جدة- باسم محمد الحربي
أعلن صندوق الاستثمارات السعودي في السابع من أكتوبر الجاري، عن إتمام صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، في عملية استحواذ بنسبة 100% على النادي العريق، من خلال مجموعة استثمارية يقودها صندوق الاستثمارات العامة.
ويعتبر نادي نيوكاسل يونايتد، أحد أشهر الأندية في كرة القدم الإنجليزية؛ حيث يمتلك تاريخا ممتد الجذور، وجماهيرية غفيرة؛ بحكم أنه النادي الوحيد في مدينة نيوكاسل أبون تاين..
“البلاد” استطلعت آراء عدة خبراء في مجال الاستثمار والتسويق الرياضي عن عملية الشراء والاستحواذ السعودي على النادي الإنجليزي، وعن أبعاد هذه الصفقة ومدى نجاحها ونتائجها الإيجابية خلال السنوات المقبلة…
ضمن أهداف رؤية المملكة 2030
يرى الدكتور منصور طلال الأنصاري، المهتم بصناعة السياحة والتسويق بالأحداث والفعاليات بكلية السياحة في جامعة الملك عبدالعزيز، أن صفقة شراء صندوق الاستثمار السعودي لنادي نيوكاسل الإنجليزي بشكل كامل، تعد من أهم الصفقات على مستوى الاستثمار في جميع المجالات، وليس فقط المجال الرياضي؛ حيث إن هذا الشراء يأتي في وقت إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز للإستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تأتي في إطار حرص سموه الدائم واهتمامه بتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بحكم أن الإستراتيجية تعمل على تمكين ودعم الاقتصاد السعودي، فدخول المملكة في مجال الاستثمار الرياضي من خلال ناد عريق يمتلك شعبية جماهيرية كبيرة- يعتبر النادي الوحيد في مدينة نيوكاسل- تساعد صندوق الاستثمار على النجاح في السير بالنادي، وتحقيق أرباح على المستوى الاقتصادي والاستثماري، وكذلك على مستوى بناء الصورة الذهنية للمملكة العربية السعودية؛ من خلال الاستفادة من النادي؛ كونه أصبح يشكل علامة تجارية سعودية بعد شرائه بنسبة 100%، حيث سيستفاد من ذلك في الإعلان والتسويق للسياحة في المملكة العربية السعودية، من خلال فرص إقامة إحدى المباريات الكبرى للفريق في أحد المشاريع التي تنوي المملكة تفعيلها خلال السنوات المقبلة؛ مثل مشروع القدية؛ المشروع الترفيهي والرياضي الضخم، حيث تعتبر المشاريع الضخمة داخل السعودية هي المنتجات، ومن خلال هذا الشراء سيتم التسويق لهذه المشاريع السياحية والاقتصادية بطريقة صحيحة للمملكة.
كفاءة كوادر صندوق الاستثمار
من جانبه، قال سلطان آل الشيخ الرئيس التنفيذي لشركة نادي الهلال الاستثمارية ورئيس لجنة الاستثمار الرياضي بغرفة الرياض: بلا شك نحن نعلم أن خطوة شراء صندوق الاستثمار السعودي لنادي نيوكاسل الإنجليزي لم تكن فكرة أو قرارًا تم اتخاذه في ليلة وضحاها؛ حيث سبق ذلك عمل وخطط مدروسة من قبل أشخاص يمتلكون الكفاءة العالية والخبرة الكبيرة بفرص الاستثمار في عدة مجالات؛ ومن ضمنها المجال الرياضي، ويكفي أن يكون على رأس هرم هذا الصندوق المميز، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الإدارة ؛ فعندما يقع الاختيار على ناد يمتلك الموقع الجغرافي الجيد، ويشارك في أقوى دوريات العالم، وفي دولة تعتبر من الدول الكبرى في قارة أوروبا والعالم، سيكون لكل هذه المعطيات أثر إيجابي كبير خلال المواسم المقبلة؛ من خلال العمل على تشغيل النادي بطريقة صحيحة من الناحية الإدارية والفنية والتسويقية، حيث شاهدنا ردة الفعل الكبيرة للشارع الرياضي في انجلترا على عملية الشراء، وكذلك ردة فعل أنصار النادي الذين يدركون أن صندوق الاستثمار السعودي سيجعل من نادي المدينة أحد أفضل أندية العالم خلال السنوات الخمس المقبلة. نحن نتحدث عن ناد يمتلك الأرض الخصبة والعوامل المساعدة على النجاح؛ بحكم الأرقام التي قفز بها النادي من ناحية الإيرادات من 20% في موسم 2011 إلى 70% في موسم 2019/2020.. هذه الأرقام خير برهان على إمكانية العمل على تطوير النادي ورفع إيراداته؛ ليكون ضمن الأندية الكبرى في السنوات المقبلة.
