الدولية

حضور دولي مؤثر وسياسة خارجية حكيمة

البلاد – مها العواودة

تعتمد المملكة على رؤية واضحة المعالم للنمو والتطور وتحقيق القفزات الهائلة في مختلف المجالات، عرابها سمو ولي العهد الذي قطع على نفسه عهدا بمحاربة الفساد، وبناء سعودية يشار إليها بالبنان عالمياً منذ أن بُويع وليا للعهد، لتكون المملكة من ضمن أفضل دول العالم في التنمية والتخطيط المثالي لمستقبل زاهر للأجيال القادمة، عبر رؤية 2030، وبعد إنجاز خططها تتحول الرياض إلى رؤية 2040 للمنافسة على المستوى العالمي، بينما رسم سموه سياسية خارجية متوازنة وحكيمة، مبنية على مصالح السعودية في المقام الأول، مع الاعتماد على الدبلوماسية في حل الأزمات الدولية.
وأكد الكاتب والمفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي لـ”البلاد”، أن رؤية 2030 الطموحة فكرة استباقية متميزة وضعها الأمير محمد بن سلمان، محددة الأهداف، وستحقق الطموحات بعد أن آتت ثمارها مبكراً خلال الخمس سنوات الماضية، مشيراً إلى أن قيادة المملكة لديها خطة واضحة للانتقال بالسعودية في هذا الظرف الدقيق بالمحيط العربي إلى مرحلة الدولة الأقوى التي تقيم أسسها على مجموعة من القيم والأهداف. وأضاف: القيم واضحة المعالم قالها سمو الأمير محمد بن سلمان هي التمسك بالنص القرآني والاجتهاد بالتفسير بشكل عام، أما القيم العملية فهي في موضوع المرأة والتعليم والعملية الصحية، وتعددية مصادر الدخل بوعي شديد وخطط واضحة”.

ويرى الرميحي أن نجاح المملكة هو نجاح الخليج والمنطقة لأنها العمود الفقري في خضم تحديات هائلة. وتابع : تطور المنطقة يكون عبر مشروع طموح، وهو ما يعمل عليه سمو الأمير محمد بن سلمان، وهو مشروع متعدد يحمل آمالا كبيرة، وعلينا جميعا أن نؤيده وندعو له بالتوفيق من أجل المصلحة العامة”، مؤكداً أن المملكة محور مهم للغاية في المعادلة العربية والإسلامية وحتى على مستوى العالم، وخططها الموضوعة حاليا تتجنب المنطقة المزالق. من جانبه، قال الكاتب الكويتي والمحلل السياسي الدكتور عايد المانع لـ”البلاد”، أن المملكة حققت خلال الخمس سنوات الماضية إنجازات كبرى، إذ أوجدت مجتمعا حيويا، وسهلت الحصول على الخدمات الصحية والطارئة منها بنسبة تتجاوز 87 % مقارنة بما سبق إطلاق الرؤية التي قدمها سمو الأمير محمد بن سلمان وكذلك ارتفاع نسب تملك المساكن، والاهتمام بالمواقع التراثية والأثرية في المملكة في إطار جهود تعزيز الهوية السعودية وحضورها عالميا، كما أن هناك إنجازات كبيرة تحققت في المجالات الطبية والصحية والسياحية والترفيهية والبيئية والاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد الشركات العالمية في السعودية. وأضاف “سياسيا المملكة تصدرت المشهد في عقد المؤتمرات والاجتماعات وتبادل الزيارات مع الدول الشقيقة وتعزيز العلاقات وتقديم العون لمختلف الدول خلال الأزمات وبادرت بالحلول السياسية الناجعة”.

