غنيٌ عن التعريف أن يكون اهتمام الدول والمجتمعات، بالفئة العُمرية من الشباب في قمة اولوياتها، فهم أغلى ثروة يمكن الاعتماد عليها في كل مسارات التنمية، وشبابنا السعودي أهم المكتسبات الحضارية، والثروة الوطنية التي تبني عليها الأمة، مستقبلها وطموحاتها وآمالها، ومع هذه الطموحات والآمال، يظل السؤال قائما: ما الذي يمكننا تقديمه لهذه الثروة البشرية الثمينة؟ وكيف نستثمر هذه الطاقات الإيجابية لتكون مشاركاتها فاعلة ومؤثرة، على المستوى المحلي والدولي؟..
وبعيدا عن السؤال وإجابته يأتي اهتمام رموز الدولة، بثقافة هذه الأجيال، والوقوف معها جنبا لجنب، لتأكيد هذه الأهداف، وترجمتها لمشاريع عمل، هذا الى جانب التربية الفطرية، المدعومة بالقيم الدينية والأخلاقية، التي تواكب العادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية انطلاقا من حرص الحضارات الإنسانية على المحافظة على هذه المنظومة وتطوير وسائلها بما يتفق مع الروح العصرية.. ومن جامعة طيبة بالمدينة المنورة، جاءت الينا الإجابة الشافية الوافية، باستضافتها الأسبوع قبل الماضي، فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في محاضرة قيمة بعنوان: (المنهج الوسطي ودوره في تحقيق الأمن الوطني)،
المحاضرة التي تابعها آلاف المهتمين، بهذا الشأن من أصحاب الفضيلة العلماء، ورجال الفكر والأكاديميين، وطلاب الجامعات، عبر منصات التواصل الاجتماعي .. وهي بادرة تحسب لهذه الجامعة، في تعميق ثقافة الطالب الجامعي، كونه يحمل رسالة حضارية هادفة، يمكنه تعميمها على زملائه داخل الجامعة ذاتها، ولبقية طلاب الجامعات السعودية الأخرى عبر نماذج أكثر تأثيرا على الآخرين، يتم اختيارها من الطلاب .. ولجامعاتنا السعودية تجارب عديدة، نالت على إثرها براءات اختراعات علمية، تضاف لرصيد التعليم، للاستفادة منها محليا وإقليميا، وللمشاركة في مسابقات عالمية باسم المملكة ..
ولست بصدد كيل المدح لطلاب جامعة طيبة، أو أعضاء هيئات تدريسها ونجاحاتهم التي لا تغيب عنها الشمس والتي وجدت الدعم والتشجيع المعنوي والمادي لكن لعله من محاسن الصدف ان تكون الزيارة ويكون الضيف هو فضيلة الشيخ الدكتور السديس، لما لمعاليه من مكانة على مستوى العالم الإسلامي، وسبق له زيارات دول عالمية، ونحن نقترب من شهر الخير والبركات، شهر رمضان المبارك، ليكون لدينا مشروع وطني إسلامي، بتكوين فريق من طلاب جامعة طيبة، وبقية الجامعات السعودية، بالمشاركة مع رئاسة الحرمين الشريفين، لتجديد الانطلاق من المدينة التي انطلقت منها مواكب تصحيح مسار الأمة، تحمل على أعناقها دعوة السلام للعالم أجمع.
من خلال تبيين مكانة الدين الإسلامي، بعيدا عن الغلو والتطرف، وإنما في إطار الوسطية والاعتدال وقبول الآخر، عطفا على المشروع القائم في هذه الجامعة، ببرامجه المقننة ، تحت مسمى (سفراء الوسطية)، ليتم ابتعاث هؤلاء الطلاب حاملين الرسالة والدور لعدد من دول العالم، ولا تكون هذه الانطلاقة الى الدول الإسلامية فقط، فهؤلاء الشباب هم الأقدر على إيصال رسالة السلام، وحقيقة ان حرية الأديان متاحة للجميع، وإنما تقديم الصورة المثلى لسماحة الدين الإسلامي .. وإذا ما كتب الله النجاح لهذا المشروع، سيتحقق خلاله تعريف شباب العالم أجمع، بالدور الحضاري والإنساني، الذي تقوم به المملكة، في العديد من المجالات الإنسانية، وإغاثة الملهوفين من ضحايا الكوارث الطبيعية، وآثار الحروب وكذلك الأمراض الوبائية، التي اجتاحت العالم مؤخراً، ومنها فيروس (كوفيد ـ 19)، الذي تجاوز ضحاياه الملايين على مستوى العالم، ويبقى الهدف الأسمى، للرد على الهجمات المستعرة، ضد المملكة وتوجهاتها السياسية النبيلة الهادفة لبث روح التسامح.