تنوع وتوسيع الاستثمار مكاسب طويلة الأجل
أما د. مقبل بن جديع، مستشار الإدارة والتسويق الرياضي فقال: إن إيجابيات الصفقة عديدة، حيث نتحدث عن شراء ناد بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني، وهي تعتبر قيمة قليلة مقارنة بمكانة النادي وتاريخه والجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها، وتواجده في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومن المميزات في الصفقة أنها جاءت في توقيت مميز لصندوق الاستثمار السعودي؛ بحكم أنه ناد يصارع هذا الموسم على البقاء في الدوري؛ لذا إمكانية التغيير والتطوير فيه كبيرة، وأفضل من شراء ناد جاهز أو معروف من الأندية الخمسة الكبار المتعودة على البطولات، لأن قيمتها السوقية ستكون – بلا شك- كبيرة. بالإضافة لهذا الشراء، سيكون هناك عائد للمملكة العربية السعودية من خلال بناء الثقة مع مستثمرين عالميين، حيث سيكون هناك استثمار للسياحة في السعودية لزيارة أبرز المعالم التي تتميز بها المملكة في جميع مناطقها، وأعتقد أن صندوق الاستثمار السعودي سيدخل في السنوات المقبلة في شراء عدة أندية صغيرة من دول مثل هولندا أو بلجيكا، ولابد أن نعلم أن المشروع يحتاج للصبر لاكتمال الصورة، ولن تقل هذه المدة عن خمس سنوات لإحداث التغيير المطلوب، وبكل تأكيد، إن شراء واستحواذ صندوق الاستثمار السعودي على نادي نيوكاسل يعكس حرصه على تنويع الاستثمار وتوسيع محفظته الاستثمارية؛ لتحقيق مكاسب طويلة الأجل بالبحث عن فرص استثمارية استراتيجية جذابة محليًا ودوليًا؛ سعيا منه إلى تحقيق العوائد والمساهمة في عملية التحول الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل للمملكة.
البداية نحو شراء أندية أخرى
اعتبر تركي الدهام، الخبير والمهتم بمجال الاستثمار الرياضي، أن صفقة شراء صندوق الاستثمار السعودي لنادي نيوكاسل الإنجليزي صفقة مهمة من عدة مقاييس؛ تسويقية واستثمارية، حيث إن إعلان رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز انتقال ملكية النادي لصندوق الاستثمار السعودي خبر أنهى جميع الشائعات التي أكدت فشل الصفقة، التي بدأ التفاوض بخصوصها منذ شهر يوليو 2020، خاصة بعد الضغوطات الكبيرة التي كانت تواجه رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز من عدة جهات، كانت تنوي إفشال الصفقة، ولكن عزم إدارة صندوق الاستثمار السعودي وبراعتها في إدارة التفاوض عجلت بإصدار الملكية الكاملة. هذه الخطوة تعتبر بداية الطريق نحو خطط مستقبلية من قبل الصندوق لشراء أندية أخرى في عدة دول أوروبية خلال السنتين المقبلتين؛ لأن مثل هذه الصفقات تجعل هذه الأندية محط أنظار العالم؛ لمعرفة ماذا سيقدم الصندوق لهذه الأندية؛ من أجل ظهورها بشكل ملفت وقوي من الناحية الإدارية والفنية والتسويقية والاستثمارية، وسيساعد هذا الاستحواذ من وجهة نظري على عملية التسويق والإعلان للمشاريع الضخمة التي تنوي المملكة نشرها وتعريفها للعالم مثل (نيوم والدرعية والقدية)؛ حيث سيكون نيوكاسل الخيار الأنسب للإعلان عبر عدة طرق من خلال منشآت النادي وأطقم اللاعبين وعدة منافذ أخرى، ويجب أن ندرك أن النتائج الإيجابية لن تأتي بسرعة؛ حيث تحتاج للعمل، خاصة مع وضع النادي الحالي ووجوده في منطقة قريبة من الهبوط، ولكن ما يميز النادي أنه هو الوحيد في المدينة، وأنصاره المتحمسون يحرصون على دعمه في كل المشاركات، كما أن الدوري الإنجليزي يمتلم مميزة كبيرة وهي استمرار صرف حقوق الإعلانات والنقل التلفزيوني للأندية بانتظام، وختم الدهام: أنا على ثقة أن صندوق الاستثمار السعودي سيحدث فارقا كبيرًا ولافتًا بنادي نيوكاسل خلال السنوات القليلة المقبلة.