البلاد مها العواوده – ياسر بن يوسف
تمضى المملكة العربية السعودية في طريق الإنجازات بوتيرة ممنهجة لتحقيق أهداف الرؤية وجني ثمارها على مناحي الحياة كافة أبرزها ارتفاع نسبة التوطين وسعودة كثير من القطاعات بطريقة علمية ، كما بدأت ملامح الرؤية تعلن عن نفسها بتمكين المرأة التي حصلت على كثير من حقوقها، وباتت تتقلد كثيرا من المناصب القيادية، كما شهدت المملكة طفرة سياحية غير مسبوقة، بمشاريع عملاقة مثل التأشيرة السياحية، فضلا عن الفعاليات والمهرجانات والسباقات التي احتضنتها أنحاء البلاد. وأكد مختصون لـ»البلاد» أن الرؤية خارطة طريق استثمرت مكامن القوة في «الصندوق العقاري» لمعالجة التحديات الأكثر تعقيداً في مسيرته التنموية على مدى 40 عاماً ، لافتين إلى أن التحديات التي واجهها الصندوق قبل إعلان الرؤية؛ قوائم الانتظار التي تزيد عن 480 ألف مستفيد تصل مدة انتظارهم ما بين 12 إلى 15 عام للحصول على الدعم السكني، إضافة لأحقية الأجيال القادمة للسكن، مشيدين بدور الرؤية في إعادة استراتيجية وأهداف الصندوق، حيث أطلق برنامج القرض العقاري المدعُوم بنسبة تصل إلى 100 %، وخياراته السكنية والتمويلية في مرحلة تحّول اتسمت بالسهولة واليسر بالشراكة مع منظومة الإسكان والقطاع الخاص، ليغير نموذج عمله ويُعلن القائمة (صفر) من قوائم الانتظار مطلع العام 2020م. وفي هذا السياق أوضح المشرف العام على صندوق التنمية العقارية منصور بن ماضي، أن رؤية المملكة تسطر في ذكراها الخامسة سجلاً حافلاً بالإنجازات الوطنية في شتى القطاعات ومنها الصندوق العقاري الذي يُعد ذراعاً تنمويا لقطاع الإسكان بالمملكة، وما تحقق من منجزات منذ إعلانه التحّول في يونيو 2017م وحتى نهاية الربع الأول من العام الحالي 2021م، حيث مكّن نحو 500 ألف أسرة سعودية في مختلف مناطق المملكة، مقارنة بــ 860 ألف مستفيد على مدى 40 عاماً من إنشائه، مؤكداً أن الحصول على الدعم السكني ضمن “القرض المدعُوم” أصبح فورياً بعد أن كانت مدة انتظار المواطن للقرض تصل إلى 15 عاماً.
وبين أن مسيرة التحّول لتحقيق مستهدفات برنامج الإسكان 2020-أحد برامج رؤية 2030- بهدف رفع نسبة تملك المواطنين إلى 70%، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كانت المنجزات غير مسبوقة، حيث نجح “الصندوق العقاري” في ابتكار برامج وحلول تمويلية فعّالة ساهمت في رفع نسبة تملك المواطنين للسكن من 47% في عام 2016م إلى 60% نهاية 2020م، متجاوزين المستهدف بــ 8%، مشيراً إلى أن ” القرض المدعُوم” يعتبر نقلة نوعية في تاريخ الصندوق، مؤكداً في الوقت نفسه على إيداع الدعم الشهري، إذ قدّم الصندوق لمستفيدي “سكني” نحو 27 مليار ريال خلال الفترة من يونيو 2017م حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي دعماً لأرباح عقود القرض المدعُوم.
تنمية عمرانية
واستعرض بن ماضي، أبرز ما تحقق من إنجازات في مجال التنمية العمرانية، إذ مكّن الصندوق أكثر من 1.3 مليون أسرة سعودية من تملك المسكن في جميع مناطق المملكة منذ إنشائه، إلا أن رؤية الوطن الطموحة في مطلع العام 2017م، كان لها تأثير إيجابي على ارتفاع سوق التمويل العقاري بنسبة 300% نهاية عام 2020م، كما ارتفعت حصة “الصندوق العقاري” من التمويل العقاري المدعُوم من 7% في 2017م إلى 94% في نهاية 2020م، موضحاً أن الصندوق وفّر كافة خدماته إلكترونياً ليقدم أكثر من 43 خدمة إلكترونية إضافة إلى اجهزة الخدمات الذاتية في الفروع ومنصة وتطبيق “المستشار العقاري”، بهدف تمكين المواطن من إنهاء إجراءات ” التمويل المدعُوم” في أي وقت دون التقيد بالزمان والمكان وضمن عمليات إلكترونية عالية الدقة.
