قضية

بداية عربية متأخرة لإنتاج ألعاب الفيديو

البلاد ـ مها العواوده ـ رانيا الوجيه _ تصوير: خالد بن مرضاح

فجأة، وبدون ان ينتبه احد، وربما عن غفلة، استثمرها متربص وطرف خفي، تظهر دمية مسيئة ضمن آلاف الدمى التي يعج بها سوق للالعاب الالكترونية لا تعرف الحواجز ولا الحدود وربما لا تعجزها لغة ولا تحجزها جمارك .. ربما شاهد اللعبة المسيئة آلاف من الاطفال العرب والمسلمين لم تستوقفهم الرسالة ولم يدركوا المضمون لحداثة سنهم فلم يصمدوا امام تقنيات الابهار التي حفلت بها اللعبة ولا حبكة القصة التي اجتهد فيها صناعها لكنها في المجمل كرست لديهم الاستهانة بمقدساتهم .. هذا مع افتراض حسن النية او عدم وجود اهداف تتخفى في جسد دمية.

ولم يكن امام منظمة التعاون الإسلامي سوى ان تدين اللعبة وتعري اهدافها ومن وراءها وتحذر من مدى تغلغل ظاهرة الاسلاموفوبيا في سوق الالعاب الالكترونية التي يقدر حجمها بالمليارات .. ربما لا تملك منظمة التعاون الإسلامي سوى الشجب والاستنكار وكشف جانب من الحقيقة لكن تظل علامات الاستفهام مشرعة ومشروعة حول امكانية إيجاد جهد اسلامي وحتى عربي لانتاج ألعاب بديلة تناسب قيمنا ولا تتصادم مع معتقداتنا بل يمكن استثمارها في الدعوة لديننا والتعريف بسماحته خاصة ان عالمنا الإسلامي والعربي يذخر بالعقول القادرة على ذلك.

استهزاء وازدراء
بداية أكد دكتور طارق العجال المشرف على مركز صوت الحكمة بمنظمة التعاون الاسلامي وهو المركز الذي اصدر البيان أن الإساءة للأديان والمقدسات لا تدخل في باب حرية الرأي، نظرًا لكون مفهوم الحرية مرتبطا أساسًا بمفهوم الاحترام والاعتراف بالآخر وحريته في ممارسة معتقداته، فإذا سمحت حرية الرأي بالاستهزاء أو ازدراء الأديان فهي تسمح اذن بتنميط التنوع وقولبته والسخرية منه والتضييق عليه وبالتالي هي تناقض نفسها وفق هذا المنظور، فحرية الرأي منظمومة قانونا ودينا إذا لم تتعرض لحرية الآخرين ولَم تضيق عليهم ولم تحاول التقليل من قيمهم ومن مقدساتهم.

ولفت إلى أن لمثل هذه الألعاب علاقة وطيدة بظاهرة الاسلاموفوبيا من جهة وجودها ومن ناحية الدعاية لها، مشددا على ان «تجسيد الكعبة أو المصحف أو المسجد في ألعاب قتال يكرس فكرة العنف التي يراد ربطها بالإسلام قهرا، وبالتالي تزرع هذه الألعاب فكرة ارتباط الدين الإسلامي بالعنف وتعزز هذا الاعتقاد الخاطئ، وتزيد من ارتفاع معدلات المدركات والصور النمطية السلبية عن الاسلام وترفع من مظاهر التحيز ضده ومن ظاهرة الإسلاموفوبيا. وقال ان الاسلاموفوبيا والإرهاب وجهان لعملة واحدة كلما ازدهر أحدهما أينع الآخر واستشرى وزاد».

