أكد رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ أمام أعضاء البرلمان العربي، أن الدور الذي تقوم به المملكة في خدمة قضايا العالم العربي يعد دورًا قياديًا ومحوريًا جسّدته المواقف المشرّفة والسياسات الحكيمة والمبادرات الرائدة التي تبذلها صوناً للأمن القومي العربي وتصديًا للتدخلات السافرة في شؤون الدول العربية، مبينًا أن كل ذلك تعكسه النجاحات الكبيرة والمواقف الحاسمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين ـ حفظهما الله -.
جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس مجلس الشورى اليوم لدى حضوره افتتاح أعمال الجلسة العامة السادسة من دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثالث للبرلمان تلبية لدعوة رسمية تلقاها من رئيس البرلمان العربي عادل بن عبدالرحمن العسومي وتسلمه خلالها لوسام التميز العربي، بمقر جامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة.
وقال رئيس مجلس الشورى إن مواقف قيادة المملكة تجاه العالم العربي أعطت قوة دفع إيجابية لمنظومة العمل العربي المشترك، مؤسسةً لمرحلة واعدة من التضامن ووحدة المواقف ومتصدية لكل ما يهدد ويستهدف أمن واستقرار مجتمعاتنا العربية، بخطوات عملية تؤكد دعمها ومساندتها لجميع الدول العربية.
وأوضح في كلمته أمام البرلمان العربي أن العالم العربي يمر بالعديد من التحديات والتطورات بالغة الدقة، مما يتطلب من الجميع تدارس أبعادها وتداعياتها سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وضرورة اتباع أفضل السبل المنهجية لمعالجتها والتخفيف من آثارها السلبية، وذلك عملاً بقول الله تعالى “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، مبيناً أن مواجهة التحديات تستلزم إرادة حقيقة لمشروع عربي متكامل يحوي آليات للتنفيذ تستشرف مستقبل دولنا وشعوبنا.
وأشار رئيس مجلس الشورى إلى أن من أبرز هذه التحديات النزاع العربي الإسرائيلي الذي يتمحور حول قضية الشعب الفلسطيني الشقيق وحصوله على حقوقه المشروعة، مؤكدًا أن المملكة بذلت جهودًا كبيرةً لنصرة القضية الفلسطينية ولم تدخر جهدًا في تقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي، وحث المجتمع الدولي على ضرورة القيام بمسؤولياته لرفع المعاناة عن الفلسطينيين، مشددًا على أن المملكة حكومة وشعبًا تؤكد وقوفها مع الشعب الفلسطيني, وتدعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال والوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وعن الوضع في اليمن، أوضح معاليه أن الوضع الإنساني في اليمن لازال يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي لوضع حد لهذه المأساة، مؤكدًا موقف المملكة الثابت بقبول الحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث المبادرة الخليجية وآليات تنفيذها, مخرجات الحوار الوطني اليمني, قرار مجلس الأمن رقم ( 2216)، وما أعلنت عنه المملكة في مبادرتها الأخيرة لإنهاء الأزمة في اليمن بوقف شامل لإطلاق النار.
وشدد رئيس مجلس الشورى أن المملكة تؤكد بحزم على حقها بالدفاع عن أراضيها ومواطنيها والمقيمين بها من الهجمات الممنهجة التي تقوم بها الميليشيات الحوثية الإرهابية ضد الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية، مشيداً في الوقت ذاته بمواقف وبيانات البرلمان العربي في إدانته الصريحة لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ضد المملكة، مما يؤكد بجلاء استشعار البرلمان لمسؤولياته القومية ويجسد التعاون والتضامن العربي استناداً إلى وحدة المصير وتعزيز المصالح العربية المشتركة.
وأبان أن النظام الإيراني يسعى إلى تأجيج الخلافات العربية وتعميق المعاناة الإنسانية للشعوب العربية، عبر أذرعه الإرهابية، حيث تقود إيران حرباً بالوكالة في أكثر من جبهة عربية ساعية إلى إيجاد بؤر توتر من خلال إثارة الفتن المذهبية والطائفية ودعم الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج إطار السلطات الشرعية؛ سعياً لتفتيت الشعوب العربية بما يمهد لاختراقها والسيطرة عليها.
وبيّن معاليه أن المملكة حرصت على الاضطلاع بدورها الإنساني عبر تقديم العون والمساعدة لرفع المعاناة عن الشعوب العربية في محنها وأزماتها، وقال: كلما تعاظمت المحن والأزمات تعاظم معها الدعم والمؤازرة والعطاء من قبل المملكة في جميع المجالات، ولعل من آخر ذلك ما قامت به المملكة في سبيل مواجهة جائحة كوفيد 19 , حيث إن المملكة من أوائل الدول التي سعت إلى مد يد العون والتنسيق مع الدول المتضررة من هذه الجائحة، وخاصةً الدول العربية.
