جدة ـ عبد الهادي المالكي
تتميز التجربة السعودية لمعالجة الأحياء العشوائية عن جميع التجارب العالمية، لارتكازها أولا وقبل كل شيء على الإنسان ورفاهيته وإيجاد سبل الحياة الكريمة له، وتعمل الجهات المختصة في المملكة على تطوير الأحياء العشوائية بما يتلاءم مع جودة الحياة ومحددات التنمية السكانية والاجتماعية؛ وفقاً لمعايير الأمن والسلامة المجتمعية، وما يليق بالمملكة التي شهدت عبر العقود الماضية نقلة جبارة في كافة البنى التحتية أسست لدولة عصرية يتمتع سكانها ومقيموها حاليا بقدر وافر من حياة التمدن والرفاهية، إلا أن التمدد السالب في الجهة المظلمة من هذا الواقع الجميل للعشوائيات في الكثير من مدن المملكة، بات يفرز الكثير من الممارسات المهددة لجمال هذه المدن ولأمنها وحتى للتدفق السلس للحياة فيها، فإذا أخذنا جدة مثالا باعتبارها ثاني أكبر المدن السعودية ثقلا سكانيا وعمرانيا بعد العاصمة الرياض، فالصورة السالبة للمدينة الساحلية الخلابة تطل عبر جملة من الأحياء العشوائية تنتشر في قلبها وفي جنوبها وشرقها، وفي الوقت الذي تواصل الجهات المختصة إيجاد حلول جذرية للعشوائيات فإن وزارة الشؤون البلدية والإسكان تنفذ حملات على الأحياء الشعبية بمشاركة وزارات الصحة والموارد البشرية والتجارة والشرطة ، لرصد المخالفات داخل الأحياء، أبرزها استخدام البعض مساكن شعبية تفتقر لأدنى مقومات السلامة والصحة ومهددة بالانهيار.
ووضعت الشؤون البلدية والقروية والإسكان آليات جديدة لتطوير العشوائيات تمكن الأمانات من أداء دورها، وأكد مختصون أن السكن العشوائي في مدينة جدة يعد من أكثر المشكلات العمرانية التي تواجه تطوير بيئتها الحضرية، وأحد مظاهر عملية النمو الحضري السريع، وتحتاج الأحياء العشوائية الى معالجة وتطوير بشتى جوانبها الأمنية، الاجتماعية، الاقتصادية، العمرانية والإسكانية، وتعتبر المناطق العشوائية بأن أكثر قاطنيها من الوافدين وخاصة الجاليات الافريقية، حيث تستهوي هذه الاحياء غير السعوديين لرخص ايجارها والذي قد يصل في بعضها الى 300 ريال في الشهر وقد تصل الى 1000 ريال للتي تحتوي على 4 غرف واعلى مما يجعلهم يجتمعون اكثر من اسرة واحدة في المنزل قد يصل عددهم الى عشرين شخصا حتى يستطيعوا دفع الايجار. وأضافوا أن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وضعت آليات جديدة لتطوير العشوائيات تمكن الأمانات من أداء دورها في التطوير، مشيرا إلى أن الأمانة تسعى إلى تطبيق المشروعات من خلال رؤية القطاع الخاص, وأكد أن جدة تشهد مشروعات قائمة بتكلفة 7.2 مليارات ريال، فيما تم ترسية مشروعات بتكلفة 4.7 مليار ريال، مشيرا إلى أن الأنظمة السابقة تعيق تنفيذ مشروعات النفع العام.
وضع اليد
هذا وتعود البدايات الأولى لظهور الأحياء العشوائية في جدة إلى مطلع السبعينات الميلادية، عندما بدأت جدة كمدينة ناشئة في استقطاب سكان الهجر والأرياف للعمل فيها، ولحاجتهم للسكن السريع، وعدم القدرة على توفيره اضطروا إلى وضع اليد على الأراضي وبناء المساكن بطرق متواضعة ومواد تقليدية، ما أدى لظهور العشوائيات.
وكشفت تقارير سابقة أصدرتها لجنة المباني الآيلة للسقوط في أمانة جدة، أن عدد المباني غير الآمنة التي شيدت دون شرعية هندسية، وبدون تراخيص بناء من مكتب استشاري معتمد يصل إلى 18 ألفا و851 مبنى شعبيا، موزعة على المناطق العشوائية جميعها من المنازل الشعبية التي لا تقوى على مقاومة العوامل المختلفة أو مواجهة العوارض الطارئة.
هذا وتعاني الاحياء العشوائية من الكثير من المشكلات سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الأمنية.