وأوضح أن منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة اجتهدت في ادانة كافة الأعمال المسيئة للأديان سواء أكانت رسوما او أفلامًا أو ألعابا علمًا من هذه المنظمات أن السماح بمثل هذه الممارسات يهدد الأمن والاستقرار في المجتمعات المتعددة العرقيات والديانات، وتابع « لقد أصدرت منظمة التعاون الإسلامي قرارها السياسي رقم ٣٦/٤٧ س، بشأن التصدي لتشويه صورة الأديان، والقرار رقم ٣٧/٤٧ س بشأن إدانة تدنيس المصحف الشريف ومارست المنظمة ضغوطًا ديبلوماسية كبيرة على المستوى الدولي حتى أقرت لجنة حقوق الإنسان الأممية قرارها رقم ١٩٩٩/٨٢ بشأن تشويه صورة الأديان وتم اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما توالت القرارات الأممية وكذا على مستوى الاتحاد الأوروبي لإدانة مثل هذه الممارسات»، معتبرا هذه القرارات مستندًا قانونيًا لدى المحاكم الدولية والوطنية لمعاقبة أية عملية تشويه مقصودة لأي دين من الأديان لذلك تسرع الشركات والهيئات المشرفة على مثل هذه الأعمال على سحب أعمالها من التداول خوفًا من المتابعة القانونية التي تستند على القانون الدولي.

كراهية ممنهجة
من جانبه قال المستشار الإعلامي جيلاني بن شايق الشمراني «مما لاشك فيه أن مثل هذه الألعاب التي تظهر لنا بين الحين والآخر والتي يستخدمها ملايين الأطفال والشباب خصوصا ما دون الثامنة عشرة حول العالم، لها تأثير كبير عليهم، خصوصا أن هذه الألعاب تخترق الحدود وتدخل البيوت بدون استئذان، كإظهار الملتحي أو لابس العمامة بأنه مجرم وقاتل، ثم ما ظهر مؤخراً من تجسيد للكعبة المشرفة التي هي قبلة أكثر من مليار ونصف من سكان العالم وتشكل قدسية لهم، وجعلها تُهدم من خلال هذه اللعبة الإلكترونية يعدّ استكمالًا ممنهجاً لبث الخوف والرعب من الإسلام لدى الأطفال وهذا ما أدانته منظمة التعاون الإسلامي مشكورة من خلال مركزها صوت الحكمة، واعتبرته تعمّداً في الإساءة للمقدسات الإسلامية من قبل القائمين على صناعة تلك الألعاب، لتحقيق الانتشار والترويج بطريقة غير شريفة ومستفزة لمشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم»، كما يرى أن مثل هذه الألعاب تسهم في تذكية الإرهاب الذي تحاربه كل الدول، ولم تسلم منه، ومن ضمنها تلك التي صنّعت هذه الألعاب، كما أن هذه الألعاب تتنافى مع ما تدعو إليه المنظمات الإنسانية العالمية بدعم دولي كبير من تبني ثقافة الحوار والتعايش بين شعوب العالم. واكد أن الأطفال هم لبنات المستقبل، والمؤسسات التعليمية والتربوية في العالم أجمع تبذل الغالي والنفيس وتبني المدارس والجامعات لبناء عقول هؤلاء الأطفال بناءً سليماً بعيدًا عن الأدلجة الفكرية التي تتبنى الكراهية والعنف، وتابع: يجب على الدول التي تحتضن مصنّعي هذه الألعاب مراعاة هذه المعايير ووضع قوانين واضحة لمنع فسح أي لعبة تنتهك الأديان وتبث الكراهية والعنف».

بدأنا ولكن
يقول مطور الألعاب سلطان الجربا المتخصص في تقنية المعلومات إن هناك بالفعل بدأت تظهر ألعاب عربية في السوق رغم أننا بدأنا متأخرين في المملكة، وبدأت أيضا تأسيس استديوهات خاصة بتطوير الألعاب ، وهناك أكثر من لعبة قد نجحت بشكل ملحوظ وواسع، من خلال تحميل تلك الألعاب لتصل لأكثر من مليون، ولايخفى بالفعل أن مرحلة تطوير الألعاب مكلفة جدا وتحتاج الى بعض التكاليف العالية، كما تحتاج الى الاستثمار في هذا المجال، ومن جانب اخر يحتاج الى وقت أيضا لنستطيع المنافسة حيث أنه مجال لا زال حديثا في المملكة والوطن العربي.