وأكد أن المملكة تؤمن بأن المسؤولية مشتركة ومبنية على أهمية تكثيف الجهود والعمل الدولي لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في مجال انتشار الأوبئة، والتغير المناخي، ومكافحة الفقر والجريمة المنظمة، وغير ذلك من التحديات التي تستدعى تعزيز التعاون للعمل نحو مستقبل مزدهر , مشيراً إلى أن خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ أكد خلال مشاركته في ” قمة المناخ” التي عقدت افتراضياً في أبريل الماضي، أهمية الحفاظ على كوكب الأرض في ظل زيادة الانبعاثات الناتجة عن النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أهمية تبني منهجيات مستدامة وواقعية ومجدية التكلفة لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة.
ونوه رئيس مجلس الشورى بدور رئيس البرلمان العربي وللبرلمان في تثمين البرلمان وإشادته بمبادرتي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله – “السعودية الخضراء” والشرق الأوسط الأخضر” واللتين تم تبنّيهما في الجلسة العامة للبرلمان لاقتراح آلية وخطة عمل وإطار قانوني لوضع المبادرتين موضع التنفيذ على المستوى العربي.
وتوجه الدكتور آل الشيخ لأعضاء البرلمان العربي بقوله: “تنعقد جلستكم اليوم في ظل ظرف دقيق تمر به أمتنا العربية، وتتأكد فيه الحاجة إلى مزيدٍ من التكاتف والتضامن لتنقية الأجواء العربية، وأُحيي هذه المؤسسة البرلمانية التشريعية والرقابية لما تقوم به من دعم وتعزيز للعمل العربي خاصة في ظل تنامي دور الدبلوماسية البرلمانية، ونستشعر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقكم لتقديم رؤيةٍ عربية وأنموذج موحد يعالج جميع القضايا والتحديات ويتعامل معها بكل مسؤولية”.
وثمن ما يقوم به البرلمان من دور بارز في فتح قنوات التواصل وتوطيد العلاقات البرلمانية مع العديد من المنظمات والهيئات البرلمانية وعلى رأسها الاتحاد البرلماني الدولي.
وقدم رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته شكره وتقديره لرئيس البرلمان العربي على منحه وسام التميز العربي, عادًا هذا التكريم تقديرًا لدور المملكة العربية السعودية وحضورها الداعم للدول العربية والعمل العربي المشترك، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين ـ حفظهما الله ـ، مشيراً إلى أن ذلك يعد تقديراً لنهج الشورى بالمملكة.
وكان رئيس مجلس الشورى قد تسلّم من رئيس البرلمان العربي في مستهل الجلسة وسام التميز العربي في مراسم أقيمت أثناء الجلسة، حيث يمنح البرلمان هذا الوسام لرؤساء البرلمانات العربية ورؤساء الوزراء والشخصيات العربية تقديراً لجهوده في نصرة القضايا العربية ووحدة الصف العربي لاسيما على الصعيد البرلماني.
من جهته، رحب عادل العسومي، بمعالي الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مؤكدًا أنه يمثل قامة وطنية وعربية شامخة، ورائداً من رواد العمل البرلماني على المستوى العربي والإقليمي والدولي، مضيفاً أن تاريخه المهني والسياسي والوطني الحافل بالكثير من الإنجازات، يكشف عن بصماته الواضحة، في تطوير أسس وآليات العمل البرلماني.
وعد احتفال البرلمان العربي اليوم بتكريمه، كأول شخصية عربية تحصل على “وسام التميز العربي”، رسالة تقدير وتعبيرعن مدى العرفان والامتنان لمواقفه المشرفة في الدفاع عن قضايا الأمة العربية، ومبادراته الخلاقة من أجل تعزيز وتنسيق مواقف المجالس والبرلمانات العربية في المحافل الدولية المختلفة، فضلاً عن مواقفه العروبية الخالصة، ودعمه لكل ما يعزز التضامن العربي في المجالات كافة.
وثمن رئيس البرلمان العربي دعم رئيس مجلس الشورى الدائم والمتواصل للبرلمان العربي، ولتعزيز مسيرته والدور الذي يقوم به خدمةً لمصالح الشعب العربي الكبير ودفاعاً عن قضاياه العادلة، مؤكدًا أن حضوره هذه الجلسة، تعد تشريفًا واعتزازًا للبرلمان العربي.
وكان رئيس مجلس الشورى التقى رئيس البرلمان العربي في مستهل زيارته للبرلمان، وبحث معه الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين مجلس الشورى والبرلمان العربي, إضافة إلى بحث سبل دعم وتعزيز أعمال وجهود البرلمان العربي وما يقوم به في إطار العمل على وحدة الصف العربي.