جدة – البلاد
من اقتصاد كان يقوم في معظمه على الإيرادات النفطية بمتغيراتها صعودا وهبوطا، إلى اقتصاد مستدام متجدد ومتصاعد النمو لكافة القطاعات، تشهد المملكة تحولات غير عادية في مسيرة التنمية الحديثة الشاملة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، حفظهما الله ، وتواصل تعزيز نموذجها الملهم في الإرادة والإنجازات النوعية لرؤية 2030 التي وصفها سموه ، بأنها “إنجازات استثناية ” فاقت المستهدفات المرحلية لاستراتيجية التنمية المستدامة ، واستثنائية في زمنها القياسي”.
ولأن الطموح متجدد والتطلعات لا ينضب معينها، لا يزال هناك، كما قال ولي العهد ” الكثير الذي يتوجب القيام به على مختلف الأصعدة؛ لاستمرار العمل على تحقيق أهداف الرؤية على النحو المأمول والمطلوب” ، فقد حققت المملكة أضخم بنية أساسية للتنمية الشاملة والرقمنة والاقتصاد المستدام ، من بناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
لقد أصبحت المملكة الوجهة الأمثل للاستثمار باعتبارها أكبر اقتصاد بالمنطقة وعضوا فاعلا بمجموعة العشرين ، كما ترسخ الرياض مكانتها الاقتصادية كمقر لفروع الشركات والكيانات الاستثمارية الكبرى والمكاتب الإقليمية لمنظمات دولية منها “منظمة السياحة العالمية ، وفي هذه المرحلة يتتابع التنفيذ، ودفع عجلة الإنجاز لبنك الأهداف الوطنية الطموحة وفي مقدمتها استثمار الثروة البشرية الوطنية علما وعملا وابتكارا، وتعزيز شراكة القطاع الخاص، مما يعكس تكامل مسارات المثلث الاستراتيجي لمحاور الرؤية (مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح).
ركائز قوية
المتابعة الدقيقة لتفاصيل برنامج التحول للتنمية المستدامة ، يلحظ جيدا على أرض الواقع التقدم وقاطرته القطاع غير النفطي ، الذي سجل في الربع الثاني 8.4 %، مدفوعا بنمو القطاع الخاص 11.1 %.
وبترجمة هذه النسب الطموحة إلى أرقام تبدو الدلالات قوية في تعميق ركائز الاستدامة ، ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء ، سجل القطاع غير النفطي 366.5 مليار ريال وبلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 60.2 % ، وساهم القطاع الخاص بنسبة 48% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، بينما ساهم القطاع النفطي بنسبة 29.3 %، كما ساهم القطاع الحكومي بنسبة 22.6 %.
ودائما الأرقام هي لغة التخطيط والمستهدفات ، وركيزة الشفافية في السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة الرشيدة ، وتحرص على ترسيخها بإعلان النتائج الدورية للموازنة العامة وأداء مختلف القطاعات التنموية الإنتاجية منها والخدمية ، ويظل للصادرات غير النفطية رقما أساسيا في مستهدفات الاستدامة ، وتؤكد أن إنجازات “رؤية 2030” تسير في الاتجاه الصحيح، حيث كان النفط يشكل قبل تطبيق “الرؤية” نحو 90 % من الإيرادات.
قاطرة الصادرات
على صعيد الصادرات غير البترولية ، فقد سجلت وفق تقرير الهيئة العامة للإحصاء لملخص إحصاءات التجارة الخارجية لشهر يونيو الماضي ارتفاعاً (40.5 %) بالمقارنة مع شهر يونيو من العام الماضي 2020م، حيث سجَّلت 23.6 مليار ريال ، شملت اللدائن والمطاط ومصنوعاتهم، ومنتجات الصناعات الكيماوية.
ومن الدلالات المهمة ما يشهده القطاع الصناعي في المملكة ، حيث ارتفع مؤشر الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي 11.9 % في يونيو الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق 2020، مسجلا أعلى مستوى مقارنة بالأشهر السابقة له.
أما استثمارات القطاع وما يرتبط به من منظومة لوجستية ، فتشهد خارطة طريق طموحة وفق الاستراتيجية الوطنية ” صنع في السعودية” ، وما كشف عنه وزير الصناعة والثروة المعدنية ، رئيس لجنة برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بندر بن إبراهيم الخريف، عن تكامل جهود منظومة الصناعة والتعدين مع القطاع الخاص، والمستثمرين بما يحقق المعنى الحقيقي للشراكة معهم، ويسهم في جذب الاستثمارات النوعية التي تعود بالفائدة على اقتصاد الوطن، وخلاصة ذلك أن جميع أطراف منظومة الصناعة تعمل اليوم بتناغم وتكامل كبير لخدمة هذا الهدف الاستراتيجي المهم.