البلاد – مها العواودة
دخل الصدام بين رئيسي الجمهورية والحكومة في لبنان طريق اللاعودة، بعد أن رفض رئيس الحكومة المكف ورقة ميشال عون واعتبرها مخالفة للدستور اللبناني، مبينا أنه التشكيلة التي أرسلها له رئيس الجمهورية تتضمن “الثلث المعطل” لفريقه لذلك لن يوافق عليها، ما يشير إلى أن تحالف “عون – حزب الله” لا يريد استقرارا للبنان باستمرار تعنته في الحصول على حصته كاملة في التأليف الجديد، وإلا سيمضي بالبلاد للانهيار التام.
وكان اللبنانيون يترقبون ما سيسفر عنه اللقاء الـ18 أمس، غير أن الأمور يبدو أنها ليست في صالح الشعب الذي انهكته الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تسبب فيها حزب الله وحلفاؤه. يأتي ذلك في وقت قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، إنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. وأضاف “البلد يسير على غير هدى ومنقسم. عندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة”، معربا عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان. ويرى مستشار رئيس الحكومة المكلف، مصطفى علوش لـ”البلاد”، أن مطالبة عون بـ”الثلث المعطل”، وضحت الحقائق وأظهرت من يقف أمام إنقاذ لبنان من الانهيار، إذ لا يريد تحالف “عون – حزب الله”، إعطاء الفرصة لتشكيل حكومة تنقذ لبنان من الغرق،
مشيرا إلى أن الخطوات القادمة لرئيس الحكومة المكلف تستوجب توسيع دائرة الاتصالات بينه وبين الدول الصديقة لحل الأزمة. في السياق ذاته، أكد وزير العدل اللبناني الأسبق اللواء أشرف ريفي لـ”البلاد”، ضرورة وجود دور خارجي فاعل لحل الأزمة اللبنانية في ظل غياب الحل الداخلي وما تعيشه المنطقة من صراع إقليمي دولي. وقال إنه في ظل عدم تقديم الرؤساء الثلاثة لأي جديد أو تبني حل حقيقي للأزمة اللبنانية، فإن اللبنانيين يراهنون على إرادتهم والدول الصديقة المخلصة لمواجهة المشروع الإيراني وأدواته في الداخل، لافتا إلى أن أغلب من وصل للسلطة في الداخل اللبناني لديهم فواتير عند حزب الله، وقليل منهم من يتجرأ على مواجهة المشروع الإيراني ومواجهة مليشيا حزب الله، مشيرا إلى أن تشكيل حكومة لبنانية جديدة على نسق الحكومات السابقة عبارة عن مرهم لمرض عضال، ولا أحد من اللبنانيين يراهن على أنها ستعطي نتائج. وأضاف “نحن نراهن على حكومة مختلفة. نريد سقوط هذه الطبقة الحاكمة الحالية وإعادة تشكيل سلطة من جديد، نراهن على المتغير الكبير”.
وقال ريفي، إن هذا الفشل متوقع لأن عقلية عون لا تبني دولة، بل تستكمل المشروع الإيراني. وأضاف ” لا يمكن المساكنة بين المشروعين الإيراني، واستقلالية القرار اللبناني”. وقطع ريفي بأن إطالة أمد وجود السلطة الحالية سيزيد معاناة اللبنانيين، حيث لاحل من خلال هذه السلطة. وتابع: كان من المفترض أن يقابل مسؤولو السلطة غضب الناس وعدم قبولهم بالنزول عند رغبتهم واستقالتهم. مسؤولو السلطة يعتبرون أنفسهم ضمن قطاع حزب الله ومستمرون في هذا القطاع، والشعب لم ير منهم سوى الويلات والأزمات وانهيار البلد، لقد نهبوا أموال لبنان واللبنانيين”. وحول ما إذا كان الشارع هو الخيار الوحيد الذي بات أمل اللبنانيين من أجل التغيير، قال: “لاشك أن اللبنانيين انتفضوا على الواقع المؤلم منذ أكثر من عام، والثورات لا تحقق مشاريعها بشكل حالي أو خلال فترة قصيرة قد تحتاج إلى وقت، ولكن أجزم أن الشعب اللبناني مصمم على إنقاذ بلده من هذه الطبقة التي تسببت في إفلاس لبنان، الشعب أشغاله معطلة، أمواله منهوبة وفقدت حاجاته الأساسية، والوطن دفع الثمن غاليا نتيجة أفعال هذه الطبقة”.