عقبات عديدة
كما أوضحت دكتوره وفاء الطجل سيدة الأعمال ومستشارة تربوية وتعليمية والرئيس التنفيذي لتربويين للنشر والتوزيع، والتي أنتجت تطبيق فونيماتي منصة عربية تعليمية تفاعلية رائدة تجمع المتعة والتعلم للأطفال بقولها: لكي يكون لدينا ألعاب تناسب قيمنا الدينية وتسد احتياج اطفالنا الى الترفيه بنفس مستوى العاب الآخر دون فرض وصاية على الاطفال ، هناك عقبات عدة أولها أن اعداد التطبيقات أو المواقع الالكترونية تعتبر مكلفه جدا، والمتخصصون في هذا المجال من المبرمجين نادرون جدا وأسعارهم جدا عالية، ومن النادر أن نجد شركة مبرمجة جيدة، كما أن هذا العالم أو هذا المجال في تطور مستمر مما يستدعي التحديث باستمرار، ولذلك نحن نحتاج إلى مبالغ ضخمة جدا كما أن السائد في الوطن العربي لا يشترك أولياء الأمور في الاغلب لأطفالهم في العاب أو تطبيقات مدفوعة، فالجميع يبحث على التطبيق أو الألعاب والأمور المجانية، كما أن شركات البرمجة والتصاميم القوية تفضل العمل مع الحكومات في التطبيقات الحكومية الإلكترونية أكثر من العمل مع المستثمرين حيث أن الحكومات تدفع بالملايين وتستطيع أن تتحمل تلك التكاليف العالية لتأسيس التطبيقات والمواقع الالكترونية الخاصة بها.

غزو فكري
ويحذر الشيخ الدكتور عبدالله المصلح عميد كلية الشريعة في ابها سابقا بقوله: يجب علينا وجوبا شرعيا أن نربي أبناءنا على ما ينمي عقولهم وقلوبهم فعقولهم بالعلم وقلوبهم بالإيمان، والتربية لا تكون الا بشقين شق العمل وشق المنع الجانب الإيجابي والسلبي ، والإيجابي أن نعلمهم الايمان والقيم ، ولهذا وصى النبي صلى الله عليه وسلم « مروا أبناءكم بالصلاة لسبع « وأمرهم بالصلاة دليل على أمرهم بما وراء هذه الصلاة من القيم وخاصة في السن الواقعة بين السابعة والعاشرة ، واذا تركنا أبناءنا في هذا السن تعبث بهم تلك المواقع والألعاب الإلكترونية التي تغزو قلوبهم وهم لا يشعرون وتقتحم عقولهم ولا يدركون فالمسؤولية أولاً على الاب والام ويجب علينا ان نحميهم بعدم تمكينهم من الدخول إلى تلك التطبيقات أو الألعاب المسيئة لديننا وقيمنا، فهناك ألعاب تصور هدم الكعبة وغيرها على سبيل المثال الألعاب التي للأسف الشديد يشكلون لهم صنماً ويطلبون منه السجود للصنم قبل دخول اللعبة فكلها وسائل من وسائل الغزو الفكري، لمحاولة اضعاف الايمان والقيم الأخلاقية والدينية في أبنائنا ، والإساءة للأديان والمقدسات لا تدخل في حرية الرأي بل انها تدخل في باب هدم الإيمان والقيم، فلكل أمة قيم وقوانين تحرص عليها ، فكل ما في الوجود والكون الذي خلقه الله يسير بنظام دقيق الله صنعه لا للفوضى بل للانضباط والنظام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *