جدة – البلاد
في السنوات القليلة الأخيرة تسارع الاهتمام العالمي بتنويع مصادر الطاقة ، وفي هذا الاتجاه كان للمملكة مبادراتها القوية التي تؤكد تقدمها في الطاقة المتجددة وأنشطتها المرتبطة بها ، مثلما حافظت على موقعها الأهم ولا تزال ، كمصدَر رئيس للنفط ورمانة الميزان لاستقرار أسواقه، وما تحققه من استثمارات ضخمة في الصناعات النفطية والتحويلية ذات الطلب العالمي الواسع.
هنا يكمن العنوان الأهم للتنمية السعودية الشاملة واقتصاد المستقبل وهو “الاستدامة” في كافة القطاعات ومنها الطاقة المتجددة التي بدأ إنتاجها ووقود الهيدروجين القادم ، في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030.
تمتلك المملكة وفرة من الأراضي والشمس والرياح ، مما يمنحها المكونات الرئيسة لإنتاج الطاقة المتجددة عبر المشاريع الكبرى ومدن المستقبل.. وعلى أرض الواقع أنجزت خطوات مهمة لإنتاج الهيدروجين نظراً للميّزات الفريدة التي يتمتع بها ، وتجعله من أكثر القطاعات نمواً في العالم.
فمن خلال مشروع “نيوم” مدينة الذكاء الاصطناعي الأكثر طموحًا في العالم، تعمل المملكة على إنشاء أكبر مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطريقة صديقة للبيئة، وتصديره للإسهام في توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي، ولمواجهة تحدّيات التغيّر المناخي، حيث سيُنتج المشروع ملايين الأطنان يوميًا من الهيدروجين الأخضر ، وتحقيق استراتيجية الوصول إلى الحياد الكربوني وهي الرؤية التي يطمح إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، حفظهما الله ، وذلك لتحقيق الريادة في إنتاج الوقود الأخضر عالميًا. ومدينة الأحلام “نيوم” التي خطّط لها سموه ، باعتبارها مدينة المستقبل ستكون “خضراء” بالكامل، وواحة للصناعات عالية التقنية ، وسيوفّر مشروع الهيدروجين الأخضر ، الوقود النظيف للعديد من السيّارات والشاحنات والحافلات والسفن، ويعمل مصدرًا للطاقة النظيفة المطبّقة على نطاق واسع، ليحدّ بذلك من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، بمعدّل يقارب الثلاثة ملايين طنّ سنويًا.
قصة الهيدروجين
إنتاج الهيدروجين الأخضر يتم من خلال عملية فصل جزيئات الهيدروجين عن الأكسجين الموجودة في الماء، عبر عملية التحليل الكهربائي التي تتطلّب طاقة كهربائية عالية، تأتي من مصادر نظيفة ومتجدّدة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ولدى نيوم إمكانات عالية من مقوماتها.
وبالإمكان نقل الهيدروجين للمسافات القصيرة، من خلال شاحنات خاصّة، لكن بالنسبة للمسافات البعيدة ستكون السفن والأنابيب هي الوسائل المناسبة، ونظرًا لعدم وجود سفن خاصّة الآن لنقل الهيدروجين، سيُصدَّر عبر تحويله إلى مادّة الأمونيا التي يسهل نقلها على سفن معدّة لذلك.
لذا يؤكّد مشروع إنتاج الهيدروجين ومشاريع الطاقة المتجددة تقدم خطوات المملكة في التعامل مع تنويع مصادرها. وبحسب خبراء الطاقة، وضعت المملكة عينيها على الاستثمار القوي في هذا القطاع ، وفي هذا السياق سبق أن أشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى أن سوق الهيدروجين الذي بدأ بالازدهار، ستكون المملكة واحدة من أكبر القوى العالمية فيه لإنتاج غاز الهيدروجين، مضيفة في تقرير لها، إنه رغم شروع عدة دول في مجال صناعة الهيدروجين كمصدر للطاقة البديلة مثل أمريكا وبريطانيا واليابان والصين وألمانيا ، فإن المملكة تملك كل المقومات والقدرات التي ستجعلها منافسة وتتصدر هذا السوق.
أهداف طموحة
وتفصيلا تقدر استثمارات مصنع الهيدروجين في نيوم بنحو 5 مليارات دولار لإنتاج الوقود الأخضر للتصدير، وتقليل اعتماد الدولة على النفط، ويُتوقع أن يكون أكبر مصانع الهيدروجين النظيف في العالم لدى افتتاحه عام 2025، ويعمل بطاقة الشمس والرياح ، وقد سبق وأن أكد سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ، أن المملكة لديها خطط طموحة لكي تصبح أكبر مصدر للهيدروجين في العالم ، وأنها ستكون قائدة في إيجاد الحلول لمستقبل الطاقة الخضراء.
في السياق توقع تقرير مرصد قطاع دعم الأعمال بغرفة الرياض، بلوغ حجم الاستثمارات في مشاريع البرنامج الوطني للطاقة المتجددة من الشمس والرياح حوالي 60 مليار ريال (16 مليار دولار)، ويعزز ذلك وجود مقومات نجاح واسعة ترتكز على التمتع بنطـاق “الحـزام الشمسـي العالمـي ، وتطور التنظيمات الخاصة بتحسين المناخ الاستثماري . ووفقا للاستراتيجية الجديدة المتكاملة للبرنامج الوطني ، تـم رفـع الهـدف الشمسي لعام 2023م من 5.9 غيغاواط إلى 20 جيجاواط ، مما يحقق مكانة قوية للمملكة على خارطة الطاقة المتجددة والمستدامة في العالم.