تونس – البلاد
قوبلت القرارات التي أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد لتحجيم تحركات “الأخوان” وسيطرتهم على القرار في البلاد، بردود فعل عالمية واسعة مؤيدة لما جرى، معتبرين أنها قرارات حاسمة لتعديل الوضع السياسي ومعالجة الاحتقان الذي تسببت فيه جماعة الإخوان المسلمين، المرفوضة من قبل الشارع التونسي، بدليل المسيرات التي عمت البلاد ترحيبا بقرارات الرئيس، وسط ترقب لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة.
لا تزال ردود الأفعال الدولية تتوالى على القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي، إذ أكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، أنها تتابع ببالغ الاهتمام المستجدات السياسية الراهنة في تونس، معربة عن أملها في أن تتمكن تونس من تجاوز هذه المرحلة الدقيقة في كنف الهدوء، بما يستجيب لتطلعات شعبها ويرسخ قيم السلم والأمن ويضمن مقومات التنمية والازدهار والرفاه، مؤكدة الحرص على أمن واستقرار تونس ودعم كل جهد ممكن لتحقيق هذا الهدف، فيما دعت الأمم المتحدة، جميع الأطراف في تونس، إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف وضمان الهدوء. وقطع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بدعم الجامعة الكامل للشعب التونسي، معربا عن تمنياته بسرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية، واستعادة الاستقرار والهدوء وقدرة الدولة على العمل بفعالية من أجل الاستجابة لتطلعات ومتطلبات الشعب، بينما طالب الاتحاد الأوروبي الأطراف التونسية المختلفة بالحفاظ على الهدوء وتجنب العنف والحفاظ على استقرار البلاد.
وأكدت لجنة الشؤون الخارجية في برلمان فرنسا أن الرئيس التونسي اختار الوقوف لجانب شعبه، داعية رئيس البرلمان التونسي إلى احترام سيادة القانون في أسرع وقت ممكن. وقالت الخارجية الإيطالية، إن الوضع في تونس يحظى باهتمام روما والاتحاد الأوروبي في ضوء آخر التطورات الحالية، مؤكدة أن قرارات الرئيس التونسي في المسار الصحيح. بدوره، أكد اتحاد الشغل التونسي، أن الرئيس قيس سعيد تعهد بحماية المسار الديمقراطي واحترام الشرعية، كما شددت جمعية التونسيين على استقلالية النيابة العمومية، ودعت إلى ضرورة النأي بها وبالسلطة القضائية عن التوظيف السياسي، وذلك تفاعلا مع قرار الرئيس قيس سعيد ترؤس النيابة العامة بنفسه، من أجل تحريك ملفات الفساد وملاحقة المتورطين في عدة قضايا، فيما عبرت نقابة الفنانين في تونس، أمس، عن مساندتها لقرارات سعيد، ووصفتها بأنها استثنائية تترجم مطالب الشعب، داعية الرئيس لوضع خارطة طريق في مدة لا تتجاوز 30 يوما. وفي السياق ذاته، أعلنت مصادر تونسية، أمس، أن الرئيس قيس سعيد، تعهد لدى لقائه ممثلي المجتمع المدني، بـ”حماية المسار الديمقراطي والحقوق والحريات”،
مبينة أنه أبلغها أن “الإجراءات الاستثنائية التي اتخذت، مؤقتة”، لافتا إلى أنه جرى اللجوء إليها بسبب “تعمق الأزمة”، كما أكد سعيد حسب المصادر، أن “الحريات والحقوق لن تُمس بأي شكل”. وفي وقت تولت فيه قوات الأمن المتمركزة حول محيط البرلمان التونسي، منذ صباح أمس، غلق الشارع المؤدي إلى باب متحف باردو بالحواجز الحديدية، لمنع وصول محتمل للمحتجين إليه، أفادت قيادات أمنية تونسية عن أن هناك تنسيقا تاما بين الأمن والجيش لتنفيذ قرارات الرئيس سعيّد. وأكدت مصادر أمنية أن قوات الأمن تتواصل مع القيادة العامة للجيش من أجل تنفيذ القرارات التي صدرت عن الرئيس التونسي، وآخرها فرض حظر تجوال اعتبارا من يوم الاثنين الماضي، ولمدة شهر. وأعلنت الرئاسة التونسية على حسابها في “تويتر”، عن منع تجول الأشخاص والعربات في كل المدن والمحافظات من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا، وذلك ابتداء من الاثنين الماضي حتى 27 أغسطس المقبل باستثناء الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي، كما يمنع الأمر الرئاسي تجمّعا يفوق 3 أشخاص بالطريق العام وبالساحات العامة. بالمقابل، يواصل الشباب المناصرون لقرارات رئيس الجمهورية، قيس سعيد، التمركز على بعد عشرات الأمتار من البرلمان، مرددين شعارات مؤيدة للقرارات التي أعلنها رئيس الدولة الليلة الماضية، والتي من ضمنها تجميد عمل واختصاصات مجلس نواب الشعب لمدّة 30 يوما، ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضائه. وطالب أنصار سعيد، وفق ما رددوه من شعارات، بالإسراع في محاسبة المتورطين في ملفات فساد من أعضاء الحكومة والنواب. ويترقب التونسيون الخطوات التالية للرئيس قيس سعيد بعد قراره تعطيل عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، ومعرفة خارطة الطريق التي ستنظم عمل الدولة في المرحلة المقبلة، وتنقذ تونس من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، حيث وتتجه الأنظار إلى قصر قرطاج لمعرفة هوية رئيس الحكومة القادمة.