جدة – البلاد
تفاوض ثم انتكاسة، وتصريحات متبادلة، أوحت بنذر مواجهة، غير أن الأحوال تبدلت بعد إعلان وزارة الخارجية الإثيوبية أن التفاوض بـ”حسن نية” ممكن مع السودان ومصر، بشأن أزمة سد النهضة، والوصول بالتالي إلى صيغة تعاون مشتركة، واتفاق عادل ينصف جميع الأطراف ويكون مرضيًا، بحيث لا تتضرر منه دولة وتستفيد منه أخرى.
ويبدو أن البيان المشترك الذي صدر عن الخرطوم والقاهرة الأسبوع المنصرم، أزال الغشاوة من أعين المسؤولين الأثيوبيين، وجعلهم يبصرون “طريق التفاوض” بوضوح أكبر من السابق، خصوصًا وأن البيان أكد أهمية أن تبدي أديس أبابا “حسن النية” في التفاوض، فضلًا عن أهمية التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحفظ حقوقهما المائية ومصالحهما، إلى جانب أثيوبيا، ويحدّ من أضرار هذا المشروع على دولتي المصب، مؤكدًا أن البلدين لديهما إرادة سياسية ورغبة جادة لتحقيق هذا الهدف في أقرب فرصة ممكنة، مُطالبين أثيوبيا بإبداء حسن النية والانخراط في عملية تفاوضية فعّالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق. وفي الوقت نفسه، أبدى كل من السودان ومصر قلقهما إزاء تعثر المفاوضات التي رعاها الاتحاد الأفريقي، مُشددين على أن تنفيذ أثيوبيا الملء الثاني للسد بشكل أحادي “سيشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي للقاهرة والخرطوم؛ لا سيّما فيما يتعلّق بتشغيل السدود السودانية ويهدد حياة 20 مليون مواطن سوداني”، كما أنه يعد خرقًا ماديًا لاتفاق إعلان المبادئ المُبرم بين الدول الثلاث بالخرطوم في 23 مارس 2015. وبعد البيان مباشرة سارعت أثيوبيا بإعلانها الاستعداد “للتفاوض بحسن نية” مع الخرطوم والقاهرة، ما اعتبره مراقبون، تقدمًا إيجابيًا بعد تعنت أديس أبابا وتأكيدها على أنها ستقوم بتعبئة المرحلة الثانية للسد في يوليو المقبل، حتى لو لم يُتوصل إلى اتفاق، على الرغم من مقتح السودان الرامي لتحريك مياه المفاوضات الراكدة، بتشكيل لجنة رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وتوقع الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأثيوبية السفير دينا مفتي، استئناف المفاوضات قريبًا، مؤكدا أن موقف بلاده واضح بشأن الوساطة الإفريقية. وأضاف “متمسكون بها ونأمل نجاح مهمتها في التوصل لاتفاق بخصوص السد”.
وما بين تليين أثيوبيا لموقفها، وتمسك جميع الأطراف بالوساطة الأفريقية، يبقى حل أزمة سد النهصة رهينًا بما تتوصل له الأطراف الثلاثة خلال المفاوضات المتوقعة، الساعية لضمان اتفاق عادل وقانوني ومنصف، يلبي حقوق الدول الثلاث بشكل متوازٍ.