البلاد – مها العواودة
يرفض الشعب اللبناني تصرفات حزب الله وسياساتها التي قادت إلى عزلة عربية، ما دفع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أمس (الأحد)، إلى دعوة الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكل المعنيين إلى اتخاذ “خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية”.
وقال الراعي: “أهم إنجاز للقوى السياسية هو عدم انجرارها في لعبة الدول ولاسيما في هذه المرحلة الإقليمية الدقيقة”، وذلك على خلفية التصريحات المسيئة التي أطلقها وزير الإعلام اللبناني تجاه المملكة والدول المشاركة في تحالف دعم الشرعية باليمن، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، بينما استنكرت قطر التصريحات وعدداً من الدول، معتبرين أنها مسيئة ومنحازة لمليشيا الحوثي الانقلابية.
وتواجه لبنان أوقاتاً عصيبة بسبب تحكم حزب الله وحلفائه في قراراتها المصيرية، ما يجر عليها المصاعب في وقت تحتاج بيروت للعودة إلى الحضن العربي، بدلاً عن معاداته، إذ يرى إعلاميون ومراقبون أن الوضع اللبناني الحالي كارثي، بينما يطالب الشعب بالتحرر من قبضة حزب الله والتحرر من أفكاره الخبيثة التي لا تريد للبنان التطور، بل كل هدفها تدمير المنطقة بدعم المليشيات الإرهابية، والوقوف إلى جانبهم لتمرير أجندة خارجية تسعى للسيطرة على المنطقة بكاملها، وهو ما سيقود لبنان إلى هاوية سحيقة يصعب الخروج منها. وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد نمر، إن حزب الله حول لبنان إلى صندوق بريد تديره محاور خارجية لمصلحتها في مواجهة العرب، حيث يواصل الحزب الإجرامي أجنده موكليه لسلخ لبنان عن محطيه العربي وضرب هويته العربية، مؤكدا أن لبنان اليوم في عزلة عربية غير مسبوقة جراء تصريحات غير مسؤولة من وزير ينتمي إلى محور الشر.
ويرى نمر أن تعاطي الحكومة بخفة مع تصريحاته والانصياع إلى رغبة حزب الله بعدم إقالة قرداحي يثبت أن هذه الحكومة لا تملك قرارها السياسي، وأنها حكومة حزب الله ملوّنة ببعض الاختصاصيين. وتابع: “هي معركة سيخوضها اللبنانيون أنفسهم لرفع يد اليد الخارجية عن لبنان، وتبدأ بإقالة قرداحي، وإذا عاند بأمر حزب الله، فعلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يستقيل”، لافتا إلى أن حزب الله ورّط لبنان جراء تدخلاته بالدول العربية وها هو يكمل على ما تبقى من دولة في لبنان.
وأضاف: “اللبنانيون يدفعون ثمن هذه الأجندة الخبيثة، ويؤكدون رفضهم المشاريع الفتنوية والعبثية”، مثمنا حكمة دول الخليج التي فرقت بين مسؤولي الدولة والشعب اللبناني، واحتضانها للبنانيين المتواجدين في هذه الدول، حيث أظهرت حرصها عليهم أكثر من دولتهم لبنان. وأردف قائلاً: حزب الله سوسة لبنان وهو المسؤول عن خراب البلد بتدخلاته وسلاحه غير الشرعي فالدولة لن تستقيم بوجود ميليشيا”.
وأكد المحللة الاقتصادية الدكتورة ليال منصور، أن العلاقات الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج هي باب للتبادل الاقتصادي وضخ أموال جديدة في لبنان المنهار، مشيرة إلى أن التصريحات المسيئة من قرداحي تقود لبنان إلى مزيد من الإغلاق والعقوبات والأضرار التي ستنعكس على سمعة البلد، منوهة إلى أن حوالي 10 % من اللبنانيين يعيشون ويعملون بالخليج ولن يتضرروا لأن الحكومات الخليجية فصلت في قراراتها الإيجابية بين الحكومة والشعب اللبناني وتعهدت بأنه لن يتضرر من الإجراءات الأخيرة.
من جانبه، أكد المفتش العام المساعد لدار الفتوى بالجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور حسن مرعب، أن القرارات التي اتخذتها المملكة ودول الخليج العربي مشروعة لما تعانيه من عبث حزب الله الذي أوصل لبنان إلى واقع مرير تحت ظل تحكمهم في كل مفاصل الدولة، منوها إلى أن هذه القرارات ستكون قاسية على لبنان في ظل وجود حكومة غير آبهة بعبث وزراءها وغير مهتمة بإنقاذ البلد التي ستغرق في مزيد من الأزمات، محملا حزب الله وأنصاره، مسؤولين ووزراء، ما ستؤول إليه الأوضاع في لبنان، خصوصاً أن 70 % من الصادرات الزراعية اللبنانية تذهب إلى المملكة. وتابع: وقف صادارت لبنان للسعودية وكل الخطوات العقابية رد فعل طبيعي على اعتداءات مليشيا حزب الله وتصريحات اتباعهم المسيئة للعرب.
في السياق ذاته، قال الكاتب زياد عيتاني، إن قرارات الدول الخليجية تجاه لبنان تؤكد أن بيروت باتت معزولة تماما عن عمقها العربي، مشيراً إلى أن تداعيات هذه القرارات لن تكون سهلة، بالنظر إلى أن 60 % من التحويلات الخارجية إلى لبنان تأتي من دول الخليج العربي، وسيخسرها البلد في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، يضاف إلى أن 70 % من الصادرات اللبنانية تذهب للمملكة والخليج أي ما يعادل ملياري دولار سنويا وفي ذلك ضربة قوية للاقتصاد اللبناني، مؤكدا في الوقت ذاته أن هوية لبنان العربية تتعرض لكارثة حقيقية ملموسة في ظل استمرار الاحتلال الإيراني على لبنان. إلى ذلك، أكد المحامي والناشط السياسي جوي لحود، أن التدابير والإجراءات التي اتخذتها الدول الخليجية غير مستغربة وطبيعية في ظل عجز الدولة اللبنانية المختطفة من قبل حزب الله الذي يهيمن ويسيطر على المشهد السياسي في لبنان ويعادي الدول العربية ويقوم بتدريب مليشيات معادية للسعودية ويتدخل في شؤون دول الجوار ويصدر المخدرات لها، مؤكدا أن أي حديث يصدر من هذه السلطة المخربة لا يمثل الإرادة اللبنانية.