مركز المعلومات – عبدالله صقر
في نهاية شهر أكتوبر من عام 1963م نشرت صحيفة (البلاد) خبرا تحت عنوان ( تفريغ البضائع في ميناء جدة يتم بانتظام) بعد عودة مدير عام مصلحة الموانئ والمنائر من الرياض لتصفية قضية الشحن والتفريغ بميناء جدة ومباشرته لمهمته ميدانيا وقد انتظم العمل في عملية تفريغ البضائع بعد زيادة ساعات العمل في الميناء.
واليوم وبحسب التقرير العالمي لعام 2021 حقق ميناء جدة الإسلامي قفزة كبيرة في تصنيفه العالمي من المركز 42 إلى المركز 37 عالمياً، عبر تسجيله خلال العام 2020م (4,767,000) حاوية قياسية، وذلك مقارنة بما سجله في العام 2019م بواقع (4,433,991) حاوية، محققاً زيادة بلغت 6.8 %، ومتجاوزاً بذلك العديدا من الموانئ الإقليمية والعالمية.
وبهذا الإنجاز رفعت المملكة تصنيفها العالمي في أداء شبكة موانئها البحرية، حيث قفزت إلى المرتبة 16 دولياً في حجم كميات المناولة، وذلك وفق التقرير السنوي (Lloyd’s List) لعام 2021 الذي يقيس القدرة الإنتاجية السنوية لمناولة الحاويات.
دور محوري بين القارات
ويأتي هذا الإنجاز نتيجة لبرامج التطوير وعقود الإسناد التجاري التي أبرمتها الهيئة العامة للموانئ لرفع كفاءة تشغيل محطات الحاويات بميناء جدة الإسلامي، بعقود تمتد لـ 30 عاماً، وبقيمة استثمارات تناهز 9 مليارات ريال، وزيادة الطاقة الاستيعابية لمحطات الحاويات بأكثر من 70 % لتصل إلى أكثر من 13 مليون حاوية.
كما يأتي نتيجة للشراكات الإستراتيجية الفاعلة مع كبرى الخطوط الملاحية العالمية، من خلال إضافة أربعة خطوط ملاحية عابرة للقارات خلال العام المنصرم، بما يُسهم في تعزيز قوة ربط موانئ المملكة مع موانئ الشرق والغرب، وزيادة كميات المناولة في الموانئ السعودية.
بوصفه أكبر موانئ المملكة شهد ميناء جدة الإسلامي نهضة شاملة وانطلاقة كبرى في تحقيق الأهداف الرئيسية التي تواكب رؤية المملكة 2030م في أن تكون المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً للتجارة البحرية ومحور ربط بين القارات الثلاث، وضمن الإستراتيجيات العامة المتوجهة نحو تعزيز قدرات الموانئ السعودية ورفع طاقاتها الاستيعابية وخدماتها التنافسية ما يقتضي تطوير صناعة النقل والخدمات اللوجستية بالمملكة وتعظيم دورها الاقتصادي والتنموي.
الأول في التجارة البحرية العابرة
يرتبط مصطلح المسافنة (Transhipment) بميناء جدة ارتباطا وثيقا، فالمسافنة هي عملية نقل الحاويات من سفينة إلى أخرى ثم تذهب الحاويات إلى وجهتها دون دخولها البلد.
يتميز ميناء جدة الإسلامي بموقعه الإستراتيجي عبر وقوعه على ساحل البحر الأحمر الذي يمر منه ما يزيد على 13 % من حجم التجارة البحرية الدولية، بوصفه حلقة وصل بين قارات العالم الثلاث “آسيا، وأوروبا، وأفريقيا”، ويُعد الميناء الأول والأهم في مجال التجارة البحرية العابرة “حاويات المسافنة”، نظراً لتكامل بنيته التحتية ومعدات المناولة المتطورة به، وسهولة الإجراءات في مجال فسح الحاويات والبضائع في فترة قياسية، إلى جانب سرعة عمليات الشحن والتفريغ.
ويناول ميناء جدة الإسلامي أكثر من 70 % من البضائع الصادرة والواردة عبر الموانئ السعودية، فيما يحتل المرتبة الأولى بين موانئ البحر الأحمر ويقع على الشريان التجاري البحري الذي يربط الشرق الأقصى، وأوروبا، ودول القرن الأفريقي عبر 62 رصيفاً مزوداً بأحدث التجهيزات والتقنيات وفقاً للمواصفات الدولية، بطاقة استيعابية تبلغ 130 مليون طن.
51 مليار ريال خلال سبعة اشهر
في أغسطس عام 2020 م حقق ميناء جدة الإسلامي مناولة 5,2 مليون طن من البضائع بنسبة زيادة بلغت 12 %، بمتوسط تفريغ يومي تجاوز 166 ألف طن، إضافة إلى تفريغ 424 ألف حاوية قياسية بنسبة زيادة بلغت 4%، وذلك مقارنة بالمدة المنقضية من العام السابق، بطاقة مناولة يومية وصلت إلى أكثر من 14 ألف حاوية قياسية يومياً. ولمعرفة ما يمثله الميناء من أهمية قصوى ودور حيوي وفعال في دفع حركة التنمية والاقتصاد الوطني بالمملكة فقد بلغت أقيام السلع الواردة عبره في الفترة مابين يناير ويوليو من العام 2020 م فقط نحو (51) مليار ريال مما جعله الميناء التجاري المحوري الأول بمنظومة الموانئ السعودية، والموانئ الإقليمية.
وفي فبراير العام الحالي استقبلت المملكة ممثلاً بميناء جدة الإسلامي، أول وأكبر سفينة حاويات في العالم تعمل بشكل كامل على الغاز الطبيعي المسال الصديق للبيئة بنظام (LNG)، وذلك في زيارتها الأولى للمملكة ولميناء جدة الإسلامي الذي يتميز بقدرته العالية على استقبال أكبر سفن العالم.
وتبلغ الطاقة الاستيعابية للسفينة 23 ألف حاوية قياسية، ويبلغ طولها 400 متر وعرضها 61 متراً، والتي تم اكتمال بناؤها ودخولها الخدمة في شهر سبتمبر لعام 2020 والتابعة للخط الملاحي الفرنسي (CMA CGM) رابع أكبر خط ملاحي في العالم وسميت على اسم مؤسسها الراحل “جاك سعادة”.
ويأتي هذا الحدث الرائد استمراراً للشراكة الاستراتيجية التي عقدتها “موانئ” مع الشركة الرائدة في مجال النقل البحري العالمي (CMA CGM)، بدعم المنظومة اللوجستية السعودية ومتابعة من معالي وزير النقل؛ لزيادة قوة ربط موانئ المملكة مع الموانئ العالمية، تماشياً مع خططها وأهدافها الاستراتيجية.