جدة – رانيا الوجيه
تمر على الإنسان في حياته أعداد لا تحصى من المقتنيات التي لا تساوي شيئاً من الناحية المادية، إلا أن المواقف والذكريات المرتبطة بها يطليانها بالذهب الذي يجعلها لا تقدر بثمن، يمكن رؤية ذلك في رفوف المتاحف، بخاصة الشخصية منها، إذ تشهد المملكة العربية السعودية تزايداً كبيراً في أعداد المتاحف الشخصية التي تتضمن مقتنيات تراثية تعلن عن حضورها، ومن هذه المواقع التراثية متحف المهندس سامي محمد صالح كردي للتراث الشعبي، الواقع في مكة المكرمة.
وهو يحتوي على أكثر من مائة ألف قطعة تحت سقف واحد، حيث تضم العديد من الأقسام ومنها: العملات، الطوابع، المخطوطات، الكتب القيمـة، الوثائق، الصور، الخرائط، الجرائد والمجلات، كما يحوي المتحف أجنحة متنوعة منها جناح الجلسة والملابس والأواني والحرفيات الحجازية، أجهزة الاتصال، الأجهزة السمعية والمرئية وغير ذلك.
وفي سؤال عن حكايته مع التراث قال: بدأت قصتي عندما كنت في المرحلة الابتدائية حيث كانت البداية مع جمع الطوابع حيث كنت أذهب إلى العم سعيد صاحب البقالة وأستأذنه بإخراج الطوابع من الرسائل فيسمح لي بعد الاستئذان من أصحابها وكانت هذه طريقة بدائية جدا وغير احترافية ومتعبة، إلى أن تطورت وتعمقت في جمع الطوابع من مكاتب البريد والاشتراك في جمعية هواية الطوابع. وعندما وصلت للمرحلة المتوسطة كانت بدايتي مع جمع العملات حيث دعمني وشجعني الوالد رحمه الله. لقد حببني بجمع العملات بحيث أنه كان يجمع العملات المعدنية داخل علب الحليب الجافة الفارغة بعد سفره في كل مرة والعملات الورقية يحتفظ بها داخل ألبوم صور بطريقة جميلة ومرتبة. ومن ثم قرر الوالد إعطائي كل ما جمعه وسألني إذا ما كنت أرغب بجمعها وإكمال ما بدأه هو فقبلت لرغبتي وحماسي بتلك الهواية وكانت تلك نقطة بدايتي مع جمع العملات.
وعندما وصلت إلى المرحلة الجامعية وبحكم وجودي وسكني في مدينة جدة سنحت لي الفرصة بحضور المزادات وزيارة بعض المتاحف مما جعلني اكتسب المعلومات القيمة عن التراث القديم والخبرة وأتعمق في حب جمع التراث من داخل وخارج المملكة وكانت هذه بدايتي في جمع التراث.
وعن الهدف من تأسيس المتحف التراثي قال: كان الهدف من تأسيس هذا المتحف هو الحفاظ على الموروث الشعبي للآباء والأجداد ، والهدف الثاني تثقيف الجيل الجديد بأن يتعرفوا على القطع التي كانوا يتعاملون بها الآباء والاجداد ومدى صعوبة استخدام بعض القطع والمقارنة بين الحاضر والماضي ومدى الرفاهية التي ننعم بها الان، وبين الجهد والتعب الذي كانوا يواجهونه اثناء عمل الحرفيات التي يقومون بها في الماضي القديم.
وقد تم افتتاح المتحف في الربع الرابع من عام 2019 وكان بحضور امين العاصمة المقدسة المهندس محمد القويحص وأيضا مجموعة من الزوار مثل دكتور عبدالله بافيل من جامعة أم القرى بمصاحبة عمداء الأقسام بالجامعة ومدير النقابة العامة للسيارات، أيضا قاموا بزيارة المتحف مجموعة من الدكاترة من جامعة الملك عبدالعزيز وغيرهم من الشخصيات المهمة. أيضا تم اعداد رحلة مدرسية لمجموعة من الطلاب من مدرستين، وأيضا فريق شباب الكشافة والاعمال التطوعية، أيضا تم استقبال 5 آلاف مرشد سياحي لتعرف على مقتنيات المتحف، وإعداد رحلات سياحية دينية ستكون من ضمنها زيارة الحجاج والمعتمرين للمتاحف وتعتبر هذه بادرة رائعة كونها ستكون أحد عناصر تشجيع السياحة السعودية.
وحول اهمية المتاحف الشخصية في الجذب السياحي قال: تعتبر المتاحف عنصرا مهما في مجال السياحة فعندما يأتي السائح من خارج المملكة خاصة اثناء زيارتهم لمكه المكرمة كونها تحتوي على الكثير من الأماكن الأثرية ، فأغلب الحجاج والمعتمرين من الخارج لا يجد مجالا كافيا للاستفادة من وقته أثناء الزيارة لكي يستطيع أن يتعرف ويزور بعض الأماكن الاثرية والمتاحف ، ففي السابق كان ليس أمامهم سوى الحرم وبعض الأماكن الاثرية الدينية والتسوق فقط، ولكن الان اصبح في مكة فقط هناك 7 متاحف مرخصة ، وذلك اعطى فرصه للمعتمرين والزوار ان يقضوا أوقاتا جميلة في المتاحف والتعرف على الموروث الشعبي للمملكة. وهذا كله يقع في تحقيق أحد اهداف الرؤية من خلال الانفتاح السياحي.
