق المواطن قضاء شأنه على الوجه الأكمل ثم لما تولى بشخصيته الفذة –حفظه الله- واجبات الحكم، كولي عهد ثم ملكاً، في فترة تشهد اهتماماً عالمياً بالإنسان كلبنة أولى في سياق التنافس البشري المتسارع للاستفادة من التطورات التقنية والبنيوية الهائلة في المنتظم الإنساني، نجد خادم الحرمين الشريفين سباقاً إلى منح الإنسان السعودي كل موجبات احتلاله موقعه في الصدارة من المجتمعات بوصفه إنساناً عالمياً مؤهلاً لخوض غمار المعترك الحضاري الذي لا يفسح المجال إلا لمن كان مؤهلاً لهذا الدور.

وتابع «لقد تبدت لي بجلاء هذه التوجهات الكريمة خلال سفري ضمن وفود صحبته –حفظه الله- حينما كان ولياً للعهد، في زيارات مهمة إلى خارج البلاد، رأيت فيها كيف يولي بنفسه عناية خاصة بطلاب العلم السعوديين في تلك البلاد وكيف يبدي لهم من عطفه واهتمامه ما يؤكد لهم أن القيادة تقف إلى جانبهم وتشد من أزرهم».

 

رفعة العقل السعودي
وأشار الدكتور سالم بن محمد المالك، إلى أنه «إذا أردنا أن نشهد بوضوح في الحاضر كيف مضى مشوار خادم الحرمين الشريفين، في بناء الإنسان السعودي، فعلينا أن ننظر إلى المشاريع العملاقة التي هدفت إلى التركيز على رفعة العقل السعودي، وهو ما نهض به إلى جانبه ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي استلهم ذلك العطاء الكبير من لدن الملك سلمان، فرسم بتفكير عظيم الرؤية السعودية 2030، التي تبتغي إيصال المملكة إلى مصاف العالم الأول، مستفيدة لا من مواردها الاستراتيجية المعهودة، بل في المقام الأول من المواطن السعودي الذي يعتبر أساس هذه الرؤية وحجر الزاوية فيها، لذلك انطلقت برامج التدريب والاستيعاب، وشهدت المرافق الحكومية حركة دائبة وكأننا نعيش في خلية لا تهدأ من كثافة العمل واستشعار المسؤولية، ولعل أهم ما في هذا التوجه الحضاري الجديد، الانتباه إلى قيمة المرأة كموردٍ بشريٍ بالغ التأثير في النهوض بأعباء تقدم البلاد، فبتنا اليوم نرى ثمار هذا الإنجاز وإسهامه الذي ظلَّ الوطن يتحيَّن الوقت المناسب للاستفادة من عطائه الكبير».

ونوه إلى أن التقدم المحرز في استثمار العقول معرفياً وفي وضع الخبرات البشرية وفقاً لمواقعها الصحيحة في القطاعات المختلفة –عامِّها والخاص- يؤكد أن النهج المؤسسي الذي يعتمد الخبرة والكفاءة والتخصص هو النهج الأمثل لبلوغ المملكة مطامح 2030، وهو ما أكده ولي العهد –حفظه الله- خلال تناوله أبرز ما حققته برامج ومشروعات رؤية المملكة 2030، حيث أبان في أبريل الماضي، عن ارتفاع النسب في برامج التنمية إذ ارتفعت نسبة الإسكان من 47 % إلى 60 % خلال أربع سنوات فقط، كما شهد قطاع التوظيف والعمل نموا انحسر به معدل البطالة من 14% إلى 11%، مع ارتفاع معدل الإيرادات غير النفطية من 166 مليار إلى 350 مليار ريال سعودي.. هذا فضلاً عن إعادة الهيكلة -بصورة أقرب إلى المنشود- في قطاعات عديدة كانت تشكل بنهجها القديم عقبات أمام النماء والتطوير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *