الخرطوم – البلاد
مع استمرار تداعيات الأزمة السودانية السياسية، وتمسك كل طرف بشروطه، كرر مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى القرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، دعوة بلاده لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، لاتخاذ خطوات لاستعادة الحكومة، وإطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين، مشدداً أمس (الثلاثاء)، على ضرورة مشاركة بين المدنيين والعسكريين في حكم البلاد، معتبرا أن استقرار السودان يعتمد على استعادة تلك الشراكة.
وقال فيلتمان: “نؤكد على ضرورة استعادة الجماهير للشراكة، مؤكداً أن واشنطن لن تقبل باعتراض مسيرة التحول الديمقراطي في السودان، في وقت يتمسك رئيس الوزاء السابق عبد الله حمدوك بشروطه للعودة إلى رئاسة الحكومة، والمتمثلة في عودة الأمور إلى ماقبل قرارات 25 أكتوبر وعودة حكومته بكامل وزرائها، وإطلاق سراح المعتقلين، بينما يشترط البرهان حكومة تكنوقراط، وتشكيل جديد لمجلس السيادة ليشمل أطيافاً سياسية أوسع.
ودعا الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وفيلتمان في وقت سابق إلى الحفاظ على المسار الديمقراطي في البلاد، مشددين على وجوب عودة الحكومة المدنية، والشراكة بين المكون العسكري والمدني اللذين حكما البلاد، منذ العام 2019.
ولا تزال الوساطات الداخلية والخارجية تتواصل بغية حل الأزمة السياسية التي تفجرت في 25 أكتوبر مع إعلان البرهان حل الحكومة ومجلس السيادة، فضلا عن تعليق بعض بنود الوثيقة الدستورية، وتعليق عمل بعض اللجان الرسمية، كما لا يزال عدد من الوزراء ومسؤولي الحكومة وقياديين مدنيين قيد التوقيف، بعد أن داهمت منازلهم قوات أمنية واعتقلتهم فجر ذلك اليوم، وكان من بينهم حمدوك نفسه، قبل أن يطلق سراحه في اليوم التالي، إلا أنه لا يزال رهن الإقامة الجبرية في منزله.
من جهتها، أوضحت وزارة الإعلام “المقالة” في بيان على صفحتها الرسمية بـ”فيسبوك”، إنّ إطلاق سراح الوزراء المعتقلين وعودة الحكومة لمباشرة عملها يشكّلان “مدخلاً لحلّ الأزمة” وفقا لحمدوك، الذي يشدد على أنّه لن يكون طرفاً في أيّ ترتيبات وفقاً لقرارات البرهان الصادرة بتاريخ 25 أكتوبر، قائلاً: يجب إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل هذا التاريخ.
وأشار بيان الوزارة إلى أن رئيس الحكومة التقى في منزله سفراء دول “الترويكا” التي تضمّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، وتمسّكَ بشرعيّة حكومته والمؤسّسات الانتقاليّة، معتبراً أنّ “إطلاق سراح الوزراء ومزاولة مجلس الوزراء بكامل عضويّته، لأعماله، هو مدخل لحلّ الأزمة”. إلى ذلك، اعتبرت مصادر في قوى الحرية والتغيير، التي شكلت العامود الأساس في موجة الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت في السودان ضد نظام عمر البشير قبل سنوات، أن التفاوض في الوقت الحالي مع رئيس الحكومة المقالة عبد الله حمدوك لا يعول عليه، لأنه يجري تحت ضغط الإقامة الجبرية، مؤكدة أنها لن تقبل بأي من المقترحات المطروحة من الوساطة لحل الأزمة، قبل إطلاق سراح جميع الوزراء والسياسيين والنشطاء، الذين تم اعتقالهم منذ 25 أكتوبر، مشيرة إلى أن أي تفاوض يجب أن يسبقه خطوات لإعادة رئيس الوزراء وحكومته إلى مهامهم الدستورية، وإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل إجراءات الجيش الأخيرة.