جدة – البلاد
تقف المملكة سداً منيعاً أمام تهديدات المنطقة، وتعمل بجهود كبيرة لمنع التدخلات الخارجية في شؤون الدول، للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتحقيق السلام العالمي المرتكز على حل الأزمات السياسية عبر القنوات الدبلوماسية، وإيقاف الحروب العبثية التي تفتعلها المليشيات التابعة لإيران، والتنظيمات الإرهابية الساعية لتمرير مشروعها المتطرف، لذلك ظلت المملكة حريصة على التصدي للمخططات الرامية لتقويض أمن واستقرار المنطقة، وعملت على وقف محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله بشتى السبل، بالتعاون مع دول أخرى تمضي في ذات التوجه، خصوصاً بعد اكتوائها بنيران الحروب والجماعات الإجرامية المنفذة لأجندة تصب في إطار المشروع الفارسي التوسعي.
وتعتبر السعودية حائط صد أمام الأطماع الخارجية، ومشروعات التمدد التوسعية، إذ تنسف الرياض جميع الأجندة التخريبية لبعض الدول والجماعات والحركات الإرهابية، مؤمنة بالحل السياسي لما يواجه المنطقة من أزمات وحروب، ساعية لرأب الصدع وترتيب البيت العربي والخليجي، وحل المشاكل العربية من الداخل دون اعتماد على الخارج، أو تدخل منها حيث تستمر جهود المملكة منذ توقيع اتفاق الرياض لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن ودفع كافة الأطراف للقبول بالحلول السياسية عوضًا عن الخلافات والتجاذبات، على الرغم من الإصرار الحوثي على مواصلة التبعية لإيران لتخريب اليمن.
دعت المملكة في أوقات سابقة طرفي اتفاق الرياض للاستجابة العاجلة لما تم التوافق عليه، ونبذ الخلافات والعمل بالآلية المتوافق عليها، وتغليب المصلحة العامة لاستكمال تنفيذ بقية بنود الاتفاق لتوحيد الصف لمختلف أطياف الشعب اليمني وحقن الدماء ورأب الصدع بين مكوناته، واستكمال مسيرته لاستعادة دولته وأمنه واستقراره، ودعم جهود التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة في اليمن، مؤكدة أن تنفيذ بنود اتفاق الرياض يمثل أولوية قصوى، مجددة التأكيد على استمرار دعمها للحكومة اليمنية التي يشارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي، وتشدد دوما المملكة على أهمية التزام كلا الطرفين بما تم الاتفاق عليه، ما يشير إلى حرصها الشديد على أن يكون الحل سياسيا في اليمن، لذلك قدمت للطرفين آلية لتسريع العمل باتفاق الرياض.
وقدمت المملكة كذلك، مبادرتها لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل” يتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل، في تأكيد آخر على سعيها الدائم لتحقيق الحلول السياسية لوقف الحرب.
موقف ثابت تجاه فلسطين
تأتي القضية الفلسطينية في مقدمة اهتمامات المملكة، التي ظلت تؤكد في كافة المحافل أن هذه القضية كانت ولا تزال هي القضية المركزية للعرب والمسلمين، والقضية الأولى للمملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز – طيّب الله ثراه -، وتأتي على رأس سياستها الخارجية، حيث لم تتوانَ المملكة أو تتأخر في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق بجميع الطرق والوسائل لاستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بكامل السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام (1967م) وعاصمتها القدس الشرقية، ومن هذا المنطلق فإن المملكة ترفض أي إجراءات أو أي شكل من أشكال الاحتلال للأراضي الفلسطينية المعترف بها بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وتشدد المملكة على أنه انطلاقاً من اهتمامها وحرصها على وحدة وسيادة وسلامة الأراضي العربية، وانطلاقاً من موقفها الداعم للسلطة الفلسطينية، فإنها تؤكد دوماً وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم خياراته لتحقيق آماله وتطلعاته، كما تؤكد على خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مخططات لفرض السلطة وضم الضفة الغربية أو أجزاء منها تحت السيادة الإسرائيلية، وترفض كذلك المستوطنات والمستعمرات الإسرائيلية غير القانونية المقامة على أرض فلسطين المحتلة منذ عام (1967م) بما في ذلك الأغوار الفلسطينية والمنطقة المصنفة (ج) من الضفة الغربية، وتدين كل الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني الشقيق وأراضيه المعترف بها دولياً، كما تدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة التي تُعمّق فيه جائحة كورونا معاناة الشعب الفلسطيني، وتنعكس بآثارها على استقرار وأمن المنطقة. وأعادت المملكة التأكيد مؤخراً على دعمها لجميع جهود السلام المبنية على العدالة، وأن التفاوض هو الطريق الوحيد لتحقيق حل عادل وشامل يكفل خيارات الشعب الفلسطيني ويحقق آماله بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
تعزيز وحدة البيت الخليجي
تعلي المملكة المصالح العليا للمنظومة الخليجية والأمن القومي العربي، وتبذل جهودا كبيرة في سبيل وحدة البيت الخليجي، إذ برهنت قمة “طي الخلافات” بين أبناء البيت الواحد في محافظة العلا بأن السعودية هي بيت الحكمة، مرسلة رسالة للعالم، مفادها وفقاً لوزير الخارجية أنه مهما بلغت الخلافات في البيت الواحد إلا أن حكمة قادة دول المجلس قادرة بعد مشيئة الله تعالى على تجاوز كل ذلك، والعبور بالمنطقة ودولها وشعوبها إلى بر الأمان. وقال الأمير فيصل بن فرحان حينها، إن بيان العلا أكد على الروابط والعلاقات الوثيقة والراسخة لدول المجلس التي قوامها العقيدة الإسلامية والمصير المشترك، مما يدعوها لمزيد من توطيد تلك العلاقات وتغليب مصالحها العليا، بما يعزز أواصر الود والتآخي بين شعوبها، ويرسخ مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، ويحقق أعلى أوجه التعاون بينها في مختلف المجالات, ويجنبها أي عراقيل قد تحول دون تكاتفها وتعاونها، مشيرا إلى أن الدول الأطراف أكدت تضامنها في عدم المساس بسيادة أي منها أو تهديد أمنها، أو استهداف اللحمة الوطنية لشعوبها ونسيجها الاجتماعي بأي شكل من الأشكال، ووقوفها التام في مواجهة ما يخل بالأمن الوطني والإقليمي لأي منها، وتكاتفها في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في الشؤون الداخلية لأي منها، وتعزيز التعاون لمكافحة الكيانات والتيارات والتنظيمات الإرهابية التي تمس أمنها وتستهدف استقرارها.
الجمع بين الفرقاء
جهود المملكة في تحقيق السلام لم تتوقف عالمياً، إذ تمكنت بحنكة قيادتها الرشيدة وجهود دبلوماسيتها من إيقاف نزيف الدماء في القرن الإفريقي، بعقد اتفاقية سلام تاريخية بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا؛ فيما عُرف باتفاقية جدة 2018؛ حيث وقّع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، اتفاقية جدة للسلام بين البلدين، ليطوي البلدان صفحة أطول نزاع في القارة الإفريقية، الذي امتد لما يقرب من 20 عامًا، وسقط فيه أكثر من 100 ألف نفس ما بين قتيل وجريح من الطرفين، وأنفقت على تلك الحرب ما يزيد على 6 ملايين دولار، بينما لا تزال المملكة تواصل جهودها لتحقيق السلام في العالم، وتدعو لنبذ الخلافات بين أبناء الوطن الواحد لمزيد من الاستقرار للشعوب.