جدة – البلاد
انقلبت أوضاع الإخوان في تونس رأساً على عقب، وأدخلتهم أفعالهم في نفق مظلم يصعب خروجهم منه، ولم يبق أمامهم سوى توجيه الاتهامات لبعضهم، يتلاومون على ما اقترفوا من جرائم، منقسمين فيما بينهم بعد أن لفظهم الشارع، ورفض سيطرتهم على الأوضاع، معتبرا أنهم لا يصلحون لتولي المهام القيادية أو الدنيا في السلطة، ما اعتبره مراقبون نهاية حتمية ومتوقعة لحزب عاث فسادا في الأراضي العربية، ويريد المزيد، غير أن الحادبين على مصلحة المنطقة قطعوا الطريق عليه وأنهوا سطوته.
وبعد الضربة المفاجئة والمؤلمة التي وجهها الشعب التونسي لـ”حزب النهضة” الإخواني، بدأ الانقسام داخل الحزب، إذ هاجمت القيادية والنائبة بالبرلمان عن حركة النهضة يمينة الزغلامي، زعيم الحزب راشد الغنوشي، وقالت إن تصريحاته ومواقفه الأخيرة التي تلت قرارات الرئيس قيس سعيّد، تهدّد السلم الاجتماعي في تونس، وذلك بالتزامن مع تزايد المطالب داخل حركة النهضة الداعية لانسحاب الغنوشي نهائياً من الحياة السياسية.
واعتبرت الزغلامي أن تصريحات الغنوشي التي توعد فيها بتحريك الشارع، تأجيجاً للعنف والفوضى وإعادة الإرهاب إلى تونس، وقالت إنها تهدد السلم الاجتماعي في تونس، ما يشير إلى أن الخلاف داخل الحزب الإخواني في تفاقم ولن يتوقف عند هذا الحد، خصوصا وأن الزغلامي هددت بالكشف عن الكثير من المعطيات في حال عدم اتخاذ “حزب النهضة” قرارات ومواقف واضحة تجاه موقف الغنوشي. وفي هذا السياق، طالب أكثر من 130 من شباب حركة النهضة من بينهم عدد من النواب وأعضاء من المكتب التنفيذي للحركة وأعضاء من مجلس الشورى وأعضاء مكاتب مركزية وجهوية ومحلية وأعضاء مجالس بلدية، في بيان أصدروه تحت عنوان “تصحيح المسار”، رئيس الحركة راشد الغنوشي لتغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ ما يجب من إجراءات من أجل تونس، داعين قيادة حزبهم إلى تحمّل المسؤولية كاملة على التّقصير في تحقيق مطالب الشّعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان، معتبرين أنّ خيارات الحركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها للتّحالفات والأزمات السياسيّة لم تكن ناجعة في تلبية حاجيات المواطن الذي طحنته ماكينة غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائيّة بالإضافة إلى البطالة والجائحة الصحية.
وقال القيادي في حركة النهضة سمير ديلو، إنه من الضروري أن تعرف قيادات الحركة “حجمها بعدما حصل من متغيرات” في إشارة إلى رفض الشارع لسيطرة الإخوان على القرار داخل البرلمان، مضيفاً أنه ضد دعوة الغنوشي لأنصار الحركة للنزول إلى الشوارع، معتبرا أن اللجوء للعنف وتعريض حياة التونسيين للخطر ومواجهة قوات الأمن “خط أحمر”، فيما انتقد عدد من النواب التونسيين، دعوة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، لعقد اجتماع طارئ لمكتب المجلس، على خلفية صدور أمر رئاسي يقضي بتجميد أعمال مجلس نواب الشعب. وقالت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي للغنوشي: “لن تضع قدمك مستقبلاً في البرلمان”. وقالت إن حزبها “لم يعترف به يوماً رئيساً لمجلس نواب الشعب”، مذكرةً بمطالبتها المستمرة بسحب الثقة منه.
وأكدت موسى أن “الغنوشي الذي يطالب باحترام الدستور كان أول من اخترق القوانين والنظام الداخلي للبرلمان”، مضيفةً: “دستورك رد اليك يا إخواني”، بينما اعتبرت النائبة عن كتلة الإصلاح بالبرلمان التونسي، نسرين العماري، أن البيان الصادر عن رئاسة المجلس يُعد “تجاوزاً خطيراً وتعدّياً صارخاً على علويّة القانون”.