حَكت إحدى المعلمات موقفًا مؤثّرًا حدث لها مع طالبة في المرحلة الابتدائية، حيث سألتها عن مسألة بسيطة جدًا في الرياضيات، فامتنعت الطالبة عن الإجابة، واصفة نفسها بالغباء، تعجبت المعلمة وسألتها عن السبب، فقالت: أمي دائمًا تقول عني غبيّة.
فكّرت المعلمة كيف تعالج هذا الفيروس المدمّر الذي ترسَّخ في عقل هذه الطفلة، فطلبت منها محاولة الإجابة مره أخرى مع مساعدتها في ذلك، وقد نجحت، وأشادت بها أمام زميلاتها مما كان لهذا السلوك من أثر نفسي كبير في مقاومة هذا الفيروس الفكري، الذي بُرمج في عقل هذه الطفلة.
من حسن الحظ أن فترة “حضانة” الفيروس داخل عقليتها قصيرة، ولو كان طويلًا لاكتسب قوة وتمكينًا، مما قد ينتج عنه تغيرات مؤسفة بالمشاعر والسلوكيات في جميع مجالات حياتها ومستقبلها، حيث يتشكل مع الزمن ويزداد خطرًا ليصبح مدمرًا.
إن التربية والبيئة المحيطة الخاطئة تشكلان فينا عدوًا غير مرئي من فيروسات نفسية على شكل أفكار تؤثر في مشاعرنا وسلوكياتنا تجاه أنفسنا والمجتمع، وقد أشارت الدراسات إلى أنّ شخصية الطفل تتكون خلال السنوات الخمس الأولى من حياته، ومن ذلك “عقدة النقص”، وأهم أعراضها الشعور بالخجل، والخوف من مواجهة الآخرين، واعتبار نظرة أو رأي الآخرين بمثابة حكم أو إدانة أو لوم أو سخرية، والدخول في دائرة المقارنة التي تعمل بطاقة الكراهية والكذب والترهيب والتدمير والقمع والخضوع.
ضحايا الفيروسات النفسية كُثر ، فمنهم من أفقده السيطرة على وعيه تمامًا، فهو مصاب وناقل للعدوى ولا يعلم بذلك، حيث يعيش ويتصرف وفقًا لبرنامج الفيروس الذي يحمله عن نفسه، ومنهم من يتعافى عندما يطوي صفحة الماضي، ويعي أن آراء الناس ليست حقائق، والخطأ وارد، والتصحيح ممكن والتفاؤل مطلب.
فاصلة:
إن لقاح الفيروسات النفسية جرعة اعتراف بالمشكلة النفسية التي نحملها في أنفسنا، حتى لا ننقلها للآخرين. وجرعة ثقة نؤكدها بين فترة وأخرى ورفق نجعله منهجًا، وحب واحترام ننظر به للحياة، وفي الحديث: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف”.
Faheid2007@hotmail.com