قبل ما يقارب الشهر أعلن نادي برشلونة الاسباني عدم تجديد عقد نجمه الأول ليونيل ميسي، وأرجع النادي سبب ذلك إلى أن اتحاد الكرة الاسباني منع هذا الأمر بناءً على قانون اللعب المالي النظيف، وأن مصلحة النادي الرياضية مستقبلاً أهم من تجديد عقد لاعب واحد، حتى ولو كان هذا اللاعب هو النجم التاريخي للفريق،
وفي الحقيقة أن هذا الخبر الرياضي يجب الوقوف عنده كثيراً من ناحية قانونية بحتة، والنظر إليه من منظور احترام قوانين اللعبة ولوائحها، وقبل ذلك احترام تاريخ الفريق والحرص على مستقبله بعيداً عن الظهور بمظهر المنتصر في حال تجاوز هذه القوانين، هذا الخبر يعتبر بمثابة درس مهم في كيفية إدارة الأندية من الناحية النظامية، وفي كيفية إدارة الاتحاد الرياضي كذلك من حيث الرقابة على تطبيق أنظمته ولوائحه من قبل المعنيين بالأمر، ولذلك قلّما تجد في هذه الدول تأخر رواتب اللاعبين أو العاملين لفترات طويلة، أو الاعتراض على إيقافات اللاعبين أو الإداريين، وذلك بسبب ثقافة العمل الرياضية لديهم من جهة،
ومن جهة أخرى احترام سيادة اتحاد اللعبة وقوانينها، وتطبيقاً للواقع الرياضي لدينا فقد مكثت الأندية السعودية لسنوات طويلة تضخ أموالاً طائلة في سوق الانتقالات دون أن يكون هناك أية دراسة مستفيضة لمآلات هذه التعاقدات، فيخرج رئيس النادي أثناء الصفقة متباهياً بجانب اللاعب الفذ، والتصفيق يملأ المؤتمر فرحاً وبهجة بهذا الأمر، وفي غضون فترات قليلة نجد أن اللاعب رفع قضية على النادي بسبب عدم دفع مستحقاته المعقود عليها، ولذلك فإننا لسنوات طويلة نشاهد أندية مكبلة بالديون دون أن يكون هناك أية محاسبة لمن أبرم هذه العقود، ويخرج الرئيس من النادي كما لو أنه بطل قومي رافعاً رأسه وإعلامه المناصر له لا يفترون عن ذكر محامده وسيرته العطرة، ثم يأتي الخلف مقيداً بديون السلف ولا حول له ولا قوة،
ولذلك قامت وزارة الرياضة مشكورة باستحداث نظام شهادة الكفاءة المالية التي لا تمنح إلا لمن سدد كافة التزاماته المالية حتى مدة معينة، وهذا الأمر وإن جاء متأخراً إلا أننا بعد سنوات قليلة من الآن سنجد الأندية تعمل وفقاً لمداخيلها دون مزايدات في الصفقات يكون ضحيتها الرئيس والنادي قبل ذلك، كما أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الأنظمة واللوائح الرياضية هي أنظمة جامدة لا تفرق بين أندية معينة أو أشخاص معينين، ولذلك فإننا لا نفتقر إلى أنظمة رياضية تخضع لها الأندية بقدر ما نفتقر إلى الأشخاص المخولين بفرض هذه الأنظمة دون محاباة لأحد، ولذا فإنه من المهم جداً وجود هيئة رقابية مكونة من محامين وأصحاب الاختصاص تعنى بالرقابة على تطبيق الأنظمة واللوائح الخاصة بالرياضة، وليست الأنظمة المالية فقط، بل حتى اللوائح المنظمة لكل مسابقة، مثل لوائح الانضباط ولوائح لجنة المسابقات ولجنة الحكام وغيرها، ومراجعة هذه الأنظمة واللوائح باستمرار بما يحقق النزاهة والشفافية في الوسط الرياضي ككل.
dralsaadlaw@gmail.com