واختتم المشرف العام على صندوق التنمية العقارية تصريحه بأن رؤية الوطن الطموحة خارطة طريق رسمها سمو ولي العهد، وعالجت – ضمن القطاعات – التحديات التي كانت تواجه الصندوق العقاري بمتابعة حثيثة من مجلس إدارته برئاسة معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان الأستاذ ماجد الحقيل؛ ليصنع للتاريخ قصة نجاح يفتخر بها الوطن، واليوم مع الذكرى الخامسة للرؤية، بدأ “الصندوق العقاري” مرحلة جديدة من مسيرته التنموية بعد أن وافق مجلس الوزراء على نظامه الجديد، موضحاً أن النظام الجديد منح المزيد من الصلاحيات للصندوق ليواكب مرحلة التطور والازدهار الذي تعيشه المملكة في شتى المجالات، مؤكداً على أن الصندوق يعد رافداً وعنصر أساسي للتنمية العمرانية التي شهدتها المملكة خلال الأربعة العقود الماضية.
قفزات نوعية
ومن جانبه أوضح رئيس الهيئة العامة للطيران المدني الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج إن هذه الرؤية الرشيدة والسديدة حققت للمملكة قفزات نوعية ونهضوية شاملة في كافة القطاعات. مشيرا إلى أن قطاع الطيران المدني بالمملكة شهد نهضة كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية وتحققت بفضل الله ثم بالدعم اللامحدود من حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده قائد رؤية 2030.
وأكد أن حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في لقائه التلفازي كان مباشرا في سياقه ومبشّرا بمستقبل زاهر إذ كان حديثا لا تنقصه الشفافية في تشخيص الوضع السابق والصراحة في وصف الوضع الراهن ومآلات الرؤية بالأرقام، مبينا أن مُحققات الرؤية خير شاهد على حجم العزيمة والرغبة والحماس التي يملكها سموه والتي هي بمثابة وقود لنا كمسئولين للمضي قدما للعمل على بناء هذا الوطن الغالي.
وإستطرد أن برنامج الإسكان – أحد برامج رؤية المملكة 2030 – اعلن عن تحقيقه لهدفه الاستراتيجي المتمثل بالوصول إلى 60% نسبة تملك في 2020 مقارنة بنسبة 47% قبل إطلاق البرنامج في 2016، كما أكد البرنامج مواصلته تحقيق مستهدفاته من خلال دعم الأسر السعودية وتمكينها من التملك أو الانتفاع من المسكن الأول.
وتمكن البرنامج من إلغاء مفهوم الانتظار للدعم السكني وإتاحة الاستحقاق الفوري للمواطنين من خلال تقديم حلول تمويلية وخيارات سكنية متنوعة، ما أسهم في استفادة أكثر من 834 ألف أسرة سعودية منها أكثر من 310 آلاف أسرة سكنت منازلها.
ووفر البرنامج السكن الملائم للأسر الأشد حاجة، عبر توفير أكثر من 46 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة، كما تم إطلاق منصة جود الإسكان والتي تُعنى بإتاحة الفرصة لإشراك المجتمع لتقديم يد العون للعطاء الخيري السكني بالتعاون مع 121 جمعية خيرية، حيث ساهمت المنصة في دعم أكثر من 23 ألف أسرة وبمساهمات مجتمعية تجاوزت 400 مليون ريال.
ووفر برنامج الإسكان أكثر من 141 ألف وحدة سكنية من خلال تفعيل الشراكة مع المطورين العقاريين وتعزيز الشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية، لتسهيل تقديم القروض العقارية للأسر السعودية، ما أسهم في نمو عدد القروض العقارية من 20 ألف عقد في عام 2016 إلى 295 ألف عقد في عام 2020، كما تم إطلاق الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري لتعزيز السيولة في سوق التمويل.