معاناة السكان
وتحدث عدد من المواطنين الذين يسكنون في تلك الأحياء، “للبلاد” الذين طالبوا بتطوير الأحياء الشعبية حتى يتمكنوا من التغلب على بعض الأمور التي تضايقهم والتي من اهمها دخول المقيمين غير النظاميين بينهم بالإضافة الى تأمين بقية الخدمات. حيث قال عوض الله السلمي والذي يسكن بحي الروابي لقد سكنت في هذا الحي قبل نحو 40 عاما ولم يكن فيه سوى السكان المواطنين فقط الا انه في السنوات الأخيرة انتشرت الجاليات الافريقية في الحي حتى اصبح الحي يعج بهم ولم يكتفوا بهذا بل اصبحوا مسيطرين على المحلات التجارية المتواجدة داخل الحي وفي جنباته وقد اصبحنا نخشاهم في دخولنا وخروجنا من منازلنا ونحاول ألا نحتك بهم فأية مشكلة تقيمها معهم يستدعون بقية اقربائهم في الحي .
تدني الخدمات
من جانبه قال ردة المالكي من سكان حي المنتزهات لقد عانينا طوال السنين الماضية من قل الخدمات، ونتمنى تطوير الحي وتفعيل برامج السفلتة، لأن البلدية تقوم سفلتة الشوارع داخل الحي طبقة فوق الأخرى ما ادى إلى ارتفاع مستوي الشوارع عن المساكن ما يعيق السكان عن دخول منازلهم ، فضلا عن انتشار الجاليات الافريقية في الحي ومعظمهم من مخالفي العمل والإقامة.
انتشار المتسولين
ومن جهة أخرى أوضح محمد الزهراني من سكان حي الربوة، أن تنظيم الأحياء العشوائية، وتطويرها أمر منتظر، واكد الزهراني انه يسكن في حي تنظيمي بالربوة الا انه لا يفصل بينه وبين العشوائي سوى شارع بعرض 20 مترا والذي تسكنه جاليات آسيوية حيث يستقبلك أطفالهم وابوابهم المشرعة والتي لا تقفل سوى مع حلول الظلام اما بقية الوقت فلا يغطيها سواء الشراشف والبطانيات التي وضعت كستارة لمن داخل المنزل. وتجد نساءهم يجبن الشوارع وعند الإشارات للتسول حاملين معهم أطفالهم للاستجداء.
وقفة حازمة
وقال عمر الزهراني من سكان كيلو 14 إن تطوير المناطق العشوائية يحتاج إلى اعادة تأهيل ، حيث تعاني من قل الخدمات بدءا من الشوارع الضيقة مرورا بضعف الإنارة وانتهاء بالاختناق مع صعوبة الوصول آليات الدفاع المدني اثناء الحرائق لا سمح الله وكثرة الأسواق الشعبية التي ترتبط بتلك المناطق ويجب أن يكون الحل مشاطرة ملاك المباني المختلفة ونزع المباني الواقعة بمناطق التطوير سريعا ومعالجة المنازل التي لا تحمل صكوكا وفق النظام المعمول به ووضع الخطة السريعة للقضاء على المخالفين من سكان تلك المناطق وتوسيع الشوارع ، وان يتم فتح شوارع اسوة بما تم عمله في حي السبيل والبلد حتى تعطي مجال لآليات الدفاع المدني من الوصول الى موقع الحريق ، حيث ستسهم هذه الامور في إعادة ترتيب واستغلال العشوائيات وتهيئتها بشكل مناسب وحضاري .
عقد إلكتروني
وعن رأي مكاتب العقار حول تأجير المساكن في الاحياء الشعبية قال عواض الذويبي صاحب مكتب عقار نحن نقوم بتأجير البيوت الشعبية داخل الاحياء بموجب عقد ايجار إلكتروني بعد ان نقوم بتدوين بيانات صاحب البيت بموجب الهوية الوطنية والعنوان الوطني وبيانات المستأجر بموجب الاقامة التي يحملها. اما من ناحية ما يتردد من ان هناك مستأجرين مقيمين يأتون بأبناء جلدتهم من المتخلفين ويسكنونهم معهم في نفس المبنى حتى يصل عددهم الى اكثر من ١٥ شخصا فهذه ليست من مسؤولياتنا لأن مسؤوليتنا تنتهي بعد تسليم نسختين من العقد للمستأجر وصاحب المنزل ولا يمكن لأي مكتب باية حال من الاحوال ان يقوم بالتأجير لمتخلفين.