أما الحب .. فهو مجموعة أحاسيس فياضة .. نابعة من مشاعر وعواطف المحب تجاه من يحب .. دون أن يدري سببا لذلك .. وتبدأ هذه المشاعر .. بالإعجاب .. فالألفة والإلتزام .. وتعد هذه المشاعر هي أرقي ما يملكه الإنسان من العطاء الصادق يهديه لمن يحب.
والحب أيضا .. هو شبكة ضخمة متداخلة من المشاعر الإنسانية والأحاسيس الراقية .. والانفعالات القلبية والعقلية التي تتميز بالعطاء والإيجابية والصدق والتفاني ونكران الذات.
وللحب أوجه مختلفة .. فهناك حب الصداقات وحب الوالدين والعائلة والأهل .. وحب الحيوانات .. ولا يمكننا أن نتجاهل أيضا حب الجماد والمكان والزمان والأشجار والطعام والأشياء الخ ..
ولأن الإنسان بطبعه مجبول ويميل بغريزته إلى التأمل والبحث والاستكشاف .. أدخل الحب في زجاجات المعامل والمختبرات كي يجد تفسيرا لهذا الإنجراف العاطفي العاصف نحو المحبوب .. ووجد أن الإعجاب والتفكير في شخص ما يؤثر ويفعل مناطق متعددة في الدماغ .. وينتج من هذا التفعيل الدماغي مجموعة من الهورمونات مثل .. الأوكسيتوسن .. والفازويسين .. والدوبامين .. والتي تؤثر على مناطق مختلفة في الدماغ من خلال مستقبلات خاصة مرتبطة بالمشاعر.
ولكن هل سيبقي حال الحب كما هو عليه في المستقبل؟
تشير الدراسات إلى أن ذلك كله سيعتمد على ما ستؤول إليه حال البشر (كبشر). أي هل سنبقى على إنسانيتنا كما هي اليوم ؟ .. أم أننا سنتتدخل بهندسة الجينات وتوظيفات التكنولوجيا في التأثير على أدمغتنا وأجسادنا وسيكون من نتاج ذلك أشكال جسدية وسلوكيات بشرية أخري لم نعهدها من قبل.
وهذا يعني أن الحب يتغير ويتطور .. ويأخذ أشكالا وأبعادا وممارسات وطقوسا مختلفة وفق الزمان والمكان والحالة الذهنية ألتي نحن عليها .. ومدي تأثير التقدم التكنولوجي علينا .. وليس أدل على ذلك من نمط الحب الأسطوري بين قيس وليلي .. وروميو وجولييت .. وبين أجيالنا وجيل أبنائنا وأحفادنا .. كما نراه اليوم.
اليوم نعبر عن مشاركاتنا وتهانينا وأفراحنا وأعيادنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وأمنياتنا ببضعة كلمات في رسائل مختزلة تحمل صورا كرتونية أو رمزية أو ما يسمي بالإيموجي .. في البداية إستنكرنا هذا الأسلوب ولكن إعتدنا عليه في زمن الكورونا وأصبحنا نتقنه ونفضله على أساليبنا التقليدية في التعبير عما يجول في خاطرنا ..
ولكن الرقمية ستدخل في حياتنا ومشاعرنا بقوة أشد حيث ستتولى محركات البحث والمواقع التطبيقية مهمة إيجاد شريك الحياة .. عبر الأحاسيس والإنفعالات الإنسانية المنقولة عبر تطبيقات التواصل الإجتماعي .. بل سيكون هناك بحث عن تطابق ل DNA بين البشر وإصدار قائمة بالمتوافقين معك في حياة مشتركة .. أو سيتم هذا الإختيار والتوافق عبر عملية رصد ونقل المشاعر رقميا .. وستجد نفسك متعلقا لا إراديا مع من إختارته لك تكنولوجيا الحب.
والمثير والمدهش في كل هذا .. أننا سنعيش ضمن غابة من الروبوتات الشبيهة بالإنسان .. ولديها القدرات العاطفية التفاعلية والتبادلية من إبتسامات وعواطف وأحاسيس وبث للمشاعر والتفكير .. مما يقودنا في النهاية إلى توطيد العلاقة الإنسانية مع أحدهم وصولا إلي إعجاب وحب وتعلق وارتباط.
وبعد .. ماذا أنت فاعل إذا ما تورطت في مثل هذه العلاقة .. من فضلك لا تجب على هذا السؤال الحتمي بمعايير ومقاييس اليوم والحاضر .. بل تخيل حياتك في المستقبل وأخبرني كيف سيكون رد فعلك.