وأطلق برنامج الإسكان مبادرة فرز الوحدات العقارية التي تهدف إلى فرز أو إعادة فرز مبنى أو مجمع عقاري إلى وحدات عقارية عدة، حيث تم فرز أكثر 230 ألف وحدة، كما أطلق برنامج “ملاك” الذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين أصحاب الملكية المشتركة، إذ بلغ عدد جمعيات الملاك المسجلة أكثر من 10 آلاف جمعية، ولتنظيم قطاع الإيجار وحفظ حقوق (المؤجر، المستأجر والوسيط العقاري) تم إطلاق برنامج “إيجار”، حيث بلغ عدد العقود الإيجارية الموثقة أكثر من 1.4 مليون عقد، أيضاً تم إطلاق وتفعيل مركز خدمات المطورين العقاريين “إتمام” لتسريع وتسهيل رحلة المطور لتطوير المشاريع السكنية، حيث بلغ عدد المخططات السكنية المعتمدة 329 مخططا.
هوية المعمار
يؤكد رئيس قسم العمارة – كلية العمارة والتخطيط – جامعة الملك عبدالعزيز وكيل الكلية للتطوير المكلف الدكتور أحمد عبدالوهاب خان الهاشمي أن لشركة روشن دورا مهما جدا في تغيير الصّورة الذهنية لمدننا في المستقبل، حيث ستساعد على تطوير هوية معمارية عمرانية متميزة للمدن التسعة التي تتركز بها مشاريع الشركة، بل ستساعد أيضا في نشر ثقافة التغيير والتطوير خاصة لشركات التطوير العقاري وذلك من خلال توفير الشراكات لتوفير بيئة إيجابية وجاذبة للعيش والعمل والترفيه تتناسب مع مختلف شرائح المجتمع.
ويرى أن حديث سمو ولي العهد عن شركة روشن وتأسيسها لتلبية الاحتياجات على مستوى المساكن بمعايير صحيحة ترفع من جودة الحياة وبأسعار ذات ربحية منافسة حتى تكون في متناول الجميع، أوضح وبكل شفافية حال المطوّرين العقاريين على مستوى المملكة، حيث أشار الى العامل المؤثر في تشكيل المدن بالمملكة العربية السعودية ولذلك كان لا بد من رفع سقف المنافسة على مستوى جودة المنتج السكني وما يتعلق به من خدمات وجودة في الفراغات الخارجية والتي توفر أسلوب حياة تتواءم مع النهضة المتسارعة على مستوى مملكتنا الغالية.
وأضاف” عندما نتحدث عن المسكن فإننا فعليا نتحدث عن مواضيع كثيرة مرتبطة بهذا الجزء الصغير ذي الأهمية الكبرى في بناء وتشكيل المدينة، فيعتبر المسكن أساسا لتشكيل المدن وإبراز هويتها وتطورها، فيمكن تشبيهه بالخلية الجينية ذات المواصفات المميزة لكل مدينة والتي تتشكل بفضل مجموعة من الأبعاد الرئيسية وهي البعد الاجتماعي الثقافي والبعد البيئي والبعد الاقتصادي وهو البعد الأهم والمؤثر في تشكيل المنتج النهائي للمسكن والحي في المملكة العربية السعودية خاصة وأنه مرتبط ارتباطا مباشرا مع المطورين العقاريين والمستثمرين، فعلى سبيل المثال تؤثر الميزانيات المرصودة لعمل الدراسات المعمارية والعمرانية والاقتصادية وترشيدها على قرارات المطوّر العقاري في بعض الأحيان، وينعكس هذا على المنتج السكني دون الاكتراث في معظم الأحيان بالكفاءة كأولوية قصوى.
تطوير الاراضي
من جانبه قال مهندس التخطيط المدني أسامة الوسمي إن حديث سمو ولي العهد عن “روشن” العقارية رفع من وعي وفهم وإدراك المواطن قبل التاجر والمطور العقاري لما سوف تكون عليه الأراضي المعدة للبيع في المستقبل القريب، وأيضاً رفع كفاءة القطاع العام قبل القطاع الخاص في تطوير الأراضي، حيث عانى كثير من المواطنين من الأراضي التي يتم شراؤها بدون خدمات أو بنية تحتية تبدأ بعدها رحلة البحث عن هذه الخدمات من الجهات الخدمية والتي تستغرق سنوات ليست بالقليلة.
مؤكداً أن روشن نموذج فريد لتحقيق وضع عقاري مثالي للمواطن لايكلفه سنينا من الانتظار للوصول للخدمات والبنية التحتية ماء- كهرباء – صرف صحي – اتصالات .. لافتاً إلى أن “روشن” عنصر جوهري لجودة الحياة التي هي أحد برامج رؤية 2030 ونموذج يحتذى به.