البلاد – مها العواودة
تتصدى المملكة دوماً للانتهاكات الإنسانية الجسيمة ومن بينها التحرش، لحماية ضحاياه في المجتمع عبر مجموعة متخصصة أطلقتها هيئة حقوق الإنسان، لتقديم الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي والاجتماعي والقانوني لطالبي الخدمة من الضحايا والأسر، في إطار من الخصوصية والسرية التامة، ما يعزز سبل حماية ضحايا التحرش، وزيادة التوعية به وبأثره على الفرد والمجتمع كونه سلوكاً مشيناً يمثل أحد أوجه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ويأتي إطلاق المجموعة ضمن سلسلة تدابير وأنظمة اتخذتها السعودية لحماية ودعم ضحايا التحرش كنظام مكافحة جريمة التحرش، ونظام حماية الطفل، ونظام الحماية من الإيذاء، وغيرها من التدابير التي تستهدف مواجهة هذا السلوك، إذ أكد نائب رئيس لجنة الحقوق الإنسانية الثقافية والاجتماعية في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدكتور خالد منزلاوي لـ”البلاد” إن المجموعة المتخصصة لدعم ضحايا التحرش خطوة في الاتجاه الصحيح، وسيكون لها دور إيجابي في التصدي لهذه الظواهر السلبية من خلال إشراك القطاعات ذات الصلة بالعدالة والرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني، والمحلي، والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، والأسر والأطفال أنفسهم، للمساعدة في تفعيل الأنظمة وتطويرها لزيادة الوعي بالمشكلة والتصدي للمواقف والأعراف والممارسات التي تضر الأطفال وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لهم ولأسرهم.
من جهته، أكد الدكتور أحمد المسند أستاذ علم الاجتماع والمستشار الأسري والتربوي، أهمية هذا الموضوع الذي يستدعي ضرورة وجود مقرر دراسي يهتم بتوعية الأطفال بطريقة جاذبة في المرحلة الابتدائية وتعليمهم حماية أنفسهم، فضلاً عن أهمية الاهتمام والتربية الأسرية للأبناء منذ صغرهم وإطلاعهم على وجود ضوابط وموانع لمن حولهم تجاه الجسد لا يجوز لأحد النظر إلى بعض الأجزاء أو لمسها، موضحاً أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على النواة الأولى (الأب والأم) في حماية أبنائهم من التحرش، ومراقبتهم أثناء مشاهدة التلفاز أو الأجهزة المحمولة، وتقديم النصائح لهم بشكل مستمر وبطريقة لطيفة.
في السياق ذاته، أثنى رئيس المنتدي العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف الدكتور أيمن نصري، على تدشين مجموعة متخصصة لدعم ضحايا التحرش، لأن الظاهرة التي ارتفعت وتيرتها بشكل كبير في السنوات الماضية بشكل عام وأصبحت آفة تهدد السلم المجتمعي وتمثل انتهاكا واضحا لحقوق المرأة والطفل في الوقت التي تبذل فيه المملكة مجهودات كبيرة لتوفير الحماية للطفل وللمرأة وتمكينها اجتماعيا وسياسيا وهو الأمر الذي يعد استجابة سريعة لمطالب المجلس الدولي لحقوق الدول الأعضاء لتوفير الحماية الكاملة ضد التحرش والذي طالبت فيه المملكة بسرعة اتخاذ كل التدابير والإجراءات القانونية والتي من شأنها تعزيز حماية المرأة السعودية من حالات التحرش وهو الأمر الذي قوبل بتحرك سريع من خلال حزمة من القوانين تهدف إلي محاربة انتشار هذه الظاهرة ومعالجة الآثار النفسية المترتبة عليها من خلال منظومة علاج نفسي متكامل. وأكد نصري أن تدشين هذه المجموعة سوف يشجع الضحايا على التبليغ عن هذه الحوادث وعدم الخوف من التأثير على سمعتهم والإضرار بها، مشدداً على أن القانون يتماشى بشكل كبير مع الضوابط والعهود الدولية والأممية التي تدعم كل الخطوات التي من شأنها تقديم الحماية للمرأة والطفل من التعرض للأذى الجسدي والنفسي.
إلى ذلك، أوضحت أستاذ مساعد قسم علم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز عبير خياط، وجود مفاهيم خاطئة حول التحرش الجنسي وضحاياه، مبينة أنه بالرغم من اختلاف أسلوب التحرش، إلا أن الألم النفسي الناتج عنه ذو أثرٍ سيء، لا يزول لانتهاء الاعتداء، بل قد يمتد لسنوات طويلة يعاني ضحيتها من اضطرابات ما بعد الصدمة مما يجعل الموقف يتكرر ويتم استدعاؤه عدة مرات، وتعرف تلك الحالة بـ “التروما” النفسية. وترى أن فكرة إنشاء مجموعة مساندة على أيدي مختصين نفسيين، تساعد على علاج هذه الاضطرابات النفسية وتصحيح المفاهيم الخاطئة ودعم ثقة الضحية بنفسها والتي تعتبر مشكلة كبيرة لدى هؤلاء الضحايا.