بقلم/ سكوت لانغدوك
يشهد قطاع مبيعات التجزئة تحولات جذرية في سلوكيات المتسوقين، إلى جانب تغيرات واسعة النطاق في تشكيلات المنتجات، ونمو هائل في الطلبات الرقمية. واستجابةً لهذه التحولات في السوق، تعمد متاجر التجزئة التي تتحلى بروح الابتكار إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات للتكيف مع التوجهات الحالية في السوق من خلال ابتكار مبادرات جديدة تركز على البيانات المتوفرة وتستند إلى التقنيات الحديثة بهدف الارتقاء بتجارب المستهلكين.
وفي حين أن هذه الجهود شكلت خطوات جيدة، إلا أنها ليست كافية، حيث ينبغي أن تركز المتاجر أيضاً على تحسين عملياتها الجارية خلف الكواليس وفي مكاتبها الخلفية حيث يوجد موظفو الدعم الذين لا يواجهون المستهلكين، وذلك لزيادة قدرات التشغيل الآلي وتعزيز الكفاءة وخفض التكاليف، لأن هذه العوامل ضرورية لتحسين مستوى أداء الأقسام التي يحتك موظفوها بشكل مباشر مع المستهلكين.
ومن المهم هنا العمل على تحقيق مستوى جيد من التوازن بين تحسين العمليات الداخلية والمبادرات التي تستهدف الارتقاء بتجربة المستهلك بما يضمن في نهاية المطاف إنشاء استراتيجية شاملة ومتميّزة تدعمها التكنولوجيا في المتجر. وهذا ما نطلق عليه رؤية المتجر الذكي.
وفيما يلي بعض الضرورات الاستراتيجية للمتاجر الذكية، والتي يمكنها المساعدة في زيادة الكفاءات، وتحسين الإيرادات المالية للمتاجر وتوفير مزايا عديدة في سوق مبيعات التجزئة التي تشهد مستوى عالٍ من التنافسية حالياً.
بالنسبة لمتاجر التجزئة متعددة القنوات، غالباً ما يكون امتلاك متجر فعلي هو الطريقة الأكثر فعالية وكفاءة من حيث التكلفة لإنجاز الطلبات عبر الإنترنت. وتلبي بعض متاجر التجزئة ما يصل إلى 90٪ من الطلبات الرقمية من متاجرها الخاصة، ويعني هذا النهج أن المتاجر ينبغي أن تصبح مراكز مصغرة لتنفيذ الطلبات – فعندما لا يتم تحسين تصميم المتجر وقدرته على تأمين المنتجات وتنفيذ الطلبات على نحو سريع، ستكون النتيجة وقتها تكلفة أعلى لكل طلب، مما قد يؤثر سلباً على العلامة التجارية.
هذه المشكلة واضحة لا سيما في قطاع البِقالة وذلك مع تحول المستهلكين إلى اعتماد خدمة الطلب عبر الإنترنت أثناء جائحة كورونا. ويحتاج موظفو محلات البقالة إلى تزويد العاملين المساعدين في المتجر بأدوات الإنجاز التنبؤية القائمة على الذكاء الاصطناعي و تعلم الآلة لإعداد الطلبات بسرعة وكفاءة والمباشرة بعمليات تسليم وتوصيل المنتجات.
ويرغب العملاء الحصول على تجارب تفاعلية سلسة مع الموظفين المساعدين في المتجر، لذا بات على متاجر التجزئة العمل على تزويد موظفيها الذين يحتكون مع العملاء بصورة مباشرة بأدوات تقنية محمولة لتعزيز قدرتهم على التفاعل مع المستهلكين من خلال نقل المعلومات، أو التعامل مع المبيعات. ويحتاج الموظفون في المتجر إلى جعل المناقشات أكثر تخصيصاً، وفهم حالة المخزون بالكامل في الوقت الفعلي.
ففي بداية جائحة كورونا في مارس 2020، اضطرت مجموعة نيمان ماركوس إلى إغلاق متاجرها الفعلية على أرض الواقع، والتحول سريعاً من خلال تطويرها تطبيق NM Connect في غضون أسبوعين فقط، وهو تطبيق بدون خادم يستند إلى سحابة أمازون ويب سيرفيسز (AWS). ومكّن تطبيق NM Connect موظفي مبيعات المتاجر من العمل من المنزل والبيع مباشرة لعملائهم. كما ساعد التطبيق متاجر نيمان ماركوس على تحقيق 3 ملايين دولار من المبيعات اليومية المتزايدة خارج نطاق عمليات التجارة الإلكترونية الحالية، مما أدى إلى زيادة عائد الاستثمار بنسبة 2500٪.
ويُعد تحسين توافر المنتجات والتعامل مع المشاكل المتعلقة بنفاد المخزون من الأمور المهمة التي تحتاج متاجر التجزئة إلى التركيز عليها. وباستخدام مستشعرات الرفوف في الوقت الفعلي، وتقنيات الفيديو الذكية، والروبوتات المحمولة، يمكن لمتاجر التجزئة الحصول على معلومات سريعة والتعامل مع نفاد المخزون وتأمين المواد والمنتجات المطلوبة.
ويوجد الآن العديد من حلول الروبوتات المتقدمة المتاحة لمتاجر التجزئة والمصممة لأتمتة الأنشطة كبيرة الحجم والروتينية مثل تنظيف الأرضيات، وتجديد المخزون. وتستخدم شركة البقالة الأمريكية Giant Eagle منصة روبوتية داخل الممر من شركة Brain Corp شريك AWS)) لتحليل ومعرفة حالة المخزون وظروف التخزين بما يضمن تبسيط عمليات إعادة التخزين وصيانة المتجر.
يُعد تدريب الموظفين عنصراً أساسياً عند القيام بعمليات نشر واعتماد التقنيات الحديثة في المتاجر. ويجب التأكد خلال مرحلة التخطيط لمبادرات المتجر الذكي من تضمين برامج التدريب في خطة المشروع. وحتى عند النجاح في تنفيذ جميع الضرورات والخطوات المذكورة أعلاه، فإن تدريب الموظفين على استخدام التقنيات المختلفة وفهمها سيسهم في تحقيق عائدات استثمارية أعلى.. وينبغي على المتاجر عدم تجاهل موظفيها وتدريبهم وتصحيح المسار المتبع عند الضرورة وذلك لتحسين قدرة الموظفين على استخدام الحلول بما يحقق أعلى مستوى من الفائدة.