جازان ـ البلاد
عرف المجتمع النسائي بمنطقة جازان في موسم العيد ومختلف مناسبات الأفراح بممارسة عادات قديمة في التزيين النسائي كموروث استمر على مدى أجيالٍ متعاقبة، وتمثل “العظية” أو “العكرة”، إحدى العادات التي مازالت حاضرة برائحتها الجميلة مما حافظ عليها من الاندثار رغم التطور والتغيرات في وسائل الزينة المعروفة لدى النساء.
ويعمل في تجهيز “العظية” بمكوناتها من النباتات العطرية التي تشتهر بزراعتها المنطقة السيدات الكبيرات، إلى جانب المتخصصات من الشابات اللاتي أصبغن عليها حلة التطوير، لمواكبة الحضارة، بهذه العادات والتقاليد الأصيلة، كسمة من سمات المرأة باعتبارها من كماليات الزينة عندها لرائحتها العطرية الجذابة وشكلها الذي يبعث في النفس البهجة والسرور. وتتكون “العظية” من “القشفة” لحاء أعواد الأشجار وخاصة أشجار السدر، الذي يترك حتى يجف، ثم يدق في الملكد “الهوند” حتى يصبح قطعاً صغيرة، ليوضع في إناء مصنوع من الطين يسمى “المشهف”، ثم يوضع على النار ويقلب حتى يتحول إلى اللون البني، بعد ذلك يطحن على “المطحنة” طحناً جيداً حتى يصبح مثل الدقيق فيتحول لونه إلى اللون البني الغامق، ليؤخذ منه بعد ذلك قطعتين صغيرتين على شكل دائري من بقايا كسر الجرة، ليوضع بين الفحم الملتهب حتى تحمر ثم تنزع بواسطة أداة تسمى الملقاط ويوضع بين القطعتين قطعة من الجاوي.
ويتخذ الاحتفال بعيد الفطر المبارك في جازان شكلاً مميّزاً، حيث يتبادل فيه الأهل والأقارب الزيارات العائلية وأداء الفنون الشعبية التي تشتهر بها المنطقة في جو تسوده المودة والرحمة والسعادة. وإفطار العيد في جازان لا يقتصر على الأسرة الواحدة بل يتسع ليشمل سكان الحي بل والقرية عندما تكون القرية لا تتجاوز العشرات من المنازل حيث يجتمع الأهالي في ساحة أعدت لتناول الإفطار إذ يقوم كل شخص بإحضار وجبته الخاصة لذلك الموقع في نوع من أنواع التآلف والمحبة والتنوع في المأكولات وإتاحة الفرصة للجميع لتناول الإفطار والاجتماع ويشاركهم كل من تصادف مروره بالشارع من عابري السبيل والمقيمين، فيما تجتمع نساء الحي داخل أحد المنزل الذي تقام عنده مائدة العيد لتبادل التهاني وتناول طعام العيد. وعلى مائدة الإفطار التي تمتد في صفوف قد يصل طولها لبضعة أمتار تتوزع الآنية المليئة بأنواع المأكولات الشعبية التي عرفت بها المنطقة ومنها المغش وهو إناء فخاري يعد فيه اللحم، والحيسية المصنوعة من الفخار أيضا التي يقدم فيها الخمير، والمفالت الذي يعد من الذرة أو الدخن الممزوج باللبن والسمن المضاف إليه السكر أو العسل.
ومن الأطباق التي تعج بها مائدة العيد في جازان، المرسة ويدخل في تكوينهما الدقيق والسمن والعسل لينتج عنه وجبة غذائية غنية تقدم مقرونة في أغلب الأحيان بقطع السمك المملح وهو ما يعرف لدى الأهالي ” بالجزائري” أو” الكسيف ” إضافة للحنطة والعصيدة، وكبسة الأرز وغيرها من الوجبات التي عرفت بها المنطقة. ولا ينتهي العيد في جازان عند الإفطار بل يستمر طيلة أيام العيد حيث تتبادل الزيارات بين الأهالي والأصدقاء حتى وإن كانت تبعد المسافات البعيدة فالكل يحرص على زيارة كل أقاربه في العيد وتفقد أحوالهم.