جدة-ياسر بن يوسف
أكد خبراء في الطاقة، أن تصريحات وزير المالية محمد الجدعان، حول توفير 800 مليار ريال خلال السنوات العشر المقبلة، من خلال إحلال مصادر الطاقة المتجددة والغاز، ستحفز عدداً من الجهات على تسريع وتيرة العمل في هذا القطاع المؤهل للمساهمة الفاعلة في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني، وستجعل المملكة قادرة على قيادة دول المنطقة في الطاقة المتجددة.
وأكدوا أن المبادرة السعودية باستبدال ما لا يقل عن مليون برميل من المكافئ النفطي في السنوات العشر المقبلة واحلال الغاز والطاقة المتجددة، ستكون بمثابة انطلاقة مهمة نحو المستقبل، ودافعاً لفتح أسواق تصدير جديدة في عدد من الدول الأوروبية، استناداً على الامكانات الكبيرة والموارد الطبيعية التي تكتنز بها شتى مناطق المملكة.
الدكتور حسين بن محمد باصي، أستاذ هندسة الطاقة المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز، والمتخصص في الطاقة المتجددة، أشار إلى أن توجه المملكة على هذا النحو يبرهن أنها تسير على الطريق الصحيح، حيث أن الاستفادة من الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي بالشكل الأمثل، سيقود إلى تحقيق الكثير من الفوائد، أهمها تقليل الاستهلاك المحلي للبترول، والمساهمة في صناعة الطاقة المتجددة وتصديرها، وسيدعم موقف مملكتنا الحبيبة بوصفها دولة محورية في نقل التقنيات، فهذا الطريق سيؤدي إلى صناعة مكونات الطاقة المتجددة، ويدفع إلى تصدير هذه التقنية للخارج بعد تطويرها.
ولفت إلى أنه من الممكن انتاج الطاقة البديلة، وبيعها للدول المجاورة وعدد كبير من دول أوروبا، وصناعة مكونات الطاقة أيضا، وقال: يبدو ذلك واضحا جدا في منهج الابتكار الذي تبنته المملكة بعدة أشكال، أخرها اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، فهناك جهود تكاملية مع عدة جهات، مثل وزارة الطاقة وغيرها لتحقيق هذا العائد المأمول من الطاقة المتجددة وتطوراتها القريبة بإذن الله.
ويرى خالد احمد شربتلي، شريك تنفيذي تكنولوجيات الصحراء أن تصريحات وزير المالية عن العوائد المتوقعة لانتاج الطاقة البديلة والغاز، تكتسب أهمية كبيرة، حيث أن المملكة لديها القدرة والامكانات التي تؤهلها لتوفير 800 مليار ريال (213.34 مليار دولار) على مدار السنوات العشر المقبلة يمكن استغلالها في الاستثمارات ومشاريع التنمية، مؤكداً أن المثال الذي طرحه الوزير واقعي، حيث أنه يتم شراء الوقود من الأسواق العالمية بـ60 دولاراً ثم بيعه إلى المرافق السعودية بـ6 دولارات، أو يتم استخدام جزء من حصتنا في أوبك للبيع بـ6 دولارات، وفي حال استبدال مليون برميل من النفط المكافئ بالطاقة المتجددة والغاز سيؤدي ذلك إلى توفير 80 مليار ريال سنوياً، وهو حلم يبدو قريب المنال، بل واقعي وقابل للتنفيذ على أرض الواقع.
وشدد على أن الطاقة المُتجددة تشهد انخفاضاً مستمراً في التكاليف، بالرغم من التقدّم الحاصل في تطويرها، حيث أصبحت المعدّات المستخدمة فيها أكثر كفاءة، وأصبحت التكنولوجيا والأعمال الهندسيّة أكثر تطوّراً أيضاً في هذا المجال، بخلاف الغاز، والوقود الأحفوريّ، ومصادر الطاقة الأخرى التي رغم ميّزاتها إلّا أنّها تتسم بتقلّب الأسعار بشكلٍ دوريّ.
وأوضح الاقتصادي الدكتور عادل الصحفي أن المشاريع العملاقة التي أقدمت عليها المملكة في الآونة الأخيرة ومنها الاتفاقات التي أبرمتها لشراء الكهرباء مع 7 مشروعات للطاقة الشمسية ضمن خطة لتحقيق أقصى استغلال لمزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء، تبرهن على الخطوات الجادة التي تسير بها في هذا الاتجاه، وتكشف عن الرغبة الصادقة في تحديث الاقتصاد السعودي وتوفير فرص تواكب المتغيرات الحديثة التي يشهدها العالم، وتؤدي للحد من الاعتماد على إيرادات النفط، ولاشك ان إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح محليا بالتواكب مع تطوير المكونات الأخرى للطاقة المتجددة والاعتماد على الغاز، سيجعل المملكة خلال الأعوام العشرة المقبلة مركزا عالميا للطاقة التقليدية والمتجددة وتقنياتها.
ونوه إلى أنه علاوة على الجدوى الاقتصادية الكبيرة، فإن الطاقة المُتجددة تتميز بأنها غير قابلة للنفاد، مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى؛ وهذا يعني أنّها متاحة دائماً، مثل: الشمس التي تُنتج الطاقة، وتندرج ضمن الدورات الطبيعيّة، وهذا الأمر يجعل الطاقة المتجددة عنصراً أساسياً في نظام الطاقة المُستدامة الذي يُعد قابلاً للتنمية والتطوّر دون المخاطرة، أو إلحاق الضرر بالأجيال القادمة، كما أن طاقة الرياح والطاقة الشمسيّة لا تتطلّب وجود المياه أصلاً، وبالتالي فإنّها لا تلوّث موارد المياه، أو تستهلك الإمدادات اللازمة للزراعة، أو للشرب، أو غيرها من الاستخدامات.