بيروت – البلاد
عام وبضع أيام مرت على انفجار مرفأ بيروت، والجميع ينتظر محاسبة المتورطين في الجريمة من مسؤولي “حزب الله”، غير أن ما حدث هو إهمال آخر لمواد قابلة للاشتعال، ما أحدث انفجارا لا يقل عن الأول أودى بحياة عشرات الأبرياء أمس في بلدة تليل بمحافظة عكار، ما أعاد للأذهان شريط انفجار المرفأ، وعدم اهتمام الحكومة اللبنانية بحياة المواطنين. وطبقا للمستشار الإعلامي لوزارة الصحة رضا موسوي، بلغت حصيلة القتلى 28 شخصاً، وجرح 79 آخرون جراء انفجار خزان وقود كان مخبأ في قطعة أرض ببلدة التليل، في وقت تتواصل فيه التحقيقات حول أسباب الكارثة، خصوصا أنه اتضح أن الخزان عبارة عن مسرح تمويه لإخفاء حفرة تحت الأرض لتخزين البنزين فيها بهدف احتكاره أو تهريبه إلى سوريا عبر موالين لحزب الله. وعقب الانفجار، طالب رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، رئيس الجمهورية والمسؤولين بالاستقالة. وقال في تغريدة على “تويتر” أمس: “مجزرة عكار لا تختلف عن مجزرة المرفأ”، في إشارة إلى انفجار مرفأ بيروت الذي قتل فيه أكثر من 200 شخص يوم 4 أغسطس 2020. وأضاف “ما حصل في الجريمتين لو كان هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها، بدءاً برئيس الجمهورية إلى آخر مسؤول عن هذا الإهمال. طفح الكيل. حياة اللبنانيين وأمنهم أولوية الأولويات”. وتسود حال من الغضب الشديد في محيط موقع انفجار خزان البنزين، حيث داهم عناصر الجيش منزل صاحب الأرض المقام عليها مستودع المحروقات، فيما أوقفت مخابرات الجيش نجل صاحب الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود. واقتحم الأهالي منزل صاحب الأرض في بلدة التليل، وقاموا بتحطيم الآليات في محيطه ورشق نوافذه بالحجارة، بينما حاول الجيش إبعادهم.
ويعاني لبنان من أزمات متلاحقة بسبب سياسات حزب الله، ما جعل سكان المناطق المحسوبة على الحزب الإرهابي للتنديد بتقصير الحكومة والحزب، بعد أن وصل التدهور الاقتصادي إلى أقصى مدى، مع ارتفاع جنوني في سعر صرف الدولار مقابل الليرة. ففي بلدة علي النهري في البقاع، أقدمت مجموعة من الشباب الغاضبين بحسب ما أظهرت فيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي على افتراش الأرض أمام منزل النائب في كتلة حزب الله أنور جمعة، اعتراضاً على أدائه وتقصيره بالقيام بواجباته تجاه بلدته، خصوصاً بأزمتي الكهرباء والمحروقات الأخيرتين، كما شهدت البلدة ذاتها في اليوم التالي احتجاجات لمجموعة أخرى من الشباب تنديداً بالأوضاع المعيشية الصعبة، وذلك خلال مشاركة النائب عن حزب الله حسين الحاج حسن، في نشاط بعلي النهري. وأجبرت هذه الاحتجاجات النائب المذكور على مغادرة البلدة سريعاً وسط انتشار كثيف للجيش. وأكد الشباب أن النقمة ضد حزب الله وأحزاب أخرى مشاركة في السلطة تتوسع، لكن العتب الأكبر على نواب حزب الله الذين تم انتخابهم ولم يكونوا على قدر الثقة، محملين حسن نصر الله مسؤولية ما يحدث من تدهور عام في البلاد بسبب تحالفه مع الأحزاب الفاسدة.
إلى ذلك، بدأت الخلافات تتسع بين المسؤولين اللبنانيين الموالين لحزب الله، وبرز التراشق علنا بين صهر الرئيس، رئيس حزب “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ اتهم الأخير باسيل بإدارة البلاد في الخفاء بينما قال صهر الرئيس لحاكم مصرف لبنان: “لو صحيح أنا حاكم لبنان، ما كنت تركتك من زمان”، ما يشير إلى توسع الخلافات بين الموالين لحزب الله.