تونس – البلاد
ضاقت الأرض بـ”إخوان تونس” بعد أن حاصرهم الشعب والحكومة والقضاء من كل جانب، فلم يجدوا سبيلاً للخلاص سوى بمحاولة بائسة للعودة للمشهد السياسي، مستعينين بجهات خارجية لتحسين صورتهم، غير أن تلك المحالاوت المكشوفة باءت بالفشل، ليجد زعيم حزب النهضة الإخواني راشد الغنوشي نفسه مجبراً على الخضوع لسلطات وقرارات الرئيس قيس سعيد التي أغلقت كل المنافذ على فساد وإرهاب الإخوان، إذ تراجع الغنوشي أمس، عن موقفه من الرئيس سعيد، معلناً دعم الحركة للرئيس التونسي، في محاولة أخرى منه للهروب من جحيم العزلة السياسية والمحاكمات التي تننظره، بيد أن القضاء التونسي لم يترك له مجالاً لذلك واستدعاه رسمياً للتحقيق معه في قضية اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد.
وجاءت تصريحات الغنوشي أمس، مغايرة تماماً لموقفه السابق، قائلاً: “سندعم الرئيس قيس سعيد ونعمل على إنجاحه بما يقتضي ذلك من استعداد للتضحيات من أجل الحفاظ على استقرار البلاد واستمرار الديمقراطية”، بالرغم من أنه في وقت سابق هدد باللجوء للعنف والإرهاب إذ لم يتراجع قيس عن قراراته، وهو ما رفضه الشارع التونسي ووقف إلى جانب الرئيس بقوة، ليعود ويقول: “تلقينا رسالة شعبنا وحركة النهضة منفتحة على المراجعة الجذرية لسياساتها”، متوقعاً أن يتفاعل البرلمان “إيجابياً” مع الحكومة التي سيقترحها الرئيس، في إشارة إلى استسلام واضح منه لمصير الإخوان المحتوم في تونس وهو منع سيطرتهم على المشهد السياسي. وقالت مصادر قضائية تونسية إن قاضي التحقيق في قضايا الإرهاب استدعى الغنوشي، الليلة الماضية، للتحقيق معه في قضية اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، ما يؤكد يؤكد أن القضاء التونسي فتح ملفات التنظيم على أعلى مستوى، في تطور تطورات حثيثة يرجح خبراء أن تعجل بأفول “النهضة”، الحركة الإخوانية التي عبثت بأمن التونسيين طوال أكثر من عقد قضته في الحكم، وذلك من خلال حلها والزج بقياداتها ممن ارتكبوا جرائم بالسجون.
وأوضحت المصادر، أن طلب التحقيق مع الغنوشي جاء بعد شكوى قدمتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تتهم فيها الغنوشي بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي جدت في فترة الإخوان، وهي دفاتر يفتحها القضاء التونسي لمحاسبة التنظيم الإرهابي، وتشكل الوجه الآخر لتداعيات القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي، قبل أكثر من أسبوعين، بتجميد عمل البرلمان وتعليق عضوية نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي. ولفت مراقبون إلى أن ما يحدث الآن هو مسار تصحيحي يميط اللثام على عشرية وصفها التونسيون بالسوداء، ويضع الإخوان وزعيمهم أمام محكمة الشعب.