بداية، ندرك تماما ان هناك نمطا جديدا للإعلام (المرئي والمقروء) خاصة ونحن نعيش في عالم التواصل الاجتماعي وتطبيقاته المتعددة، وابتعاد الناس عن القنوات الفضائية. نمط يمكن القول عنه انه نمط يختلف تماما عن المراحل السابقة (القرن الميلادي الماضي). لا اريد ان اخوض كتابة عن السابق ولا اريد ان اكتب تقييما عن البرامج المرئية في تلك الفترة خاصة، ولكن، اريد ان أركز على البرامج الحوارية التي أصبحنا نراها وبكثافة في جميع القنوات الفضائية دون استثناء.
في هذا الشأن، شأن البرامج الحوارية في القنوات الفضائية، أجد ان تلك البرامج الجديدة منها خاصة أصبحت ذات رونق يختلف تماما عن السابق، يمكن القول ان بعض تلك البرامج الحوارية (طبعا ليست كلها) أصبحت أكثر قبولا من قبل الطبقة العامة او الطبقة المثقفة، نعم، يمكن القول ان البرامج الحوارية، تعتبر برامج هامة جدا في اجندة المشاهد، لأنها تعتبر برامج وثائقية، وليست بيانات في اللغة او في التملق. البرامج الحوارية تساعد المتابع في الوصول الى الحقائق سواء كانت تلك الحقائق من التاريخ او ما يتعلق في الشأن الصحي والثقافي او حتى الرياضي والترفيهي.
لكي أصف لك عزيزي القارئ، رؤيتي في بعض البرامج الحوارية، فأنني اراها (من وجهة ادارة الحوار)، انها برامج حوارية مخيفة! كيف؟ تجد من يدير الحوار يسال الضيف أسئلة مخيفة مثل: صف لنا شعورك؟ لماذا؟ هل هناك من كان يساعدك؟ ولماذا كان يساعدك؟ من هو وأين هو الان؟ وأين ولماذا وكيف؟ وأخيرا، هل لديك ما تضيفه؟! او يكون من يدير الحوار يتحدث ويدير الحوار وكأنه هو الآمر الناهي حتى انه يقاطع الضيف ولا يعطيه حق اكمال اجابته عن السؤال! حيث انه (من يدير الحوار) ينتقل الى ضيف اخر وما زال الضيف الأول لم يكمل اجابته وتفاعله! او ينتقل الى موضوع اخر ولا يهتم بما قاله الضيف! نعم، قد يكون رؤية فيلم بالأبيض والأسود أفضل من تكملة البرنامج الحواري!
اما الان، أجد ان ادارة البرامج الحوارية، اخذت منحنى اخر وإطارا جديدا وخاصة في مثل بعض القنوات العالمية مثل الأميركية (CNN, Fox) والألمانية (DW) والانجليزية (BBC). سواء كان ذلك يتعلق بالمادة التي تتم مناقشتها وطريقة الحوار الى جانب تفاعل من يدير الحوار مع الضيف، أصبحت أكثر جاذبية ومهضومة من قبل المتابع. الطرح متناسق ومترابط سواء كان في التقديم والحوار او في اللغة والأسلوب او في التعامل مع الضيوف، وبعيدة كل البعد عن التفلسف والسطحية. أيضا، قريبة جدا من المتابع وما يدور في خاطرة من أسئلة يريد ان يسمع الإجابات عليها.
باختصار، رغبتي في الكتابة في هذا الشأن (البرامج الحوارية)، نابع من متابعتي لبعض البرامج الحوارية (نعم البعض) والتي يمكن وصفها انها أكثر من رائعة، تجدها في ادارتها للحوار راقية جدا وتحترم عقل وثقافة المشاهد، حيث يمتلك المقدم إطارا جميلا جدا ومميزا في إدارة النقاش، والمواضيع التي تتم مناقشتها، هي مواضيع الساعة التي نعيشها من احداث تدور حولنا. أيضا، ضيوف البرنامج يمكن اعتبارهم من صفوة من يريد المتابع الاستماع إليهم. هذه البرامج الحوارية الجادة والرائعة (قليلة جدا وللأسف)، تجدها غائبة عن الكثير من القنوات الفضائية وخاصة العربية منها.
استشاري وباحث في الشأن الصحي