جدة – رانيا الوجيه – مها العواودة
وضعت المملكة نصب عينيها تأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي بهدف إعدادهم عبر تزويدهم بالمعارف والمهارات الأساسية في التواصل الحضاري، وذلك عبر برنامج “سلام” لتقديم السعودية ومنجزاتها الإنسانية والحضارية إلى العالم، من خلال تنمية معارفهم ومهاراتهم وتمكينهم من الحضور الإيجابي في المحافل الدولية المختلفة لإبراز الجانب الإيجابي، والقيم العظيمة للمملكة وفق أفضل المعايير الدولية، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، التي تهتم بالشباب وتسعى لتمكينهم ليكونوا عماد المستقبل، وعامل مهم في مسيرة التنمية الشاملة.
ويرى وكيل وزارة الإعلام للإعلام الخارجي سابقا الدكتور شهاب جمجوم، إن البرنامج يقوم على فكرة ممتازة جداً، وهناك جهود مبذولة على مدار السنوات الماضية لإنجاحه، مشدداً على أهمية التركيز حول تحقيق الفائدة القصوى منه باختيار فئات تستطيع تحمل مسؤولية تمثيل المملكة وتغيير الصورة الذهنية عنها أمام العالم. وأضاف “يجب أن يكون هؤلاء الشباب مهيئين ليكونوا سفراء وممثلين للمملكة من خلال برنامج السلام للتواصل الحضاري، سواء أن كانوا مبتعثين أو من طلاب كليات الإعلام، وبالتالي يجب التركيز على فئات الشباب الذين يملكون التأثير القوي والسريع، لعكس أجمل الصور عن السعودية وقدرة شبابها على التميز”.
وقال مساعد المدير التنفيذي لمشروع سلام للتواصل الحضاري الدكتور محمد السيد لـ”البلاد”، إن خطة البرنامج في نسخته الجديدة، لديه شروط يجب توفرها في الدارسين، من بينها أن يكون عمر المتقدم بين 20 و32 عاماً، ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، كما يفضل من يتقّن لغات أخرى، مع خبرة في المشاركات الدولية (ندوات، مؤتمرات، لقاءات، حوارات)، فضلا عن امتلاك مهارة القيادة والاتصال مع الآخر، ما يؤكد الحرص على اختيار الكفاءات. ولفت إلى أن البرنامج يمتد لثلاثة أشهر، ويتضمن 4 مراحل وهي: التأسيس والبناء، العمق بالقضايا الدولية، الحضور الدولي والارتباط بأهداف التنمية المستدامة، والتأثير الدولي في المشاركة، مشيرا إلى أن منهجية البرنامج تتضمن بأن يكون حضورياً بنسبة 50 % وعن بعد بنسبة 20 % والعمل على مشروعات متنوعة بنسبة 30%، لافتا الى أن البرنامج يتكون من عدة أساليب ومكونات من أهمها ورش عمل تفاعلية ودورات تدريبية وزيارات ميدانية وجلسات عصف ذهني وتطبيقات عملية، بمشاركة خبراء ومختصين محليين ودوليين.
وأشار السيد إلى أن البرنامج يسعى لاستثمار 180 شابا وشابة تخرجوا في النسخ السابقة، لتمكين القيادات الشابة من المشاركات الدولية المتنوعة، مؤكدا أن الخريجين مثلوا المملكة في 104 مؤتمرات دولية نظمت بـ36 دولة، وقدموا أكثر من 25 ورقة عمل متنوعة. وتابع “جاءت مشاركة خريجي البرنامج في المؤتمرات الدولية بعدد من المجالات، هي: التعايش السلمي والديني، السلام وحل النزاعات، التنمية المستدامة العالمية، الحوار بين أتباع الثقافات، القضايا الدولية المتنوعة، وشؤون اجتماعية واقتصادية متنوعة”.
فيما اعتبر الخبير السياسي فواز بن كاسب، أن تأهيل وتمكين الشباب مهم جداً على المستويين الدولي والمحلي، باعتبارهم العمود الفقري في كل المجالات، مؤكداً أن تقدم الدول لا يأتي إلا عبر الاهتمام بالشباب وتمكينهم للعمل في جميع المجالات، مشيراً إلى أن الأسرة يقع على عاتقها مسؤلية كبرى في تنمية شخصية الشباب وتكوينها لتحمل المصاعب واتخاذ القرار، وإكسابهم الذكاء الاجتماعي والعاطفي للتكيف مع جميع المتغيرات. ويرى أن رؤية المملكة 2030 تسعى لإيجاد مجتمع حيوي عماده الشباب لتحقيق جودة الحياة. وأردف قائلا: “على المستوى الإقليمي والعالمي تحتاج المملكة اقتصادياً لشباب أصحاب فكر متقدم لتقديم السعودية بالشكل الذي يليق بمكانتها الاقتصادية، وهو ما يجري حالياً وظهر جلياً في قيادة المملكة لمجموعة G20”.
من جهتها، قالت خريجة الدفعة الثانية من برنامج السلام للتواصل الحضاري المحامية أسيل البابطين لـ”البلاد”، إنها لمست صورة ذهنية مختلفة عن المملكة عند مشاركتها في المحال الدولية، وهي منافية للحقيقة، لذلك كان دورنا تصحيحها بما قدمناه من أفكار نيرة عبر برنامج تأهيل القيادات الشابة، الذي استفدنا منه كثيراً، ومنحنا خبرات في مختلف المجالات سواء سياسية أو قضائية أو دبلوماسية، وتعلمنا البروتوكولات وكيفية تغيير الصورة الذهنية لدى أي شخص كان تصوره خاطئاً عن المملكة، وذلك بطرق سهلة جدا منها مهارة الإقناع والتحاور بهدوء، مبدية فخرها بتخرجها من البرنامج، بعد تنافس قوي جدا مع ما يقارب 1200 متقدم، تم اختيار 30 شابا و30 فتاة من بينهم.
إلى ذلك، قالت الشابة السعودية، المتحدثة بسبع لغات سوزانا الدوسري، إن الشباب هم واجهة الوطن، وسيحققون رؤيته بما يملكونه من إمكانات مهولة، معتبرة أن هذا البرنامج يدعم ويمكن الشباب من خلال تدشين خطط ومبادرات تتوافق مع المعايير الشبابية الحديثة على مختلف المجالات والأصعدة. وأضافت “الجميع يعلم أن النسبة الأكبر من سكان المملكة هم الشباب، وهم قادة المستقبل الذين يعول عليهم في التنمية والتطوير، لتعزيز رؤية المملكة ولا شك مثل برنامج السلام للتواصل الحضاري يهدف إلى تنمية القدرات الوطنية للمشاركة على مستوى الإقليمي والدولي، لتعزيز الصورة الإيجابية السعودية”.