في السياق ذاته، لفت وزير خارجية مصر الأسبق السفير محمد العرابي، إلى أن آثار خطط القيادة السعودية بدأت تؤتي ثمارها خلال الخمس سنوات الماضية، مؤكدا أن المملكة تسلك نهجا جديدا ومميزا وهو الاهتمام بالأوضاع الداخلية بشكل أكبر وتعزيز فكرة التنمية المستدامة وتحفيز إمكانات المملكة الاقتصادية، مشيرا إلى أن هذا النهج سيكون له أثر عميق على الدور الخارجي وامتلاك مقومات سياسة خارجية أكثر فاعلية وتأثيرا. ويرى المحلل السياسي رضوان السيد، أن رؤية 2030 شاملة وتضع مساراً جديداً للدولة في شتى المجالات، وليس في المجال الاقتصادي والتنموي فقط. وأضاف “هناك عدة نقاطٍ تدلل على المسار الجديد للدولة السعودية من بينها تجاوُزُ مسألة الاعتماد على النفط باعتبار دوره شبه الأوحد في الواردات، وهذه الملاحظة صحيحة، لكنها جزءٌ من كل، فالمملكة هائلة الاتساع وهائلة الموارد والإمكانيات، ولذلك يكون من المنطقي والتفكير المستقبلي الإفادة من تلك الإمكانيات، وبخاصةٍ أنّ السكان تتضاعف أعدادهم، وأنّ العالم كله يبحث باستماتةٍ عن بدائل جديدة للسلعة الأعلى في العالم. وهناك إمكانياتٌ علميةٌ هائلةٌ عند السعوديين صنعتها الدولة بالتعليم الكثيف والتخصص في شتى الحقول التكنولوجية: وبالنظر لهذا كله كان لا بد من الوصول إلى مرحلة يستحيل عندها البقاء عند النفط وحسْب، حتى لو ازداد إدخال الصناعات البترولية. الخروج من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج والتكنولوجيا المتقدمة، وزمان الديجيتال، واستغلال الثروة الشاملة للمملكة وإنسانها من أجل مستقبلٍ آخَر؛ كلُّ ذلك تتضمنه وتستوعبه رؤية 3020 التي بدأت نجاحاتها تتوالى بأسرع مما قدر كثيرٌ من المراقبين”.

ويرى الخبير والمفكر الدكتور رضوان السيد أن خطة التغيير الشاملة في مفاهيم التنمية والواردات وتقنية المستقبل، اقتضت قرارات قويةً في الإدارة يتطلبها التكامل والتزامُنُ في تسيير سائر عناصر الخطة والرؤية، كما أن سياسات إشراك المرأة والشباب إلى أبعد الحدود، وبخاصةٍ أنّ العناصر الجديدة هي الأعلى كفاءةً والأقدر على فهم الرؤية الجديدة ومتطلباتها، وهذا فضلاً عن حقوق المواطنة في مجتمع ٍ نسبة الشباب فيه عاليةٌ جداً. لقد جرى إطلاق طاقات إنتاجيةً كبيرة وإنسانية كبيرة أيضاً. ولفت إلى أن العلاقات الدولية الجديدة التي وضعت المملكة في قلب العالم المعاصر بالمبادرات والشراكات سواء في العلاقات المتوازنة مع الدول الكبرى والوسطى، أو في التأثير في الهيئات الأُممية التي تشارك المملكة في عضويتها مثل G20 من أجل خير البشرية وسلامها. وتابع “كما حمت المملكة استقرار أسعار النفط من خلال أوبك +؛ فإنها ذهبت في زمن الوباء باتجاه الدول الفقيرة وتأجيل ديونها، وفي تسهيل إيصال اللقاحات إليها. وهذا إلى الإسهام الفاعل في الهيئات الدولية من أجل السلام والتعاون، والحماية البيئية والمساعدات الإنسانية”. وقال إن “المملكة تلافت وتداركت الاختلال الذي وقع في المشرق العربي في سبعينات القرن الماضي، وبعد تعاظم التدخلات والمطامع الإيرانية التي سعت لتخريب عدة دول عربية، تدخلت المملكة بقوةٍ في عهد الملك سلمان لاستعادة التوازن بالمنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار”. وأضاف “هناك سياسات للتغيير الشامل بالداخل، وهناك السياسات الدولية باعتبار المملكة قطباً في عالم التعددية القطبية. وهناك سياسات استعادة التوازن بمنطقة الشرق الأوسط والخليج بالمساعدة والدعم والحضور بكل سبيلٍ يفيد السلام والاستقرار وسكينة الناس وحفظ مصالحهم. إنها إنجازاتٌ كبرى في فترةٍ قصيرةٍ جداً. وبالنظر لما تحقّق، يصبح المأمول أن تبعث سياسات المملكة روحاً جديداً في المجالات الداخلية والعربية والدولية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *