المبادرة تمثل السبق إلى فكرة لم يتم التطرق إليها من قبل والبدء في تنفيذها، بمعنى أنها محاولة من فرد أو جماعة هدفها إحداث فارق في الحياة الشخصية أو المجتمعية كلتيهما، وعادة ما يلبي تنفيذها الحاجة الشخصية أو المجتمعية التي لم تكن كائنة من قبل أو لم تكن بالمستوى المطلوب.
إن للمبادرات أهمية خاصة في حياة الفرد والجماعة فهي تفتح مجالات جديدة للأعمال والمشروعات وتمكّن الاستفادة من العناصر المادية والبشرية الأمر الذي يوفر فرصاً جديدة للعمل، كما تساعد الفرد على المشاركة في جهود تنشيط الاقتصاد من خلال تقديم الأفكار الرائدة، وتكشف القدرات والإمكانيات الكامنة في عقول الأفراد بجانب أنها تعين الفرد ليكون أكثر التزاماً ومسؤولية وتعلمه إدارة وتنظيم الوقت وأسلوب التفكير الإيجابي وترتيب الأولويات وغيره.
إن هنالك الكثير من الأشخاص الذين لديهم أفكار خلاقة ويعوزهم إخراجها للناس ليستفيدوا منها، وهنا يأتي الدور على القطاع الخاص ليبادر بتنظيم دورات لموظفيه حول كيفية صياغة وإخراج وتقديم المبادرات وتحديد الجهة التي تقبلها وتتبناها، على أن يكون موضوعها من صميم عمل هؤلاء الموظفين بغية إخراج أفكارهم في شكل مبادرات تساهم في تطوير عملهم.
وعلى صعيد المجتمع، فيقع العبء على المختصين فيه بالقيام بتقديم دورات في كيفية صياغة المبادرات وكيفية تقديمها للاستفادة من الأفكار الكامنة في العقول مع تحديد الجهات التي تقبلها وترعاها وتسعى إلى تنفيذها، ويمكن أن تكون هنالك جهات تقوم بدور الوسيط بحيث تأخذ المبادرة وتسلمها للجهات المختصة التي يمكنها الاستفادة منها، وفي هذا الصدد فإنني أقترح أن تكون هنالك أماكن لتوثيق المبادرات لتكون باسم الشخص الذي قدمها حماية لحقه الأدبي. وحتى يكون هنالك تحفيز لمخرجات العقول فمن الممكن تنظيم مسابقات لأفضل مبادرة على أن يكون هنالك تسليط إعلامي للمبادرة وصاحبها وبهذا يتفاعل الأشخاص ويقدمون أفضل ما لديهم من أفكار إبداعية.
أما بالنسبة للشباب الذين هم في المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا فيمكن أن تقوم الجامعة بتدريسهم كيفية صنع وصياغة المبادرات في مجال تخصصهم وكيفية إحداث التطوير في سنة تخرجهم من خلال تقديم مادة عن كيفية إخراج المبادرات التي تفيد التخصص الذي يدرسونه ويمكن أن تتبنى الجامعة المبادرة المميزة من بينها وتسجلها وتقدم جوائز لصاحبها لتحفيز الطلاب على تقديم المبادرات، وحتى مدارسنا يمكن لها أن تتبنى نهج المبادرات التي تفيد العملية التعليمية وتدفعها للتطور.
وأخلص إلى أهمية تنمية ودعم وتشجيع ثقافة المبادرة في المجتمع، وصولاً إلى أن تتنزل الأفكار الخلاقة لتنداح نسب الإبداع ومن ثم ارتفاع مستوى الإنتاجية في المجتمع ليتسق كل ذلك مع رؤية 2030.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@